خسوف القمر: تعليقات السعوديين تربطه بأحداث عام «صعب»

إشعال النار عادة شعبية كانت تتزامن مع الخسوف

طائرة تحلق فوق مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا، ويظهر في خلفيتها الخسوف الجزئي للقمر (رويترز)
TT

تزامن دخول ليلة رأس السنة في السعودية ودول الخليج والشرق الأوسط وأوروبا بحدوث خسوف جزئي للقمر، بدرجة 7 في المائة، استمر لمدة ساعة لينتهي قبل 70 دقيقة من دخول العام الجديد حسب توقيت الرياض.

وفي الوقت الذي لا تجري فيه أي احتفالات عامة برأس السنة في السعودية التي يوجد بها ملايين العاملين من جنسيات مختلفة حول العالم، جاءت تعليقات السعوديين على هذا الحدث لتربطه بدخول ليلة رأس السنة. كما قامت السلطات الرياضية في السعودية بتقديم موعد مباراة في دوري المحترفين لكرة القدم، وذلك لتزامنها مع موعد الكسوف.

وجاء ذلك بعد أن قدم رجال دين في السعودية اعتراضات إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم، مقترحين تأجيل المباراة التي جرت بين ناديي الهلال والنصر، تلك المباراة التي تعتبر من أشد المباريات إثارة في الدوري السعودية، أو تغيير موعدها، الذي كان من المقرر أن يتم في فترة المساء قريبا من وقت حدوث الخسوف. وجاءت اعتراضات رجال الدين على اعتبار أن حدوث خسوف أو كسوف هو من علامات التخويف والعذاب، ويجب معها التوجه إلى الصلاة والعبادة والدعاء، وتجنب مظاهر الترفيه والاحتفال كما تشير النصوص الدينية الإسلامية. السعوديون، وعبر رسائل الجوال النصية ومواقع المشاركة الاجتماعية مثل «فيس بوك» و«تويتر»، أيدوا هذه المطالب التي تمت تلبيتها لاحقا من قِبل السلطات الرياضية، على الرغم من تأكيدات سابقة أن موعد المباراة لن يتغير.

غير أن الظرفاء وجدوا في نتيجة المباراة، التي جاءت مغايرة للمتوقع، فرصة لربطها بحدوث الخسوف، حيث أسقط فريق النصر، الذي يقبع في المركز الثامن في دوري المحترفين، فريق الهلال متصدر الدوري السعودي. وجاءت التعليقات الطريفة لتربط بين هزيمة المتصدر وحدوث الخسوف في عبارات مثل «السعودية تشهد خسوفين في يوم واحد»، في إشارة إلى تعثر النادي المتصدر وخسوف القمر. وعبارة أخرى قال مرسلها: «الهلال يُخسف عصرا»، وغيرها من التعليقات التي وجدت استنكارا من قِبل الكثيرين، الذي رأوا أن الخلط بين مباراة كرة قدم وظاهرة كونية ذات دلالة دينية هو أمر غير منطقي.

فئة أخرى وجدت في تزامن حدوث خسوف للقمر باحتفالات رأس السنة، التي يذهب عدد من السعوديين إلى دول مجاورة للاحتفال بها مثل البحرين ودبي، فرصة للقيام بحملات مناهضة لهذه الاحتفالات، التي يرون أنها ليست ذات أصل في الشريعة الإسلامية.

وفي الوقت الذي تقدم فيه شركة اتصالات كبرى في السعودية عرضا مجانيا لرسائل الجوال النصية، ظلت جوالات السعوديين ترن حاملة رسائل تربط مباشرة بين الخسوف واحتفالات رأس السنة، وتذكّر بأن الخسوف هو رسالة إلهية بالتوقف عن الاحتفال بدخول السنة الميلادية الجديدة، وعدم تطبيق عادات مستوردة من ثقافات أخرى. رجال دين في السعودية استغربوا هذا التفسير للخسوف وعارضوه، معتبرين أن حدوث خسوف هو آية إلهية لا ينبغي تفسيرها من أجل أغراض شخصية. آخرون بدورهم ربطوا هذا الأمر بجملة الأحداث المؤسفة التي شهدتها السعودية في 2009، وشملت أنشطة زلزالية في المنطقة الغربية من البلاد، وحربا مع عصابات متسللة في الحدود الجنوبية، وسيولا أغرقت مدينة جدة في غرب السعودية وقتلت العشرات، معتبرين أن حدوث الخسوف في آخر ساعة من عام 2009 هو خاتمة كئيبة لعام لم يكن موافقا للآمال. ذكريات الخسوف عادت إلى أذهان المسنين بعادات شعبية كانوا يقومون بها مع حدوث الخسوف. وفي هذا يتذكر حسين عثمان، وهو مسن يبلغ من العمر تسعين عاما ويسكن في قرية في الجنوب السعودي، أن أهالي القرى كانوا يشعلون النار في رؤوس التلال والجبال، ويخرجون الأواني والقدور ويملأونها بالماء، إلى غير ذلك من العادات. ويعلق عثمان على هذا الأمر بقوله: «كانت خرافات نقوم بها في فترة جاهلية، أما الآن فكل ما نفعله هو الصلاة والدعاء».