الحمام يندمج في غرفة النوم.. والمطبخ في صالة الاستقبال

في المعرض الدولي للأثاث في كولون

بانيو على شكل حذاء سيدة و مقعد زجاجي (أ.ب)
TT

ينفتح عالم الأثاث الجميل والأنيق أمام الزوار يومي السبت والأحد المقبلين، لكن قطع الأثاث المتعددة الوظائف، «المستقبلية» التصاميم، والمريحة إلى حد الإغراء على النوم، تجتذب عيون الصحافيين منذ البداية في المركز الصحافي الخاص بالمعرض الدولي للأثاث في كولون.

الكراسي في المركز الصحافي عبارة عن مقاعد متأرجحة ومريحة من القضبان المعدنية التي لا تنكسر أو تنطوي من شركة «تيكتا» الألمانية، المناضد متعددة الوظائف، والتي تتحول بلمسة زر من مناضد طعام إلى مناضد كومبيوتر، الرفوف المعدنية المائلة، كأنها متداعية، من شركة «رامبلوس»، أما كراسي الراحة، التي تتحول إلى أرائك، نام عليها بعض الصحافيين القادمين من أرجاء العالم لتغطية المعرض، فكانت من شركة «بريتز» الألمانية وتحمل اسم «أرائك الأحلام».

ويفتخر رئيس المعرض بأن قطاع الأثاث هو من القطاعات القليلة التي لم تلق الأزمة المالية الدولية ظلالها عليها، وبعد التراجع البسيط عام 2008، من المتوقع أن يستعيد القطاع عافيته مجددا عام 2010. بلغ استهلاك العالم للأثاث عام 2009 نحو 350 مليار دولار أميركي، وهناك دليل واحد على الأزمة عبر عن نفسه من خلال هبوط مبيعات أثاث المكاتب بنسبة 17 في المائة. وشاركت هذا العام 1053 شركة من 51 بلدا، وخلت قائمة الدول المشاركة، لأول مرة، من أسماء الدول العربية.

ومن جديد كانت التعددية الوظيفية، استخدام الخشب الطبيعي، التقنيات الإلكترونية المخفية والألوان الزاهية من أهم نزعات المعرض هذا العام. فهناك تقنيات إلكترونية تحول السرير إلى أريكة، وبالعكس، تحول المقعد إلى سرير، ومنضدة الكومبيوتر في غرفة النوم إلى منضدة «زينة» للمرأة، وتقنيات أخرى كثيرة مخفية داخل الأثاث ولا يستطيع الإنسان رؤيتها، لكنها تسهل الحياة اليومية للمستعمل. اختفت التليفزيونات فجأة داخل جدران الصالات وغرف النوم وما عادت تظهر إلا بلمسة زر، تحولت اللوحات الزيتية الجميلة على الجدران إلى «أغلفة» تخفي التليفزيون خلفها، واكتسبت الخزانات ألوان قوس قزح.

وبعد نزعة اندماج المطبخ مع غرفة الاستقبال في البيوت الحديثة، التي تم عرضها في معرض 2008، اندمج الحمام اليوم مع غرفة النوم، في حين صدر قرار بترحيل «التواليت» فقط إلى خارج المخدع. ومنح المصممون حوض الاستحمام ألوانا تتناسق مع ألوان غرفة النوم الأخرى وألوان الستائر والسجاد.

وذكر أوفه كانت، من شركة «رولاند شميدت» الألمانية أن فكرة دمج الحمام بغرفة النوم شجعتها الميول العالمية، التي لم يسبق لها مثيل، نحو اللياقة والرشاقة. وعمدت الشركة إلى تصميم حوض الاستحمام بألوان وأشكال حديثة، وهي أحواض يمكن إدارتها أو تغطيتها أو إخفاؤها عند الحاجة. وعوضا عن أنابيب الماء الكريهة المنظر أخفت الشركة مصادر المياه قرب حوض الاستحمام داخل منضدة زجاجية أنيقة يندفع الماء من زهرية عليها كالينبوع ليصب في الحوض.

