سكورسيزي: السينما تذيب الثلوج بين الشعوب وبوتقة لتلاقي الثقافات

المخرج الأميركي زار الإسكندرية ويحلم بتصوير فيلم عن العالم القديم

سكورسيزي مع الفنانة يسرا والممثل خالد أبو النجا وأحمد السقا
TT

كشف المخرج السينمائي الأميركي الكبير مارتن سكورسيزي، لـ«الشرق الأوسط»، عن حلمه بتصوير فيلم يحكي عن العالم القديم الذي كان مركزه مدينة الإسكندرية، قائلا «لطالما حلمت بتصوير هذا العالم، وفي طفولتي اعتدت تجسيده على لوحات الرسم، وتخيلته في المسرحيات التي كنت أشاهدها».

وأعرب مارتن سكورسيزي عن اعتقاده بأن السينما يمكنها أن تذيب الثلوج وتحقق التواصل بين الشعوب وتصبح بوتقة لتلاقي الثقافات. وأكد المخرج الأميركي الكبير أنه مطلع على مستجدات السينما العربي، وأنه يتابع السينما الحديثة، كما أنه شاهد معظم أفلام المخرج العالمي المصري يوسف شاهين والمخرج شادي عبد السلام. وأشار إلى أنه يتمنى أن يلتقي بصناع السينما العرب ليستمع إليهم ويستفيد منهم، قائلا «أحتاج أن أعرف ما الذي يحتاجونه لتقديم عمل روائي، فهذا الأمر سيلهمني كثيرا».

وعن أحدث أفلامه قال إنه من المنتظر أن يعرض فيلمه الجديد «شاتر أيلاند Shutter Island» في 29 فبراير (شباط) 2010، المقتبس من رواية لدنيس ليهان صدرت عام 2003، وهو بطولة ليوناردو دي كابريو وبين كينغسلي.. مشيرا إلى أنه عرض في مهرجان برلين خارج المسابقة الرسمية.

جاء ذلك في إطار زيارته الأخيرة لمصر، حيث عقد لقاء جماهيريا بمكتبة الإسكندرية الثلاثاء الماضي، حيث استضافه الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، في حوار مفتوح حول صناعة الأفلام كشكل من أشكال الفنون، والعوامل التي أثرت في أعماله السينمائية وبعض أفضل أفلامه. وحضر اللقاء نخبة من الفنانين المصريين والعرب وعدد كبير من المخرجين المصريين وعشاق السينما والمهتمين بهذا الفن الراقي. وسلط سكورسيزي الضوء على جوانب من مشواره وعلاقته مع القضايا التي قدمها في جملة أعماله والنجوم الذين تعاون معهم. ووصف سكورسيزي الممثل روبرت دي نيرو بأنه توأمه الروحي، مؤكدا أنهما شديدا التشابه في كل شيء، وتجمعهما صداقة منذ صباهما. وقال «لم تكن تجمعنا علاقات اجتماعية، ولكن كان بيننا أصدقاء مشتركون رغم خلفياتنا الثقافية المختلفة. لكن دي نيرو من أكثر الفنانين الذين استوعبوا القضايا التي أقدمها في أعمالي».

وأضاف تعاونت مع دي نيرو لفترة طويلة منذ 1973 في «مين ستريتز» (Mean Streets) و«تاكسي درايفر» (Taxi Driver) أو «سائق التاكسي» و«راغينغ بول» (Raging Bull) أو «الثور الهائج» و«جودفيلاز» (Goodfellas).

وروى المخرج الكبير حكاية فيلمه «راغينغ بول» Raging Bull الذي أخرجه عام 1980، الذي يعد من أهم الأفلام في تاريخ السينما الأميركية التي وثقت لسيرة ذاتية. وقال «جاء إلي دي نيرو ذات يوم وكنت يائسا من فشل بعض أفلامي، قائلا: لماذا لا تقدم فيلما عن الملاكمة؟ فقلت له إنني لا أعرف شيئا عنها، فقد قضيت عمري بعيدا تماما عن الرياضة. وأصر دي نيرو وجعلني أقرأ سيرة حياة جاك لاموتا».

واستطرد «وجدت أن في حياة هؤلاء ما يشغل فكري دائما وهو قضية الصعود والانهيار، مما دفعني أن أخرج هذا الفيلم. وقد حاز الفيلم إعجاب الجميع وفاز بجائزة أحسن تصوير في وقت لم يكن أحد يؤمن فيه بإمكانيات المخرجين ومواهبهم».

وحول أقرب الأفلام إليه، باح بأن فيلم «سائق التاكسي» من أقرب الأفلام إلى قلبه، وهو الذي حقق في وقت عرضه عام 1976 مليون دولار، لافتا إلى أنه لم يكن يتوقع له كل هذا النجاح.

من جانبه، أشار الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، إلى أن أفلام سكورسيزي قدمت التاريخ الأميركي للذين لا يعرفونه وتعمقت في جوانبه المجهولة. وقدم في فيلمه «عصابات نيويورك» صورة عن حالة المجتمع وفساده والتبرم الاجتماعي أثناء الحرب الأهلية.

يذكر أن مارتن سكورسيزي هو أحد أهم مخرجي السينما الأميركية وأكثرهم تأثيرا في عصره، وكاتب سيناريو، ومنتج، وممثل، ومؤرخ سينمائي. أسس سكورسيزي مؤسسة السينما العالمية، وهو حاصل على جائزة معهد الأفلام الأميركي (AFI) لإنجازاته في مجال السينما، كما فاز سكورسيزي بجوائز أوسكار، وغولدن غلوب، والأكاديمية البريطانية لفنون الفيلم والتلفزيون (BAFTA)، ونقابة المخرجين الأميركيين. ويرأس سكورسيزي كذلك مؤسسة السينما العالمية؛ وهي منظمة غير هادفة للربح تهدف إلى الحفاظ على الأفلام القديمة ومنع تحللها، وقد رممت فيلمين عربيين هما «المومياء» المصري لشادي عبد السلام، والفيلم المغربي «كيف الحال» لأحمد العنوني.