افتتاح قاعة الأمير سلطان بن عبد العزيز للتراث الإسلامي في متحف أشموليان

الملكة إليزابيث قامت بافتتاح المتحف بعد تجديده

زائرة تنظر باهتمام إلى جانب من المعروضات في قاعة الفن الإسلامي
TT

قامت الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا أول من أمس بافتتاح متحف أشموليان العريق بمدينة أكسفورد، وهو من أقدم المتاحف في بريطانيا، والذي يضم قاعة خاصة للفن الإسلامي باسم الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وافتتح القاعة مع الملكة إليزابيث الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز آل سعود، سفير السعودية لدى المملكة المتحدة، نيابة عن ولي العهد السعودي.

وكان متحف أشموليان، وهو من أقدم وأشهر متاحف العالم، قد تقدم بطلب إلى الأمير سلطان بن عبد العزيز لدعم مشروع إنشاء قاعة للتراث الإسلامي، وقام الأمير بدعم المشروع بالتبرع بمبلغ مليوني جنيه إسترليني.

وتقديرا لهذا التبرع، قررت إدارة المتحف تسمية القاعة «قاعة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود للتراث الإسلامي». وكانت أعمال توسعة وتجديد المتحف قد بدأت في عام 2005م، واكتملت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2009م لتضم قاعة الأمير سلطان للتراث الإسلامي ومرافق أخرى.

وستيسر القاعة الجديدة إمكانية عرض تحف وقطع أثرية إسلامية قيمة، يملكها المتحف ولم يسبق أن عرضت للجمهور من قبل، لعدم توافر المكان المناسب لعرضها. وهو ما أشار إليه مدير المتحف كريس براون لدى استقباله لمجموعة من الصحافيين الشهر الماضي، حيث أشار إلى أن القاعات الجديدة سمحت للمتحف بترميم وعرض عدد من القطع الثمينة ظلت حبيسة المخازن لسنوات طويلة ولم تر النور من قبل، ضاربا المثال بقاعة المنسوجات التي تضم قطعا من المنسوجات الإسلامية والصينية والهندية لم تعرض من قبل.

وقال الأمير محمد بن نواف خلال الافتتاح «يعلم الجميع أن متحف أشموليان هو من أعرق المتاحف في العالم وأهمها، أما قاعة الأمير سلطان للتراث الإسلامي، وهي أحدث مرافقه، فقد أقيمت بتبرع سخي لهدف سام، هو خدمة التراث الإسلامي وتقديمه لزائري المتحف، من بريطانيين وغيرهم، بطريقة مميزة وصادقة». بينما أشار الدكتور براون إلى أن «قاعة الأمير سلطان بن عبد العزيز هي حجر الزاوية في التوسعة الجديدة، والتي تشتمل على مقتنيات من التراث الإسلامي، وهي بكل تأكيد أعظم قاعة للمعروضات الإسلامية، وهي أكبر قاعة في المتحف والأعلى ارتفاعا».

ومتحف أشموليان الذي فتح أبوابه للزوار لأول مرة في 24 مايو (أيار) عام 1683 «كمكتبة أو مركز للدراسة للرجال المتعلمين»، أعاد فتح أبوابه مرة أخرى مطلع شهر نوفمبر الماضي بعد اكتمال أعمال التوسعة والتجديد التي بدأت في عام 2005م، وتضمنت إنشاء صالات جديدة في المتحف بلغت تكلفتها نحو 61 مليون جنيه إسترليني.

وتميز المتحف ليس في عدد مقتنياته، فالمتحف البريطاني مثلا يفوق عدد مقتنياته السبعة ملايين قطعة، ولكن في نوعية المعروضات التي يقدمها بين جنبات مبناه القديم الحديث، والرسالة التي تحملها قاعاته الـ39 الجديدة، ومن أهمها قاعة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود للتراث الإسلامي التي تقدم المزيد من الفهم للثقافة الإسلامية بين الناس.

وأوضح براون أن جموعا غفيرة من الزوار توافدت على المتحف وعلى هذه القاعة بعد افتتاحها للزوار قبل 25 يوم تقريبا، مشيرا إلى أن المتحف زاره خلال الأسبوعين الأولين من إعادة الافتتاح أكثر من مائة ألف زائر.

ويبين أن هذا الرقم هو الأعلى لزوار متحف خارج العاصمة لندن، حيث سمع عبارات الإعجاب من الزوار بالقاعة والمعروضات الموجودة فيها.

وبين الدكتور براون أن الطريقة التي تم من خلالها تنظيم المعروضات في المتحف وفي قاعة الأمير سلطان بن عبد العزيز هي في «الأصل للتعبير عن التواصل الثقافي والتأثير الثقافي»، وقال «لذلك فإن التواصل والتأثير والعلاقة بين الشرق والغرب والعلاقة بين مكونات آسيا بنفسها جعلت الناس تبدأ في فهم ثقافات الآخرين والعلاقة بين هذه الثقافات وثقافتهم».