وصمم الايطالي جيوفاني روني حوض السباحة بشكل حذاء نسائي أنيق وذي كعب عال. ومن تود الحصول على مثل هذا الحوض أن تعرف أنه يكلف 12 ألف يورو نظرا للسيراميك والكريستال المستخدم في تلوينه وزخرفته بين الخشب.

كان «الجوز» نجم هذا العام، يليه البلوط الغامق والكرز البني المحمر، في حين كان الاسفندان والزان يمثلان الألوان الفاتحة في قطع الأثاث المصنوعة من الخشب الحقيقي. عدا عن ذلك فهناك كثير من الدمج بين الخشب والمعدن، المعدن والنسيج، والنسيج والخشب. وفي ألوان الأثاث طغى الأسود والأبيض على ألوان قطع أثاث صالة الاستقبال، في حين ساد البنفسجي والأحمر في الستائر والسجاد.

بحثا عن الراحة التامة للمستهلك قررت شركة «ف.م. مونزر» الألمانية البدء بإنتاج سلسلة من قطع أثاث الصالات المفصل حسب حجم جسم الإنسان مثل الملابس. وعرضت الشركة في القاعة (10) أول سلسلة من كنبات ومقاعد «س.م.ل» التي تذكر بحجوم ملابس الرجال (صغير ومتوسط وكبير الحجم). وطبيعي فقد حرصت الشركة على تغيير ارتفاع المقعد وعمقه وارتفاع ظهره كي يلائم حجم الإنسان. ويمكن للمستهلك أن يشتري الأرائك بحجوم موحدة، أو بعدة أحجام ويخصص حجم «س» منها للأطفال.

ولا يختلف جديد شركة «كوينور» الألمانية عن شركة مونزر الخاصة بالحجوم، إلا أن الشركة الأولى اختارت الجلد الأبيض، وأخفت داخل قطع الأثاث محركات لتغيير ارتفاع قاعدة الأريكة وعمقها وارتفاع ظهرها. كما زودت «كوينور» أرائكها بوظائف متعددة، حيث يمكن أيضا أن تتحول الكنبة الخاصة بثلاثة أشخاص إلى سرير مزدوج بلمسة زر.

ويمكن لنا أخذ سرير شركة «ماريو نيماند» الألمانية نموذجا لنزعة الأثاث السهل الاستعمال والطبيعي والقابل للنقل السريع. فالسرير مصنوع بأكمله، الهيكل الخارجي والمشبك الذي توضع عليه المرتبة، من خشب الجوز الأقرب إلى البرتقالي البني. وكتبت الشركة على السرير في المعرض أن تركيب السرير يتم خلال دقائق حسب خريطة معينة، لا يحتاج المستهلك سوى إلى يديه في العمل، ودون أي آلات أخرى، كما لم تستخدم أي قطعة معدنية في ربط أجزاء السرير ببعضها. وأوضح كارل نيماند، من الشركة، أن المستهلك لا يحتاج إلى أي براغي، فالسرير مصمم ليتم تركيبه باليد وباستعمال أقل ما يمكن من المواد اللاصقة في زوايا الهيكل فقط.

الحركة والتعددية نلاحظها أيضا في كنبات شركة «دي سيد» السويسرية التي عرضت كنبة من ثلاث قطع ترتبط بإحكام مع بعضها ويمكن تشكيل أي اثنين منها، أو فصلها في ثلاث قطع، وفق ديكور الصالة. وهي قطع من الجلد الأبيض والأسود الطبيعي. واستخدمت شركة «فروم هولتز» الألمانية نفس الفكرة لعرض تصاميمها في جناح «ابتكارات من ألمانيا» في القاعة 11. إلا أن مقاعد وأرائك «فروم هولتز» مؤلفة من عدة قطع مختلفة الألوان مختلفة في العرض، ويمكن فصلها عن بعضها وتركيبها بسهولة. وهكذا يمكن تغيير تشكيلة الألوان وعدد وحجم الأرائك بين فترة وأخرى. ويبلغ عرض بعض القطع 15 سم فقط، وعرض الأخرى 20 - 25 سم، وتبدو، عند فصلها عن الأريكة الأم، كمقطع شاقولي في لوحة ملونة.

