التشكيلي السعودي أحمد ماطر.. في اللوفر

يتحدث عن حياته مع الطب والفن والعلم

أحمد ماطر ومشروع البقرة الصفراء ومن مجموعة «إضاءات» و«مغناطيسية»
TT

ضمن مشروع منتدى الفنانين الخليجيين الذي يستضيفه متحف اللوفر في باريس، وترعاه كريستين ديفيد، يقوم الفنان السعودي الدكتور أحمد ماطر، بإلقاء محاضرة يوم الجمعة 11 ديسمبر (كانون الأول) بعنوان «الفن والعلم والهوية» يتحدث من خلالها عن مفردات عالمه الفني والمشاريع الفنية التي قدمها، ومنها سلسلة «إضاءات بالأشعة» و«مغناطيسية» ومشروع «البقرة الصفراء».

ويقول ماطر في حديث لـ«الشرق الأوسط» حول المحاضرة «أتحدث عن تجربتي كمثال على تجارب الفنان المعاصر وعن والبيئة التي نشأت فيها».

الملاحظ في أعمال ماطر الربط بين الثقافة المحلية وتجربته العملية كطبيب في أعماله الفنية ولعل من أكثر الأعمال التي اكتسبت شهرة في أوروبا والشرق الأوسط هي سلسلة «إضاءات» التي يمزج فيها ماطر بين صحائف الأشعة الطبية بالكتابات والرسومات التراثية والإسلامية، التي عرضت إحداها «أشعة 2003» في المتحف البريطاني وهي أيضا ضمن مقتنيات المتحف العريق، وقتها علق ماطر على اللوحة بقوله: «استخدمت في هذا العمل تجربتي الذاتية وأدمجت فيها الموروث الديني المتمثل في الكعبة، وهي تحتوي على تعبير بسيط ذاتي مستوحى من المشهد اليومي». ومن أعماله الأخيرة التي شارك بها في معرض «آرت دبي» العام الماضي وأيضا في معرض «حافة الصحراء» على هامش بينالي البندقية هذا العام، لوحة «جاذبية مغناطيسية» والمأخوذة من العمل المركب الذي يحمل الاسم نفسه. وخلال حديثه مع «الشرق الأوسط» في البندقية وقتها قال ماطر، إن اللوحة تتكلم عن الروحانية التي يعيشها أي إنسان في الطواف، وبشكل أعم هي عن نقطة الخلاص في الأديان. يقول ماطر «المشروع فيزيائي، مغناطيس وبرادة حديد، نرى قوة تجاذب وتنافر في الوقت نفسه وهي تصنع حركة الطواف حول الكعبة. بالنسبة لي هذه هي الحالة التي أعيش فيها عند الطواف».

الكلمة التي يلقيها ماطر تدور حول تجربته كمثال على تجارب الفنان المعاصر في السعودية وعلى بيئة الفنان، وكيفية دخوله الحركة الفنية العالمية مع احتفاظه بمفردات الثقافة المحلية.

يقول ماطر «البداية ستكون عن مشهد الفن التشكيلي المعاصر في السعودية، ثم إلى تجربتي وانتقالي من الحركة المحلية والثقافة التراثية إلى المشهد الفني العالمي المعاصر، وسأربطها في حياتي كطبيب».

وتعتبر المحاضرة هي أول مشاركة فنية لماطر في فرنسا، وإن كانت الأيام القادمة تحمل معها الكثير من المشاركات داخل السعودية عبر معرض «حافة الصحراء» الذي سيقام في الرياض ثم سينطلق بعدها إلى عواصم عالمية يتلو ذلك معرض شخصي في لندن في أكتوبر (تشرين الأول) من العام القادم.

عندما يتحدث ماطر عن تجربته الفنية يذكر مشروع البقرة الصفراء، الذي عرض لأول مرة في بينالي الشارقة الدولي، ويقول إن المشروع يرتبط عنده بصورة البقرة كما قرأها في القرآن، «إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين» ويضيف «بعض الأحيان يمتلئ الإنسان بالأفكار والتخيلات وكان مشهد البقرة الصفراء هاجس عندي من زمن.. كيف أقدم هذا المشهد؟ ذهبت إلى القرية واخترت بقرة بيضاء رجع لي الهاجس مرة أخرى ولكني هذه المرة قررت أن أحرر الفكرة أكثر، وأصنع منها منتجات».

