اللاجئون في أميركا يحتفلون في بداية العام بعيد ميلاد موحد

تقليد أميركي باعتماد الأول من يناير عيد ميلاد لمن لا يحمل أوراقا رسمية

أحد المهاجرين من دول أميركا اللاتينية يتحدث من خلال تليفون مجاني إلى أحد الاختصاصيين حول الإغاثة التي يحصل عليها العاطلون عن العمل في ولاية كاليفورنيا (إ.ب.أ)
TT

يعتقد عبد الله علي أنه ولد في موسم ممطر، لكنه متأكد نوعا ما من أن هذا العام كان عام 1984، لكنه لا يعلم الشهر تحديدا. وقد نشأ عبد الله وهو لا يعلم سنه أو يوم مولده.

لكن علي ورفاقه من اللاجئين يحتفلون معا كل عام في سان دييغو، حيث يقطن الآن مع زوجته وأقاربه وعشرات من اللاجئين الصوماليين. فجميعهم يتقاسمون يوم الميلاد نفسه وهو بداية العام الجديد.

وتشير إحصاءات وزارة الخارجية إلى أن من بين 80000 لاجئ استقروا في الولايات المتحدة هذا العام، سجل في أوراق ما يقرب من 11000 منهم الأول من يناير (كانون الثاني) كيوم ميلادهم. وقد أصبح هذا التقليد من منح يوم الأول من يناير (كانون الثاني) كيوم لمولد من لا يعلمون توقيت ميلادهم من الوثائق الرسمية تقليدا شائعا حول العالم.

كان الكثير من بين اللاجئين الذين قدموا إلى الولايات المتحدة قد ولدوا في المنازل عوضا عن المستشفيات من دون شهادات ميلاد أو بصمات يدين أو كاميرات لتوثيق هذه اليوم. فيما ولد آخرون في معسكرات اللاجئين أو في مناطق الحرب حيث يندر وجود سجلات للمواليد. وغالبا ما يتم تذكر تواريخ ميلادهم بصلتها بأحداث مهمة، كعام المجاعة أو الموسم الذي هاجم فيه الجنود القرية أو وقت الفيضان.

على الرغم من عدم نيل بعض الآباء قسطا من التعليم وعدم معرفتهم بكيفية تسجيل تواريخ ميلاد أبنائهم فإن آخرين، مثل هامونغ القادم من لاوس، لا ينظرون إلى تواريخ الميلاد على أنها أكثر أهمية من الأيام العادية.

ويقول جوي هوفر، نائب رئيس المعهد الدولي في لوس أنجليس «لم تكن تواريخ الميلاد بهذا القدر من الأهمية، فالأحداث المهمة هي الزواج والموت».

وأبدى علي الذي يعتقد أنه يبلغ من العمر 26 عاما اندهاشه البالغ من الاهتمام الكبير الذي يوليه الأميركيون لتاريخ الميلاد. لكنه تكيف سريعا على طقوس كعكات عيد الميلاد والشموع والأمنيات والهدايا. وقال علي «إقامة الحفلات أمر رائع، ومن الرائع أيضا أن أعرف عمري وأن أحتفل به». وعلى الرغم من سعادته بيوم مولده الجديد للاحتفال به كل عام، فإنه قال إن هناك تاريخا آخر أكثر أهمية بالنسبة له وهو تاريخ وصوله إلى الولايات المتحدة.

وتشير بيث سكالتشر، المتحدثة باسم وزارة الخارجية، إلى أن عادة تخصيص الأول من يناير كيوم مولد بدأت بعد الحرب الفيتنامية، عندما بدأت أعداد كبيرة من اللاجئين في الاستقرار في الولايات المتحدة. ولا يزال هذا التقليد مستخدما مع اللاجئين القادمين من دول لا توجد بها أنظمة قانونية أو مدنية متقدمة، حيث يمنح عام ميلاد للاجئين بناء على روايات العائلة.

وقالت سكالتشر «إذا لم يكن في الدولة نظام قضائي ولا توجد سجلات للمواليد يصبح من السهل استبدال يوم آخر بيوم الميلاد الحقيقي».

