انطلاق فعاليات جائزة «عيسى بك إسحاقوفيتش» الثقافية

تحت شعار «سراييفو التي لم تعد كما كانت»

الفنان ألدين حسين بيغوفيتش أثناء تسلمه للجائزة
TT

لحماية سراييفو من النسيان، ولوقف التغييرات على ملامحها المعمارية، خصصت العديد من المؤسسات، بالتعاون مع جمعية «نادي سيدرا» جائزة تمنح في 7 فروع، هي العلم، والفن، والوطنية، والفنون الشعبية، والرياضة، والإبداع الثقافي، والمساهمين في إشعاع سراييفو من الخارج.

وكان من بين الفائزين بالجائزة هذا العام عدد من المبدعين، من بينهم، جاسم حجي ميليتش، في مجال الفن (فن الخط العربي)، وألدين حسين بيغوفيتش، في مجال الفنون الشعبية، ولميا تانوفيتش، في البحث العلمي، وذو الفقار باشيتش، في التطوير الثقافي. وفاز بوغيتش بوغوتشيفيتش بجائزة الوطنية. وفاسنة بوسيتش بجائزة المساهمة الدولية. وقد بدأت التظاهرة الثقافية بعرض تاريخي عن سراييفو، على الشاشة، مشفوعا بمشاهد مسرحية، تحاكي العرض، ولمدة 15 دقيقة. ورغم بساطتها واعتمادها على فتاة واحدة، وعدة رجال، يذهب الواحد منهم ويأتي الآخر، فإنها جسدت، وبشكل لافت، مساعي القوى الكبرى التي تناوبت على البوسنة، للاحتفاظ بالبلاد، وكانت ترفضهم الواحد بعد الآخر، حتى الاستقلال عام 1992م، الذي تمسكت به ودفعت ثمنا باهظا من أجله، دماء ودموعا ومعاناة.

كما قدم بعض الفنانين وصلات من أغانيهم قبل وبعد تسليم الجوائز، مثل أمينة كاروفيتش، وألدين حسين بيغوفيتش، وأرمين مظفريا. وقالت مديرة جائزة «عيسى بك إسحاقوفيتش»، أرينا كاريشيك، لـ«الشرق الأوسط» «قبل كل شيء، أنا سعيدة جدا بوجود وسيلة إعلام عربية بيننا، وهذه الجائزة تمنحها جمعية (نادي سيدرا) بدعم من العديد من الشركات والمؤسسات الاقتصادية والثقافية، وهي إحدى أكبر الجوائز التي تمنح في البوسنة، وتهدف لتحفيز الجميع على اعتبار سراييفو أمانة كبرى، ليس على الصعيد الوطني فحسب وإنما الدولي أيضا». ويتعهد الحائزون على الجائزة بأن يكونوا أفضل في المجال الذي كرموا من أجله.

وأوضحت أن 13 شخصية مختارة تقوم باختيار الفائزين بالجائزة التي بدأ منحها سنة 2007. ويشارك الفائزون بالجائزة سابقا في اختيار المرشحين الجدد. وفي ردها على سؤال بخصوص شعار فعاليات جائزة «عيسى بك إسحاقوفيتش» لهذا العام، قالت: «(سراييفو التي لم تعد كما كانت)، شعار نرفعه من أجل حمايتها من النسيان، لذلك أنشئت هذه الجائزة سنة 2007 كمحاولة لوضع حد لاختفاء سراييفو القديمة، بمبانيها العتيقة وثقافتها، ومعالمها الحضارية الأخرى، التي تتفرد بها هذه المدينة، وهو جهد نقوم به لمقاومة التراجع في الواقع الثقافي للحفاظ على مبادئ مجتمعنا». كما أن الجائزة وفاء للبنائين السابقين، والذين وضعوا الأسس «بهذه الجائزة نقدم التحية والاحترام لمؤسس مدينتنا، عيسى بك إسحاقوفيتش، ولشواهد كثيرة مكتوبة ومرئية تجسد تعدد الثقافات. وهي ذات إيحاءات ودلائل تاريخية كثيرة من إسطنبول إلى دوبرفنيك». ولا تخلو الجائزة من دعوة للتعايش مع الاختلاف «هدفنا هو الاستمرار في الدعوة إلى مبادئ التعايش، فسراييفو جسر للحوار بين الناس والشعوب والثقافات. سراييفو التي كانت بكل المقاييس «قدس أوروبا». وواجبنا إحياء هذه القيم في واقعنا، لا سيما أن تاريخنا مشرف، فنحن نفتخر بأننا نعيش في المدينة التي بناها عيسى بك إسحاقوفيتش، وكانت ملجأ للمظلومين في القارة الأوروبية، وخاصة الفارين بأديانهم من الأندلس، وتحديدا اليهود والمسلمين، وفي هذه المدينة مدت يد العون لكل المحتاجين. وهذه الخاصية التي تتميز بها هذه المدينة تعطيها قيمة حضارية كبرى». وكان من بين الفائزين، وممن أضفوا جوا خاصا على فعاليات «جائزة عيسى بك إسحاقوفيتش» الفنان، ألدين حسين بيغوفيتش، ليس لكونه قامة فنية كبرى رغم صغر سنه (27 سنة) وإنما قامة إنسانية نادرة، فقد أصيبت زوجته بالشلل بعد 3 أشهر من زواجهما، فقام، ولا يزال، برعايتها، ولها كتب جميع أغانيه الجديدة منذ 3 سنوات، ومن كلماته «عندما يصيبك سهم القدر، خذه واطبع عليه قبلة، واعلم أن الذي أرسله يعلم ما هو أفضل لك». وقال ألدين لـ«الشرق الأوسط»: «لم أكن أنتظر الحصول على جائزة، ولكنها ليست لي وحدي، بل لستة أفراد يعملون معي في الفرقة الموسيقية، فلست أفضل من أي منهم»، ولم يتوان ألدين عن إهداء الجائزة لزوجته المقعدة بسبب المرض.

واعتبر الدكتور جاسم حجي ميليتش، أحد الحائزين على جائزة «عيسى بك إسحاقوفيتش» لعام 2009 في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنها «جائزة سراييفو»، وتابع «عيسى بك إسحاقوفيتش مؤسس سراييفو، وعندما يحصل إنسان على هذه الجائزة فهي من سراييفو مباشرة». وقد حصل الدكتور حجي ميليتش على الجائزة لأعماله في مجال الخط العربي، وترميم المخطوطات بطرق علمية، وتجسيده لملامح الواقع الثقافي التاريخي بصفته أستاذا للتاريخ أيضا. «هذه المدينة لها دين في أعناقنا، وكل ما قدمناه لها لا يساوي شيئا مما قدمته هي، لنا ولغيرنا». وشدد في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما إذا كانت الجائزة من أجل أعماله الهادفة للحفاظ على تراث المخطوطات، أو التاريخ أو الخط، على أن ما وصفه بـ«خدمة الحرف الإلهي» (الحرف العربي) هو الذي كان وراء منحه الجائزة، «فبعد تأسيس سراييفو انتشر الخط العربي، وبدأت تتوسع المدينة وتنتشر فيها الفنون، فهذه جائزة للخط العربي».