الإماراتيون يحتفلون بيومهم الوطني.. متجاهلين أزمة ديون «دبي العالمية»

المرأة الإماراتية تحتفل بطريقتها الخاصة: مسيرة نسائية للسيارات تجوب الإمارات

طحنون بن محمد يشهد احتفالات العين بمناسبة العيد الوطني (« الشرق الأوسط»)
TT

إن كنت مواطنا إماراتيا أو مقيما في الإمارات، وحل عليك يوم الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، الذي يوافق العيد الوطني للإمارات العربية المتحدة، فإنك ستشهد احتفالات مختلفة عن العام الذي قبله، وهذا الأمر يستمر عاما بعد عام، ليس هذا كل شيء، بل إذا لم تكن من قراء الصحف أو متابعي القنوات الإخبارية فلن تعرف إن هناك أزمة تهيمن على إحدى الشركات الكبرى في دبي، وانتقلت تأثيراتها إلى العالم. فالجميع هنا احتفل أمس بعيد الاتحاد، لم يبدُ أن أي أزمة مالية قد أثرت على احتفالات المواطنين والمقيمين. امتلأت الشوارع بالعائلات، وتراقص الأطفال على أنغام الأغاني الوطنية، واستغل الجميع حلول عيدين على البلاد، عيد الأضحى والعيد الوطني، حتى يتساءل المراقب والمتابع: هل مرت أزمة «دبي العالمية» من هنا؟

ولأن الإمارات العربية المتحدة دولة ذات نظام فيدرالي تنضوي تحت لوائه سبع إمارات تتمتع بحكم داخلي مستقل، فإن التركيز على الدولة الاتحادية ككيان يجمع مواطني الإمارات أمر لا يقبل القسمة على اثنين، لذا تجد أن الجهات الرسمية تسعى بكل قوة لأن تستغل مثل هذه المناسبات الوطنية لتعزيز الولاء بين المواطنين لاتحاد دولتهم الذي تأسس قبل ثمانية وثلاثين عاما، وتحديدا في الثاني من ديسمبر من عام 1971، عندما وقع حكام الإمارات على تأسيس الاتحاد في إمارة دبي في ما أصبح يعرف بـ«دار الاتحاد» بعد ذلك.

و«دار الاتحاد» التي تقع في قلب دبي أصبحت منطلقا لاحتفالات أهالي الإمارات، الذين وإن كانوا يحتفلون في كافة الإمارات السبع فإنهم يجدون في مدينة دبي على وجه الخصوص موقعا مناسبا أكثر من غيرها لهذه الاحتفالات الوطنية، وأمس شهد الشارع الذي يبدأ من «دار الاتحاد»، وهو شارع الجميرا، مسيرات ضخمة جابت الشارع الذي يصل حتى آخر المدينة، عند برج العرب، طولا وعرضا وحتى وقت متأخر احتفالا بهذه المناسبة الوطنية، التي لا تجمع المواطنين من أبناء الإمارات فحسب، بل أيضا المقيمين في الإمارات الذين بدورهم يأخذون من الفرح نصيبا خلال مناسبة العيد الوطني.

ألوان العلم الإماراتي (الأخضر والأبيض والأحمر والأسود) كست الشوارع الرئيسية وخارج وداخل المجمعات التجارية الكبرى، والأنوار المضيئة بألوان العلم الإماراتي تزينت على الأعمدة والأبراج العالية وحتى الأشجار، وأينما تطأ قدماك ستجد أن هناك احتفالية أو على الأقل ملمحا لأن هناك احتفالا ومناسبة وطنية كبرى.

«رواية الاتحاد» كانت بالفعل إحدى الفعاليات الرئيسية لاحتفالات الإمارات بعيدها الوطني، حيث شهد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي هذه الفعالية في منطقة اعمار بوليفاد وسط مدينة برج دبي، حيث تم خلالها تسليط الضوء على المراحل التاريخية للمنطقة قبل فترة الاتحاد ومراحل تأسيس الاتحاد والتحديات التي واجهتها الإمارات في مسيرتها نحو التفوق والنهضة التي تعايشها في الوقت الراهن.

