«وادي السيليكون» يشهد صحوة بمجال تنس الطاولة

بسبب إقبال المراهقين الآسيويين من أبناء المهنيين العاملين بمجال التكنولوجيا الحديثة

الاهتمام الأكاديمي المفرط بات من السمات المميزة للصورة النمطية عن الطفل الأميركي من أصل آسيوي لذا يحرص الآباء على تنمية اهتمام أطفالهم بالرياضة كي لا يجري النظر إليهم باعتبارهم حمقى («نيويورك تايمز»)
TT

عادة ما كان يضطر الشباب المتحمس لتعلم فنون كرة تنس الطاولة إلى السفر إلى بكين أو ستوكهولم أو موسكو لتلقي التدريب هناك على أيدي مدربين عالميين. الآن، لم يتعين عليهم الانتقال إلى ما هو أبعد عن ضاحية سيليكون فالي. وقال سريفاستاف تانغيرالا، 14 عاما، داخل أحد المنشآت الجديدة هنا المخصصة لممارسة تنس الطاولة: «أعمل جاهدا على أن أكون واحدا من أعظم لاعبي تنس الطاولة على مستوى البلاد». خلال التدريب، عمد هو و36 لاعبا آخرين تصل أعمار بعضهم إلى خمس سنوات إلى العدو السريع بين جانبي طاولة اللعب 45 مرة في النوبة الواحدة بهدف تدريب القدمين. تعالى صوت مدربهم قائلا: «انحنوا إلى الأمام». يعد هذا البرنامج التدريبي الأكبر من نوعه للشباب على مستوى البلاد، وتتولى إدارته «مركز الجالية الهندية» بالمنطقة التي ينتمي 60 في المائة من سكانها إلى الآسيويين. وقد نشأ الكثير من الآباء والأمهات هنا في مدنهم الأصلية، سواء بإقليم سشوان أو حيدر آباد، على ممارسة تنس الطاولة. الملاحظ أن أعداد نوادي تنس الطاولة بالمنطقة ارتفعت من 5 عام 1990 إلى 12 حاليا. وقد بدأت المنشأة الرياضية سالفة الذكر التابعة لـ«مركز الجالية الهندية» عملها العام الماضي بدعم مالي من قبل اثنين من رجال الأعمال الهنود، وتحولت بالفعل إلى مركز بارز لتفريخ المواهب الرياضية، التي من المأمول مشاركتها في دورات الألعاب الأولمبية المستقبلية. من بين هذه المواهب أريل هسنغ، 14 عاما، التي تحتل المرتبة الأولى بين لاعبي تنس الطاولة على مستوى ناشئي الولايات المتحدة، وتنتمي لمنطقة سان جوز في كاليفورنيا، وليلي زهانغ، 13 عاما، التي تحتل المرتبة الثانية، وتنتمي لمنطقة بالو ألتو بكاليفورنيا، زوج يحسب له ألف حساب في تنس الطاولة، ويأملان في المشاركة في دورة الألعاب الأوليمبية لعام 2012. ويجري تدريب الزوج وأكثر من 100 آخرين من المراهقين، أكثرهم من أبناء المهنيين العاملين بمجال التقنية المتطورة، على يد عناصر بارزة من شتى أرجاء العالم، مثل غاولين تانغ، من إقليم سشوان، وستيلان بنغتسون، البطل السويدي، وراجول شيث، المدير التنفيذي للمركز وأحد أبطال المنتخب الهندي. في الماضي، غالبا ما جاء كبار اللاعبين في تنس الطاولة من الصين، ثم نالوا المواطنة الأميركية بهدف المشاركة باسم الولايات المتحدة في دورات الألعاب الأوليمبية. اليوم، ينتمي 80 في المائة من اللاعبين الذين تبلغ أعمارهم الـ14 أو أقل إلى الأميركيين من ذوي الأصول الآسيوية، طبقا لما أعلنه «الاتحاد الأميركي لتنس الطاولة». في هذا الصدد، أوضح ديفيد ديل فتشيو، عضو «الاتحاد الوطني الجامعي لتنس الطاولة»، أن «الأطفال المجنسين الذين ولدوا وترعرعوا هنا ولديهم صلات بكلا الوطنين الماضي والحاضر يأتون في الصدارة». في ميلبيتاس، يترك رنين ضرب كرة تنس الطاولة أصداءه عبر الجدران. ونال ناشئو النادي التابع لـ«مركز الجالية الهندي» اهتماما صحافيا من قبل صحيفتي «سنغ تاو ديلي» و«إنديان إكسبريس». شبت والدة