على المدونة الخاصة به وتحت عنوان «منتجات خالية من الأيدلوجيات» يقول ماطر «في عالم البقرة الصفراء العالم يبدو بلون مبهر ومرح. ذلك البريق يوحي بأنه أيضا ذو قيمة عالية، أنه كل ما يريده الإنسان وكل ما يعيش من أجله ولكن بمجرد أن يتملكك هذا العالم (بينما أنت تظن أنك أنت المالك له) تبدأ في استيعاب أنه عالم هزيل وتتحول أنت بالتالي إلى إنسان هزيل ومهترئ».

ومن خلال المشروع تتحول البقرة الصفراء على يد المستهلك إلى سلعة في السوق فعبر شريط فيديو يصاحب محاضرة ماطر في اللوفر نرى الفنان وهو في قريته يختار بقرة بيضاء ثم يلونها باللون الأصفر وفي لقطات متتابعة نرى تلك البقرة وقد تحولت إلى منتجات استهلاكية من الألبان والأجبان تحتل أرففا في المحلات التجارية. بالنسبة لرؤية ماطر فإن ذلك يعد انعكاسا لغرور الإنسان الذي يدمر الأراضي والنباتات والطبيعة من أجل تحويل تلك الأشياء إلى منتجات تجارية.

وسيدخل مشروع البقرة ضمن العروض الجديدة في المعرض الشخصي الذي سيقيمه ماطر في لندن العام القادم إلى جانب 5 مشاريع أخرى.

ومن جانب آخر يشير ماطر إلى مشروع جديد يعد له وهو «كتاب نطلقه في معرض لندن للكتاب في مارس القادم. الكتاب يحمل عنوان المحاضرة نفسها «أحمد ماطر، الفن والعلم.. هوية». وأعده ستيفن ستابلتون، أمين معرض «حافة الصحراء وآخرون، ويدور حول عالم أحمد ماطر ومشاريعه الفنية. وعن تجربته مع المزادات العالمية خاصة بعد أن عرضت إحدى لوحاته للبيع في مزاد دار كريستيز في دبي في مارس (آذار) الماضي يشير ماطر إلى أنها تجربة مهمة لأي فنان ويعتبر أن المشاركة في المزادات العالمية بمثابة «فتح الباب للتعريف بالفن السعودي وأعتقد أننا ما زلنا نحتاج إلى وقت أكثر لننضج أكثر ونعرف العالم بنا وجوانبنا الثقافية».

يرى ماطر أن معرض حافة الصحراء الذي يرعاه بصفته مؤسس مشارك مع ستيفن ستابلتون، الذي لاقى نجاحا خلال عرضه في لندن ثم على هامش بينالي البندقية، يعتبر الآن «وسيلة من وسائل دعم حركة الثقافة في السعودية». الجولة العالمية للمعرض ستبدأ بالرياض، وبعده تنطلق إلى دبي وبرلين واسطنبول.. وعبر فترة قصيرة تحول إلى علامة في الفن السعودي المعاصر ويفخر بتقديم الأسماء الجديدة في كل مرة. وبالنسبة للجولات القادمة يقول ماطر، عن آلية اختيار الأعمال الفنية المشاركة «تهمنا الأسماء الجديدة في عالم الفن ودعم المجهودات فنقوم بعمل بحث مكثف للفنانين في السعودية، ونجمع أعمالهم ونقابل هؤلاء الفنانين وعن طريق مجموعة من المقيمين في لندن يتم الاختيار». ويضيف أحمد تعليقا على سؤال حول اختفاء بعض الأسماء التي شاركت في المعرض الأول في لندن، وغابت عن معرض البندقية «هناك بعض الأسماء التي غابت في البندقية.. اختزلنا الأسماء بحيث نركز على الأعمال الأكثر معاصرة، التي بها حداثية تتناسب مع جو وفكر البينالي بشكل أكبر.. ويفترض في الفترة القادمة أن يزيد عدد المشاركين في المعرض».