استعراض تاريخي للجمال الأسود عبر التصوير الفوتوغرافي

في كتاب «عرض الجمال»

وسامة ذكورية وجمال انثوي («الشرق الأوسط»)
TT

صورة المستعبد الذي تبدو عليه آثار السياط، وصورة البقايا المتفحمة لضحية أُعدمت دون إجراء محاكمة قانونية، وصورة المتظاهر الخائف الذي يهرب من خرطوم مياه إحدى سيارات الإطفاء... من الواضح أن هذه الصور وغيرها من الصور الصادمة التي تبدي حالة التفسُّخ هي ما يسطر على التاريخ المصوَّر للتجربة الأفرو ـ أميركية. ووسط الكثير من الصعوبات، قد يتساءل المرء عما يمكن قوله بخصوص الجمال الأسود في التصوير الفوتوغرافي. لقد قضت دبورا ويليز، رئيسة قسم التصوير والتخيُّل في جامعة نيويورك، عشرة أعوام تدرس هذه القضية. وفي كتابها «عرض الجمال: صور أفرو ـ أميركية من تسعينات القرن التاسع عشر حتى الوقت الحاضر» (نورتن، 49.95 دولار)، تقدم ويليز إسهاما كبيرا للثقافة الأميركية المعاصرة عن طريق عرض تاريخ محدد للجمال الأسود.

ويجذب عنوان الكتاب الانتباه إلى الازدواجية المحدد للعرض: «وضع الشيء والتساؤل حول سمات الجمال». وتتجنب ويليز التعريفات الجامدة، وتصور الصورة الملونة والحوارات التي يبلغ عددها في المجمل أكثر من 200 صورة وحوار جميع أصناف الأفرو ـ أميركيين وأشكال شَعرهم وبنياتهم المختلفة. وتأخذ ويليز القراء عبر مسح حريص وواسع للجمال في كل عقد منذ تسعينات القرن التاسع عشر. وفي كل صفحة تقوم بتتبع السياقات الجمالية والسياسية والاجتماعية المتغيرة، ولكنها لا تسمح لها أن تغلب على الموضوعات أو المصورين.

وتضمن كتاب «عرض الجمال» صورا تكشف عن شخصيات أميركية بارزة مثل السيدة سي غاي ووكر ودبليو إي بي دو بويس وجوزفين بيكر وجيمس برون وأنجيلا ديفيس وماكولم إكس وسرينا ويليامز وميشيل وباراك أوباما.

وتبدو الكثير من الشخصيات المعروفة خارج سياقهم المعتاد، حيث يصور ميلز دافيس واقفا أمام حمامه. وترسم كوندوليزا رايس على وجهها ابتسامة واسعة وهي تمسك بخوذة كرة قدم أميركية. وتعرض هذه الصور غير المتوقعة نظرات رائعة في جمال كل شخصية.

وتقدم ويليز أيضا صورا مفاجئة للنادلات والأطفال في صباح عيد الفصح وآخرين خلال خضم الحياة اليومية. وقد يكون الاحتفاء القائم منذ وقت بعيد بالجمال الأسود في المهرجانات والمواكب والمسابقات عنصر مفاجئة للقراء، وقد يتسبب في حدوث ارتباك لديهم. وربما لم تتخيل الجموع التي احتشدت في العشرينات من القرن الماضي في مسابقات الجمال التابعة لنادي الشاطئ الهادي يوما أنه سوف يتم تصويرهم في صورة شاملة تذكّر بالحدث وملكات الجمال في المقدمة. وإذا حاول خيط واحد أن يوحد الصور في هذه المجموعة المدهشة، فإنه تشابه الموضوعات في المبدأ وطريق عرض الجمال، وهو في ذاته انفصال جذري عن محاولات العرض الموضوعي للأفرو ـ أميركيين الأكثر شهرة داخل الذاكرة المرئية للبلاد. والمصورون الذين تملأ أعمالهم هذه المجموعة متنوعون كما هو الحال مع الموضوعات التي التقطوا الصور عنها. ويبتكر غوردون باركس وووكر إفانز وكارل فان فشتن وتشارلس (تيني) هاريس وأنطوني باربوز وأني ليبوفيتز أعمالا تثير العواطف تنقل تعقيد الجمال الأسود ونطاقه. ويقدّم رسم ماي ويمز الشخصي لعام 2006 الذي كان يحمل عنوان «نظرت ونظرت لأرى ما أثار الرعب لديك» إحدى الانكاسات الجذابة في العلاقة بين الموضوع والمصوّر والمشاهد. ومن خلال كتابها «عرض الجمال»، غيرت ويليز الكلام حول الجمال في الحياة الأميركية. وبعد عقود من الإقصاء والعزل بقي خلالها الجمال الأفرو ـ أميركي على هامش هذه الثقافة، تقدّم ويليز للقراء نظرة متأنية دقيقة تتناول علاقة الجمال بالسلطة. وهي تدعونا للتعجّب أمام المفاتن والروعة الموجودة في الصور وتعلمنا من خلال ذلك كيف نوسّع من تعريف الجمال داخل الخيال الوطني.

ومن خلال صفحات كتاب «عرض الجمال» يمكن للقراء إدراك النساء والرجال الأفرو ـ أميركيين سواء الساسة أو ملكات الجمال أو العارضات أو الأشخاص المتألقون والنسوة عاشقات الأندية خلال الأجيال المختلفة. وختاما، يعد الكتاب كنزا وانتصارا وإنجازا فرديا يدعو إلى نظرات جديدة وحثيثة من كل اتجاه.

* خدمة «نيويورك تايمز»