أريل، شيان هوا جيانغ، 46 عاما، مهندسة بمجال الحاسب الآلي، على ممارسة تنس الطاولة في فناء مدرستها في إقليم هينان. ونظرا لانتمائها لأسرة فقيرة، كثيرا ما كانت تضطر لاقتراض حذاء أبيض للمشاركة في البطولات. وأكدت أنه «سواء كان الجو صحوا أو ممطرا، كان الجميع يهرعون إلى طاولات التنس خلال فترة الفسحة المدرسية». اليوم، تنفق وزوجها، مايكل هسنغ، مهندس برمجيات من تايوان، 40.000 دولار على الأقل سنويا لتنمية موهبة ابنتهما بمجال تنس الطاولة، وأضافا إلى منزلهما غرفة بها طاولة للتدريب عليها. وتشارك ابنتهما أريل في بطولات مدرسية ودولية في طوكيو وتشيلي ودول أخرى. وقد حققت شهرة كبيرة بأدائها القوي لدرجة أنه جرت دعوتها العامين السابقين للعب في مواجهة بيل غيتس، رئيس شركة «مايكروسوفت» ووارين إي. بفت، المستثمر البارز. وتمكنت بالفعل من التغلب على لاعبي تنس الطاولة الذين دعاهم الملياردير يفت في حفل الاحتفال بعيد ميلاده الـ75 في سان فرانسيسكو. وأشارت أريل إلى غيتس وبفت بقولها: «إنهما شديدا البساطة والتواضع». رغم تنامي الاهتمام بتنس الطاولة على الصعيد الوطني - الأمر الذي يعود جزء من الفضل فيه إلى مشاهير أمثال سوزان ساراندون، التي افتتحت مؤخرا نادي «سبين نيويورك» الاجتماعي لتنس الطاولة في مانهاتن، فإن اللعبة لم تحظ بعد بمستوى قوي من النفوذ داخل الولايات المتحدة يضاهي شعبية كرة السلة. ويرى آباء وأمهات الناشئين أن هذا الأمر يزيد من صعوبة منافسة تنس الطاولة للألعاب الأخرى. جدير بالذكر أنه في ألمانيا، ينتشر الاهتمام بتنس الطاولة على نطاق واسع بدرجة تجعلها أشبه بحمى، مع بث المباريات تلفزيونيا، وحصول بعض المحترفين على أجور تصل إلى مليون دولار سنويا. إلا أنه داخل الولايات المتحدة، لا يزال يجري النظر إلى تنس الطاولة باعتبارها مجرد هواية. وتعرض ثلاثة جامعات فحسب - جامعة تكساس ويزليان في فورت وورث، وجامعة «لندين وود» سانت تشارلز في ميسوري، وجامعة بورتو ريكو في سان جوان - منحا دراسية بمجال تنس الطاولة. من جهته، أعرب راندي كابس، المحلل لدى «معهد سياسات الهجرة» في واشنطن، عن اعتقاده بأن الاهتمام المتزايد بتنس الطاولة بمنطقة سيليكون فالي تعكس التركيب السكاني لقاطني المنطقة، حيث ينتمي نصف الأطفال في عمر ارتياد المدارس إلى أبناء المهاجرين. وأضاف: «لقد ناضل الآباء والأمهات بجد كي يصلوا إلى ما هم عليه الآن. وينتظرون من أبنائهم القيام بالمثل». من ناحية أخرى، أوضح مين زهو، بروفسور علم الاجتماع لجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، أن ثمة اعتقاد شائع في أوساط الأميركيين ذوي الأصول الآسيوية بأن أطفالهم لن يتفوقوا بكرة القدم أو السلة، وأن تنس الطاولة هي اللعبة التي «يحظون بميزة فيها نظرا لروابطهم الثقافية». وأضاف أن «الاهتمام الأكاديمي المفرط بات من السمات المميزة للصورة النمطية عن الطفل الأميركي من أصل آسيوي. لذا، يحرص الآباء والأمهات على تنمية اهتمام أطفالهم بالرياضة كي لا يجري النظر إليهم باعتبارهم حمقى».

الملاحظ أن فرقا من الهند والمجر بدأت تفد إلى ميلبيتاس حاليا للعمل مع مدربين أمثال سيان أونيل، بطل الألعاب الأولمبية، وينتمي إلى مكلين بفيرجينيا. من جهته، قال أونيل: «اضطررت للسفر إلى السويد للتدريب»، مضيفا أن «مركز الجالية الهندية» «جاء بحدود العالم إلى داخل الولايات المتحدة».

*خدمة «نيويورك تايمز»