الابتسامة تعلو وجه هوليوود

مبيعاتها تتجاوز 10 مليارات دولار مع نهاية العام ونجومها ما زالوا متألقين

تزامن الركود مع صدور عدة أفلام خفيفة مثل فيلم «هانغ أوفر» من إنتاج وارنر براذرز
TT

لقد تمكنت هوليوود من تحقيق النجاح خلال العام الجاري رغم الأزمة المالية، وذلك حيث أخبرتنا بأن نمر مايك تايسون يتجول في المنزل، وبأن سبوك (شخصية في فيلم ستار تريك) تربطه علاقة عاطفية بأورا (من فيلم ستار تريك كذلك) وأن مدرسة هوغوارتس (فيلم هاري بوتر) تحتاج إلى مدير جديد، وأن نهاية العالم ستكون في 2012. وبالنسبة لجورج كولوني فإنه ظل «عاليا في السماء» طالما كان الأمر يتعلق بالنساء. وبنهاية العام، كان ذلك كافيا لكي يتجه دانييل داي لويس للغناء.

وتمكنت هوليوود من تجاوز أزمة الركود والخسائر التي منيت بها بعض الشركات من خلال إنتاج الأفلام ذات الميزانية الضخمة من خلال مبيعات شباك التذاكر الذي من المتوقع أن تتجاوز 10 مليارات دولار بنهاية 2009؛ وهو ما يعد معدلا قياسيا، كما أنه من المتوقع أن يساعد على تخفيف حدة الانخفاض الشديد لعائدات الـ«دي في دي». وكما حدث يوم الأحد، فإن دور العرض السينمائي في أميركا الشمالية كانت قد حققت بالفعل نحو 9.95 مليار دولار من مبيعات التذاكر وذلك خلال الأيام الأحد عشر المتبقية من عام 2009، وفقا لشركة موجو التي ترصد عائدات شباك التذاكر السينمائي الأميركي خلال الأسبوع.

والأهم من ذلك أن تلك الصناعة لم تصل إلى ذلك المستوى من النجاح من خلال زيادة أسعار التذاكر فقط. فقد ذكرت شركة موجو، أن نسبة الإشغال في دور العرض خلال العام الجاري وصلت حتى الآن إلى نحو 1.39 مليار بزيادة 3 في المائة عن العام السابق وذلك دون وضع الأفلام التي سيتم طرحها خلال موسم الإجازات القادم في الاعتبار.

ولكن حتى تلك النسبة ما زالت تقل بنحو 12 في المائة عن عام 2002، الذي شهد ذروة الإشغال في دور العرض خلال العقد الجاري، ولكنها على أي حال أفضل من نسبة الإشعال التي شهدها عام 2008؛ حيث انخفض معدل الإشغال بنسبة 4.5 في المائة؛ وفقا للبيانات التي أعلنتها موجو.

ومن جهته، يقول روبرت فريدمان رئيسة شركة الإنتاج «قمة الترفيه» التي أنتجت «تويلايت ساغا: نيو مون». وعلى الرغم من ذلك التحسن، ما زال أمام صناعة السينما الكثير الذي يجب عليها فعله إذا ما كانت تريد تحقيق معدلات جديدة في مبيعات السينما الأميركية. وما زال عام 2002 يحمل الرقم القياسي المعاصر حيث حقق 11 مليار دولار كمبيعات. ومن جهة أخرى، يساعد ارتفاع مبيعات تذاكر دور العرض الأميركية تلك الصناعة على تجاوز أزمة انخفاض مبيعات الـ«دي في دي». يذكر أن مبيعات الدي في دي كانت قد انخفضت خلال الأشهر الستة من العام بنحو مليار دولار أميركي مقارنة بالعام السابق، وذلك وفقا لبعض المحللين، حيث كان المستهلكون الأميركيون يحاولون تخفيض الإنفاق، بالإضافة إلى أن نظام اختيار فيلم السهرة ومشاهدة الأفلام على شبكة الإنترنت قد أصبحا يحظيان بشعبية أكثر.

ولكن المشكلة الأكبر هي أن زيادة عائدات شباك التذاكر الأميركي لا تتحول مباشرة إلى عائدات للاستديوهات الكبرى نظرا لأن تلك العائدات يتم تقسيمها بين دور العرض وغيرها من الشركاء.

وعلى الرغم من ذلك فإن الارتفاع في نسبة إشغال دور العرض جعل الاستديوهات تركز جهودها لأول مرة في التاريخ على عرض الأفلام الأكثر جاذبية للجمهور بدلا من عرض الأفلام ضئيلة الإنتاج للمساعدة على رفع مبيعات الـ«دي في دي».

ومن جهة أخرى، يقول توم روثمان رئيس «فوكس فيلمد إنترتينمينت»: «إذا جاء الناس إلى دور العرض وشعروا أنهم حصلوا على شيء يفوق قيمة التذكرة التي دفعوها فسيخرجون وهم سعداء ويعاودون التجربة مرة أخرى».