القاعة الجديدة ضمت عددا كبيرا من القطع البديعة الصنع من عصور إسلامية مختلفة، ويبرز منها عدد ضخم من الفخاريات والمخطوطات، بالإضافة إلى قطع السجاد. ويشير براون إلى جداريات من السيراميك معلقة في أحد جوانب القاعة قائلا «كانت تلك القطع موجودة في المبنى الإداري للمتحف، ولم تجد طريقها للعرض بسبب نقص المساحة». وفي جانب آخر توجد قطعة من القماش المطرز تعود إلى العصر العثماني، أما بالنسبة للفخاريات المعروضة فيشير براون إلى أن عددا كبيرا منها قام بإهدائه جامع التحف البريطاني جيرالد ريتلينغر (1900 ـ 1978) إلى المتحف.

وأفاد مدير المتحف بأن «قاعة الأمير سلطان بن عبد العزيز تخدم بالإضافة إلى الزوار العاديين، الأكاديميين والطلبة والباحثين من الجامعة لأغراض مختلفة تتعلق بدراسة الفن الإسلامي من جميع جوانبه خاصة أن متحف أشموليان بشكل عام لديه أهم المقتنيات على مستوى المتاحف التي تتبع الجامعات، كما أن مقتنياته تتميز بالعمق والثراء المعرفي».

وأكد الدكتور براون رغبة المتحف والجامعة في «تعميق التعاون مع الجامعات والمؤسسات السعودية». ووصفت أليساندرا شريدا، مساعدة منظم الفنون الإسلامية في الإدارة الشرقية للمتحف، تبرع الأمير سلطان بن عبد العزيز لإنشاء القاعة بأنه «فرصة ممتازة أتيحت لنا لتحديد مكان معين وهو المتحف لجمع هذه المعروضات».

وفي باقي أقسامه، يضم المتحف في الجانب القديم من مبناه مجموعات من اللوحات لكبار فناني العالم، من تيشان إلى بيكاسو إلى بيسارو، إلى جانب جناح ضخم للفخاريات يضم آنية من العراق وإيران، وقسما آخر للمجوهرات وآخر للآلات الموسيقية يضم آلة كمان من صنع ستراديفاريوس، وأيضا عددا من العباءات العربية التي ارتداها لورانس العرب وقام بإهدائها إلى كلية أول سانتس التي درس بها في أكسفورد، ومن ثم وجدت طريقها للمتحف. ويشير براون أيضا إلى مجموعات جديدة في طريقها للعرض قام المتحف باقتنائها مؤخرا.

براون، وهو القوة الدافعة وراء عملية تجديد متحف أشموليان، قال إن طريقة العرض داخل المتحف تهدف إلى التأكيد على العلاقات الثقافية. ويضيف «أردنا أن يكون هناك حوار بين المجموعات المعروضة وكأنها تنسج سردا ولقاء بين العوالم المختلفة». وقد يبدو ذلك الهدف خياليا، ولكن في الحقيقة تستطيع أن تلمس ذلك الحوار، فإذا كنت تقف على السلم الرئيسي الذي يربط بين القاعات الرئيسية تستطيع رؤية قاعة الفن الإسلامي على سبيل المثال أمامك، وإذا نظرت إلى الأسفل فهناك قسم المنسوجات وفي جانب آخر قسم الفن الهندي.

ويبدأ المتحف بقاعة العالم القديم، ومنها يمر الزائر إلى قاعة تحمل عنوان «تقاطع الطرق في آسيا» والتي تضم بابين من الخشب أهداهما تي آي لورانس (لورانس العرب) للمتحف كان قد اشتراهما خلال وجوده بمدينة جدة بالسعودية. أما الطابق الثالث فتوجد قاعة «الشرق يقابل الغرب»، والتي تستكشف تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب ما بين القرنين الـ17 والـ19. أما الطابق الأسفل فيقدم لمحات من تاريخ المتحف واستوديوهات الترميم.

المبنى الجديد الذي أقيم في شمال المبنى القديم للمتحف، يضم 39 قاعة عرض جديدة، وهنا يقول براون بفخر إن المبنى مستخدم بنسبة 100% في العرض، وإن كل المساحات فيه تمت الاستفادة منها ما بين قاعات للعرض وأربع قاعات للمعارض المؤقتة ومركز تعليمي واستوديوهات للترميم مقامة في الدور الأرضي، وتم أيضا استخدام السطح في إقامة أول مطعم على الروف يقام في متاحف بريطانيا كلها.