عدم معرفة تاريخ الميلاد يمكن أن يسبب مشكلة عندما يصل اللاجئون الجدد إلى دولة مثل الولايات المتحدة، حيث تعتمد الحقوق والالتزامات القانونية على عمر الشخص. فعلى سبيل المثال إذا سجل شاب نفسه على أنه في 19 من عمره بينما هو في 16 لن يكون بمقدوره الالتحاق بالتعليم. وإذا ما كان أحد المهاجرين في عمر الـ70 وهو يعتقد أنه ابن 60 عاما فلن يتمكن من الحصول على إعانات التأمين الاجتماعي.

وتقول شارلو تاسو، البالغة من العمر 36 عاما من بورما والتي تعمل مع اللاجئين في بيكرزفيلد «إذا أخطأت في تاريخ ميلادي فتلك مشكلة، وسواء أكنت صغيرا أو كبيرا يجب أن يكون صحيحا».

وتعمل منظمة اليونيسيف على تحسين تسجيل المواليد حتى يتمكن الأطفال من الدول النامية من الحصول على الرعاية الصحية والتعليم ومن ثم تتم حمايتهم من العمالة والزواج والخدمة العسكرية دون السن القانونية. البعض يرغبون في معرفة التاريخ الحقيقي لمولدهم بدقة، مثل اللاجئة البورمية إيه لاهن التي قالت إنها لم تعتد على تذكر أو الاحتفال بعيد مولدها، وحتى إن حدث فلا يوجد مال لإقامة الحفل.

ولدت لاه في معسكر للاجئين في تايلاند بعد أن هرب والداها من بورما (ميانمار حاليا)، وقد توفي والداها عندما كانت في سن الثالثة. وقبل القدوم إلى الولايات المتحدة قدر عمها عمرها بناء على عمر أبنائه. وقد تم تخصيص يوم الأول من يناير 1984 كيوم ميلادها، وقالت «إنني حزينة فأنا أرغب في معرفة الشهر والتاريخ والعام الذي ولدت فيه».

أما بان بان، لاجئ بورمي آخر، فيقول إن أول حفل عيد ميلاد له أقيم العام الماضي عندما بلغ حسب الوثائق الرسمية التي منحت له 20 عاما. وقد ولد بان في بورما، ثم انتقل إلى معسكر اللاجئين في تايلاند في مرحلة المراهقة حيث عاش في كوخ لا يشتمل على الخدمات الأساسية من المياه النظيفة والكهرباء، وكانوا يطهون على موقد من الفحم. كانت الأيام الوحيدة التي تقيم فيها العائلة أي احتفالات هي بمناسبة زواج أفرادها أو عند الاحتفال بالعام الجديد حسب تقاليدهم.

وعندما وصل إلى الولايات المتحدة في عام 2007 مُنح بان الأول من يناير يوما لميلاده. وهو الآن يعيش في بيكرزفيلد حيث يتلقى دروسا في اللغة الإنجليزية ويعمل في مجال رعاية المعوقين. وقال بان إنه اعتاد على كتابة تاريخ ميلاده ضمن طلب التحاقه بالجامعة وتأمين السيارة وحسابه البنكي.

في بداية عام 2009 قام رئيسه في العمل بإقامة حفل لكل من ولد في يناير. وخلال الحفل صنعت كعكة لبان وتلقى هدايا وأقيم له حفل غداء وأطفأ الشمع، ولكنه قال إنه علم بعد ذلك أنه كان يفترض به أن يتمنى أمنية. وقال بان «قال لي الجميع عيد ميلاد سعيد وصافحوني، والبعض منهم قبلني وهو أمر غريب تماما بالنسبة لي».

لكنه لقي مفاجأة أخرى في ذلك اليوم، وهي مخالفة مرورية، ولم يذكر الضابط تاريخ ميلاده. وقال إن مشاركة عيد الميلاد مع اللاجئين الآخرين والعام الجديد تجعله يشعر بالتميز. وقال «أشعر وكأنني سأبدأ حياة جديدة مع مطلع كل عام جديد».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ «الشرق الأوسط»