إذن، كيف ستتعامل هوليوود مع تلك النتائج؟

في ما يتعلق بالركود، يثبت التاريخ أن القول الشائع بأن عائدات السينما تتحسن في أوقات الأزمات ليس دقيقا على الإطلاق. ولكن ما لا شك فيه أن العامل الاقتصادي لعب دورا مهما خلال العام الجاري، وفقا للمحللين، حيث كانت الأفلام السينمائية توفر للجماهير ملاذا يستطيعون اللجوء إليه.

كما تزامن الركود مع صدور عدة أفلام خفيفة مثل فيلم «هانغ أوفر» من إنتاج ورانر برازرز – ويظهر نمر الملاكم الشهير تايسون في ذلك الفيلم الكوميدي الذي حقق على خلاف التوقعات مبيعات بلغت 277.3 دولار في شباك التذاكر الأميركي – بالإضافة إلى أفلام الإثارة منخفضة التكلفة مثل «تيكن» من إنتاج «تونتيث سينشري فوكس». ومن المثير للدهشة أن الاستديوهات لم تعتمد على الرجال – «إكس مين أوريجين: ولفراين» كان الفيلم الوحيد الذي يعتمد على بطل بين قائمة الأفلام العشرة الأكثر مبيعا - ولكنها اعتمدت إلى حد كبير على الأفلام المسلسلة ذات الإنتاج الضخم؛ حيث كان هناك سبعة أفلام ضمن العشرة الأكثر مبيعا هي أجزاء لأفلام سابقة مثل «المتحولون: انتقام المهزومين» والذي حقق مبيعات بلغت 402 مليون دولار في المبيعات المحلية.

ومن بين العوامل الأخرى المؤثرة كان انخفاض عدد الأفلام المعروضة في دور العرض: حيث انخفض عدد الأفلام بنسبة 14 في المائة عن العام الماضي. ولكن بصفة عامة، كان العامل الأكثر أهمية هو احتفاء الجماهير بالعرض ثلاثي الأبعاد الذي ارتفعت بسببه أسعار التذاكر ما بين 3 دولارات و5 دولارات أكثر من المعتاد.

ويقدر المحللون أن عائدات شباك التذاكر من الأفلام التي تعرض عرضا مجسما بلغت نحو 1.3 مليار دولار أميركي حتى الآن، من دون إضافة عائدات فيلم «أفاتار» لجيمس كاميرون والذي تم طرحه بدور العرض يوم الجمعة. وكانت مبيعات الأفلام التي يتم عرضها عرضا ثلاثي الأبعاد في 2008 قد بلغت 307 ملايين دولار أميركي.

وبناء على ذلك فمن المتوقع أن يزداد الإقبال على مشاهدة الأفلام ثلاثية الأبعاد؛ فهناك حاليا أكثر من 50 فيلما من المقرر عرضها عرضا ثلاثيا في السنوات القادمة؛ وذلك وفقا لشركة «ريال آي دي»؛ الشركة التي توفر التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد لدور العرض.

ومن جهة أخرى، تساعد شركة «آي ماكس» كبرى شركات العرض السينمائي التي شهدت زيادة في نسبة المبيعات خلال 2009 على تحويل الأفلام إلى أفلام ناجحة، ولشركة «آي ماكس» حاليا نحو 440 دار عرض سينمائي حول العالم، بزيادة 24 في المائة عن الربع الرابع من العام الماضي، وذلك وفقا لريتشارد غيلفوند المدير التنفيذي لأي ماكس.

وقد تواكبت بعض الاستوديوهات مع ذلك التوجه بينما اندمجت معها شركات أخرى بالكامل. ومن الشركات الست الكبرى في مجال الإنتاج السينمائي التي واكبت ذلك التوجه كانت شركة «وارنر برازرز» التي استحوذت على نسبة 20 في المائة من السوق، وما قيمته 1.9 مليار دولار من المبيعات في شمال أميركا. (وبإضافة أرقام المبيعات في الخارج يصل الرقم إلى 3.7 مليار دولار). جدير بالذكر أن فيلم «هاري بوتر والأمير غير الشقيق» وهو ثاني الأفلام الأميركية في شباك التذاكر والذي حقق 302 مليون دولار في مبيعات التذاكر قد تغلب على عقبة تجاوز الميعاد المحدد لعرضه والمخاوف التي كانت تتعلق بملل المشاهدين من السلسلة التي تدور حول السحرة الصغار بمدرسة «هوغوارتس» لتعلم السحر.