ومن أبرز البرامج المتنوعة التي شهدتها الإمارات أيضا، تلك المشاركة الفعالة لقطاع الرياضات البحرية في تنظيم أكبر مسيرة بحرية شعبية تضم ألوان الطيف. وشارك في فعالية السنيار أكثر من 80 قاربا برعاية الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي، حيث أقيمت المسيرة ضمن الفعاليات الرئيسية التي أعدتها لجنة دبي لاحتفالات اليوم الوطني الثامن والثلاثين.

وتضمنت المسيرة قوارب بحرية تقليدية وقوارب السباقات السريعة كالفيكتوري تيم وفريق فزاع وأبطال الدراجات المائية والقوارب الخشبية السريعة، إضافة إلى القوارب التراثية، 22 قدما، وسجل زورق «بحر دبي» الذي انتهت مشاركته للتو في بطولة العالم للشراعية الحديثة (آر سي 44) حضوره في المسيرة أيضا، بالإضافة إلى التاكسي المائي والعبّارات القديمة التابعة لهيئة الطرق والمواصلات، هذا بالإضافة إلى قوارب جمارك دبي والدفاع المدني وخفر الحدود والسواحل.

المرأة الإماراتية أبت إلا أن يكون لها بصمة حاضرة في هذه المناسبة، فقد انطلقت أمس المسيرة النسائية للسيارات والتي تضم أكثر من مائتي سيارة من مختلف الأنواع والموديلات من إمارة أبوظبي في اتجاه إمارة عجمان، مرورا بإمارتي دبي والشارقة تعبيرا من نساء الإمارات عن حبهن للوطن وقدرتهن على لعب أدوار مختلفة في كافة المجالات، لدعم نهضته وارتفاع راية بلادهم إلى عنان السماء. وتزين المشاركات سيارتهن بعلم الإمارات وشعار اليوم الوطني ليشكلن كرنفالا من الألوان التي تتسق جميعا لتكون مسيرة في حب الوطن.

ومن المنتظر أن تكون العاصمة الإماراتية أبوظبي قد شهدت مساء أمس تسجيل رقم قياسي يسجل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، من خلال إقامة أضخم عروض للألعاب النارية. وحولت هذه الألعاب النارية التي انطلقت من قصر الإمارات ليل أبوظبي إلى نهار، وارتفعت من عدة مواقع من العاصمة إلى نحو 200 متر.

مجموعة «دبي العالمية» التي ملأت العالم ضجيجا بإعلانها عن إعادة هيكلة ديونها البالغة 26 مليار دولار، رمت خلف ظهرها مشكلات وهموم أزمة الديون هذه، على الأقل ليوم واحد، حيث نظمت المجموعة يوما كاملا من الاحتفالات تضمن عددا كبيرا من الفعاليات، شارك فيه عدد كبير من موظفي مواني «دبي العالمية» بمن فيهم كبار المديرين والمسؤولين والموظفين وعائلاتهم في الفعاليات التي استمرت طيلة اليوم، والتي أقيمت في مقر الشركة بميناء جبل علي التابع لمواني «دبي العالمية».

وتضمنت الاحتفالات فعاليات تراثية وثقافية كعروض الصقور والحناء والرسم بالرمل واستعراض المواهب إضافة إلى مجموعة كبيرة من الفعاليات الأخرى، كما أقيم معرض للصور عن مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة، مما عزز السمة الوطنية للاحتفالات، وقامت إحدى الفرق التراثية بتقديم الكثير من الأغاني التقليدية، بالإضافة إلى إقامة ركن للملابس التراثية وسوق تقليدية أعدت خصيصا لتمنح الاحتفال نكهة الماضي الجميل.

انتهى يوم الثاني من ديسمبر على الإماراتيين، لكنه بالتأكيد سيستمرون في تذكرهم لعيد اتحادهم الذي جمع سبع إمارات مشتتة، تحت لواء الإمارات العربية المتحدة، وربما كان تزامن المناسبة مع تصدر الإمارات للأخبار العالمية في أزمة ديون «دبي العالمية» فرصة لكي يؤكد الإماراتيون أنهم صامدون، وأن هذه الأزمة سرعان ما ستزول، ولعل خروجهم أمس للاحتفال والبهجة بهذه المناسبة كان تأكيدا شعبيا على أنهم قادرون على مواجهة التحديات، كما أكد قادتهم أول من أمس.