«مهرجان المهرجانات» ينطلق من بيروت بدعوة من «الجامعة العربية»

استنهاض التراث المحلي ينعش السياحة وفرص العمل

أحد عروض فرقة كركلا (إ.ب.أ)
TT

ترى «المنظمة العربية للتنمية الإدارية» أن المهرجانات التي باتت تستقطب مئات آلاف المتفرجين سنويا، في مختلف البلدان العربية، آن لها أن تنسق في ما بينها، وتتبادل الخبرات، من أجل تطوير عملها، والإسهام في التنمية الاقتصادية بشكل أكبر، وخلق فرص عمل جديدة لا سيما للشباب. ولهذا الغرض أعلن في بيروت، خلال انعقاد أول لقاء من نوعه، جمع مديري المهرجانات العربية إضافة إلى مسؤولين وأكاديميين أوروبيين وعرب متخصصين في المجال السياحي، عن ولادة «المؤسسة العربية للمهرجانات» التي يؤمّل أن تلعب دورا نشطا في تحفيز وتطوير المهرجانات الحالية.

ويشرح الدكتور رفعت الفاعوري، مدير عام «المنظمة العربية للتنمية الإدارية» المنبثقة عن «جامعة الدول العربية» في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «ثمة «أفكارا كثيرة من بينها، بل ربما أبرزها، جعل التراث جزءا أساسيا من اهتمامات المهرجانات». ويأسف فاعوري لأن «الطاغي على المهرجانات العربية الكبيرة اليوم، هو استضافة النجوم الغربيين الذين يقيمون حفلاتهم ويذهبون، ولا نجني فائدة كبيرة من مشاركتهم». ويشرح فاعوري أن «المنظمة ليست ضد استضافة النجوم الذين ندرك أنهم يحققون مداخيل جيدة للمهرجانات التي تستضيفهم، لكننا نجد أن الاهتمام بالتراث المحلي سيكون له مردود كبير على التنمية في المناطق التي تقام فيها الاحتفالات». وجدير بالذكر أن موضوع العناية بالتراث والفولكلور ليس ابتكارا جديدا. فقد بات العديد من المهرجانات الأوروبية تؤمن مداخيل طوال السنة للمدن والبلدات التي تقام فيها الحفلات، بفضل جذبها للسياح الذين يأتون لاكتشاف الخصوصيات المحلية، إضافة إلى الآثار والتعرف على العادات والتقاليد. وقد تحدث أكثر من مشارك في الملتقى عن «مهرجان أدنبره» في اسكتلندا، الذي يعتمد، بين ما يعتمد، على الجانب الثقافي والتراثي كما الأثري، ويجذب سنويا نصف مليون سائح. وأجرى كمال حمّاد، عميد كلية السياحة وإدارة الفنادق في الجامعة اللبنانية مقارنة بين هذا المهرجان، ومهرجان جرش الذي ابتدأ عام 1981 ومع ذلك لا يستقطب اليوم سوى 175 ألف سائح، فيما مدينة جرش كموقع أثري وبمعزل عن المهرجان تجذب وحدها نصف مليون سائح سنويا. ويؤكد الفاعوري مدير عام «المنظمة العربية للتنمية الادارية» أن «المنظمة التي تعنى بالمنتج الإداري تدرك جيدا وتبعا لدراسات علمية أن الاهتمام بالجانب الثقافي والفولكلوري والتراثي ـ وهو ما نفتقده الآن ـ سيفتح أبوابا جديدة، ويجعل المداخيل تتدفق، ليس فقط لعدة ليال محدودات، وهي مدة العروض، وإنما على مدار السنة».

وقد وجه عدد من الحاضرين، وغير العاملين مباشرة في تنظيم المهرجانات، نقدا لاذعا لمنظميها. فقد اعتبر وليد غلمية مدير المعهد الوطني للموسيقى في لبنان، أن المهرجانات العربية تعاني من تقصير كبير في عمومها. وابتدأ غلمية بـ«مهرجانات بعلبك» التي رأى أن من يتابع برامجها يشعر أنه أمام تناقض محير، وأنها بميزانيتها تستطيع أن تقدم أحسن مما تفعل. أما «مهرجانات بيت الدين» فكادت تسبق بعلبك أيام عزها قبل الحرب، لكن ذلك لم يحصل. ولم يترك غلمية مهرجانا عربيا إلا وانتقده باستثناء «مهرجان البستان» الموسيقي اللبناني. أما الكاتب والصحافي يقظان التقي، فقد قال: «حذارِ السياحة كمضمون مادي فقط وتبسيطي!» ورأى أن «مديري المهرجانات باتوا مجرد موظفين همهم الإعلام الصحافي أو المردود الإعلامي بصرف النظر عن القيمة الثقافية نفسها.. فقد انتقلت إدارة المهرجانات من أيدي المثقفين إلى أيدي شركات سياحية، وأحيانا إلى موظفين يسعون وراء شباك التذاكر». وتساءل: «كيف يمكن تقييم المهرجانات العربية اليوم في غياب الإنتاجات الجدية والتراجع العام في الفنون؟ وما هو مستقبل المهرجانات الصافية أو الخاصة؟ هل تلغى المهرجانات الخاصة لأنها لم تعد جماهيرية ولأنها صارت خارج الإعلام النقدي، وهناك مهرجانات تجري في العالم العربي ولا يكتب عنها؟!» «المهرجانات تحولت بسرعة قياسية إلى ظاهرة ثقافية هي الأهم من نوعها في العالم» حسب ما قال اكزفييه غريف، أستاذ اقتصاد الفنون والإعلام في جامعة السوربون، وقال إن إيطاليا مولت مهرجاناتها الموسيقية عام 2005، والتي يزيد عددها على الستين مهرجانا، بمبلغ تعدى 8 ملايين دولار، وهذا ينطبق على مختلف الدول الأوروبية باستثناء بولونيا التي تزدهر فيها المهرجانات المسرحية بشكل خاص، وتتقدم على الموسيقى، في ما يأتي ترتيب المسرح ثانيا بعد الموسيقى في الدول الأوروبية الأخرى.

وأطلقت خديجة اللقيس التي أشرفت على إعداد الملتقى اسم «مهرجان المهرجانات» على هذا الجمع الذي أحيا فندق «موفنبيك» في بيروت على مدار ثلاثة أيام واختتم أعماله يوم أمس. وأقيم هذا اللقاء تحت رعاية رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الذي أناب عنه وزير السياحة فادي عبود، كما حضر كضيف شرف وزير الإعلام والثقافة السعودي عبد العزيز خوجة ووزيرة الإعلام والثقافة البحرينية مي آل خليفة.