كما شهدت شركة «سوني» كذلك أفضل أعوامها؛ حيث حققت مبيعات تقدر بأكثر من 3.4 مليار دولار في شباك التذاكر العالمي، وهي نتيجة مبهرة نظرا لأن أيا من أفلام الشركة لم يكن ضمن الأفلام العشرة الأكثر مبيعا في أميركا الشمالية. ولكن المعادلة التي ساعدتها على النجاح كانت تتعلق بالنطاق المتنوع لتلك الأفلام: «ملحمة نهاية العالم 2012» وهو في فئة الأفلام مرتفعة التكلفة، «وبول بلارت: شرطي مركز التسوق» الذي ينتمي للأفلام منخفضة التكلفة وفيلم «جولي وجوليا» الموجه للنساء الناضجات» وفيلم «غائم مع فرصة لتساقط كرات اللحم» والموجه للأطفال.

ومن جهته، يقول دوغ بلغراد رئيس شركة كولومبيا بيكتشرز وهي إحدى الشركات التابعة لسوني: «إذا ما انتبهت ستجد نطاقا متنوعا من الجماهير بالخارج». ويضيف مات تولماك أحد رؤساء شركة كولومبيا: «إن الناس انتقائيون للغاية. فإذا ما جعلتهم يشعرون بأن ذلك الفيلم موجه لهم، تكون قد نجحت».

وقد تجاوزت «باراماونت» التابعة لشركة «فياكوم» حظها العثر من خلال فيلم «ستار تريك» الناجح الذي قام فيه السيد سبوك الشاب بتقبيل أورا خلاله، بالإضافة إلى تقديم جزء جديد من سلسلة أفلام «جي آي جو». ويرجع النجاح الذي حققته الشركة إلى اعتمادها على إنتاج عدد أقل من الأفلام مع اختيارها في الوقت نفسه لأفلام مبشرة بالنجاح. فمن المتوقع أن تنتج شركة باراماونت نحو 14 فيلما فقط خلال العام القادم بانخفاض 36 في المائة عن العامين الماضيين. وما زالت نتائج العام بالنسبة لفوكس غير واضحة، حيث إن نتائج ما تبقى من العام ما زالت معلقة على فيلم «أفاتار» الذي تكلفت ميزانية إنتاجه 310 ملايين دولار (قبل خصم الضرائب).

وعلى الرغم من أن الشركة كانت قد حققت نجاحا من خلال تقديمها للأفلام التي تتكون من عدة أجزاء مثل فيلم «ليلة في المتحف»، اتخذت فوكس واحدة من أفضل قراراتها بإنتاج فيلم الرسوم المتحركة «العصر الجليدي: فجر الديناصورات» والذي حقق 884 مليون دولار في المبيعات العالمية، 200 مليون دولار أكثر من فيلم «آب» الذي أنتجته شركة «والت ديزني».

لم يكن فيلم «آب» فيلما ضعيفا خاصة في أميركا الشمالية حيث إنه كان ثالث الأفلام الأميركية خلال العام الجاري بالنسبة لشباك التذاكر محققا 293 مليون دولار في المبيعات المحلية. ولكن ذلك لم يكن كافيا لمواجهة العام المالي السيئ الذي مرت به شركة ديزني للاستديوهات والتي حققت خسائر خلال ربعين متتالين من العام مما اضطرها لإجراء تغييرات إدارية. وكانت الأفلام ذات الميزانية الإنتاجية الضخمة؛ مثل أفلام «جي فورس» وفيلم «كريسماس كارول» بالإضافة إلى بعض الأفلام الأخرى مثل فيلم «اعترافات مدمنة تسوق» وفيلم «الأم البديلة»؛ من أسباب الانهيار الذي عانت منه ديزني.

وفي الوقت نفسه، مر الموزعون المستقلون بعام قاس، على الرغم من أن شركة وينستن قد حققت أرباحا خلال الصيف من خلال فيلم «إنغلورياس باستردس» وهو الإنتاج المشترك مع شركة يونيفرسال بيكتشرز والذي كان يأمل منافسة فيلم السيد داي لويس وطاقم الجميلات في فيلمه الموسيقي «ناين». وبعيدا عن ذلك الفيلم، كانت يونيفرسال تعاني من العثرات كذلك. فعلى الرغم من نجاح الجزء الجديد من «فاست وفيورياس»، واجهت الشركة خسارة تلو الأخرى بما في ذلك أكبر أفلام العالم «أرض الضياع». كما تم فصل أحد الرؤساء المشاركين للشركة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكانت الشركة حريصة على أن تؤكد أنها ستعيد بناء نفسها خلال العام القادم. خاصة في ظل وجود عدة أفلام كبرى في القائمة بما فيها الجزء الثالث من فيلم «Meet the Parents». ومن جهته، يقول أدام فوغلسون رئيس يونيفرسال: «نعود بذلك إلى ما نجحنا في عمله من قبل. وأنا متحمس لتلك البداية الجديدة».

* خدمة «نيويورك تايمز»