أحمد عبد الوهاب يجسد معاناة العالم الثالث في معرضه بأتيليه القاهرة

خطوط وهياكل آدمية مسكونة بالفزع

الفنان أحمد عبد الوهاب في معرضه بأتيليه القاهرة
TT

أفواه فارغة، لكنها أحيانا تتراءى ملأى بالبؤس.. أعين مبحلقة في فزع، وإذا اطمأنت تكون في غيبوبة الموت. رؤوس كرؤوس الثعابين تتسلق على صدور عارية بعظام بارزة. ألوان مائية ما بين اللونين البني الفاتح والقاتم، تشبه الصحراء الأفريقية الجرداء، وإذا تغير لونها يتغير إلى خطوط سوداء معبرة عن حالة السكون الأبدي. إنها رؤية سريالية تعكس آلام العالم الثالث، في لوحات الفنان التشكيلي المصري، أحمد عبد الوهاب. وفي معرضه بأتيليه القاهرة، الذي أقامه قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية، خطّ الفنان عبد الوهاب بالتعاريج والخطوط آلام فقراء العالم الثالث في صور وأشكال مختلفة، امتزج فيها الواقع بالخيال، وما هو آدمي وحيواني بما هو نباتي وحجري. هكذا هي خلطة تفوح منها رائحة التاريخ القديم حين كان البحر يغطي شمال أفريقا ومساحات واسعة من الصحراء العربية. يمكن أن ترى ما كان قاعا للبحر حيث الأسماك والقواقع والنباتات المائية الرخوة، لكن كل هذا بقي في العراء بعد أن انسحب عنه البحر وتركه ساكنا في ثبات أبدي.

الأمر نفسه يمكن أن تقرأه في العديد من اللوحات التشكيلية الأخرى، والتي يزيد عددها على خمسة وعشرين لوحة، في معرض عبد الوهاب. نعم يمكن أن تقرأ الألوان البنية والرمادية والسوداء، ويمكن أن تقرأ الأوراق الخضراء التي تبرز بين سطور هذا العالم الأجرد النهم الواقف بين الثبات في السكون، وانتظار لحظة الانطلاق في بحر الحياة.

يقف الفنان عبد الوهاب بين لوحاته، وحين يسأله أحد عن المدرسة الفنية التي يتبعها في أعماله الفنية، يضحك ويقول: هذه هي المرة العشرون التي أتلقى فيها مثل هذا السؤال اليوم.. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: حين أرسم لا أفكر في القالب المدرسي الذي سأبدأ منه، لأن هذا يقيد العمل الإبداعي.. كل ما أفعله هو أنني أرسم بلا أي قيود، وحين تكتمل اللوحة تكون على ما هي عليه. بعد أن أنتهي من الرسم، يمكن للناقد أن يصنف أعمالي كما يحلو له.

تلامس خامات عبد الوهاب، طينة وأجواء البيئة المحلية، التي خبرها بخاصة في مرحلة التسعينات، حيث كان له العديد من الأبحاث في كيفية الاستفادة من خامات البيئة وتطويرها، مثل الاستفادة من الأوراق الكرتون، أثناء فترة عمله في التدريس بالمملكة العربية السعودية والتي استمرت لنحو ثلاث عشرة سنة. وحصل عبد الوهاب على كثير من الجوائز وشهادات التقدير من المملكة العربية السعودية، وله مقتنيات في كل من إسبانيا وألمانيا والسعودية ومصر. واللوحات التي شارك بها الفنان أحمد عبد الوهاب في معرض أتيليه القاهرة، تشترك في روح واحدة؛ روح المعاناة وانتظار لحظة الخلاص والفكاك من العوز والاحتياج.