الدمج بين الفن والأثاث ظهر في عدة أجنحة إلا أن شركة «ليلوكس» الألمانية اجتذبت الكثير من الزوار بفضل أرائكها التي صممها الفنان الألماني المعروف شتيفان هايلغر. إذ استخدم النحات الألماني الكثير من عناصره الجمالية في تصوير قطع الأثاث فظهر الجناح مثل غاليري للأعمال الفنية. المقاعد والأرائك منخفضة حد «الاندماج» مع الأرض، الظهور بأقواس غير متساوية، أعماق مساحات الجلوس مختلفة، والألوان تقترب من البرونز والخشب. شركة «توب ستار» عرضت مجموعات جلوس وطعام منحوتة بأكملها من جذوع الأشجار الضخمة ومن دون استخدام أي مفاصل أو أدوات معدنية. وهذا طبيعي فإنها قطع أثاث قوية وثقيلة، تذكر بأثاث غرف الفلاحين القدماء في القرون السابقة، ولا تخلو من التشكيلات والتصاميم الطبيعية الجميلة.

وإذا كانت مقاعد «توب ستار» مخصصة للراحة والتأرجح وممارسة اليوغا والتأمل واستخدام الكومبيوتر، في آن واحد، فإن الكرسي «الملاح» من شركة «هودنيبو» النرويجية يتحرك بكل الاتجاهات وبكافة الأوضاع دون الحاجة لعتلات وتغييرات كثيرة. فالكرسي يتحرك على مفصل دائري مرن، وتقول الشركة إن مصمميها استوحوا وظيفة الكرسي من «شراع السفن» الذي يتقوس ويتغير حسب قوة هبوب الرياح عليه.

ومنضدة «اللياقة» جاءت من الجانب شبه الفرنسي من العالم، أي من كندا الناطقة بالفرنسية، وتعكس مدى اهتمام هؤلاء الناس بآداب المائدة. وهي منضدة من شركة «سينثيسيز ستوديو» الكندية، وسطحها عبارة عن شاشة كومبيوتر لا تنكسر أو تنخدش بسهولة، وتعرض بعض الجمل على الضيف. من بين هذه الجمل «لا تأكل بسرعة رجاء» و«انتظر رجاء» «تمتع بالشوربة لحين مجيء الوجبة الأساسية». ويمكن للشاشة أن تغير لونها فجأة وتخبر الضيف أن هاتفه الجوال يرن بفضل «شريحة إلكترونية» مخفية داخل الشاشة تقتفي أقل رنين للهاتف في محيط المنضدة فقط.

المنضدة الثانية التي جلبت أنظارنا هي «مدير الكابلات» من شركة «داي تكنيك» الألمانية. فهي منضدة عمل خاصة بإخفاء «سلطة الكابلات» داخل أنابيب وتجهيزات مخفية في الأسفل بحيث لا يظهر أي شيء منها للناظر. وزودت الشركة المنضدة المعروضة بسطح زجاجي شفاف يظهر الأقنية والأخاديد التي حفرها في نفس المناضد الخشبية كي «تلتهم» سلطة الكابلات.

لم يفقد السجاد الإيراني والصيني والنيبالي سمعته بعد، لكن هذا السجاد قد لا يلائم البلدان الحارة قدر ما يلائم البلدان الباردة. ولهذا فقد بقي السجاد الكلاسيكي يراوح في مكانه مقابل الأنسجة والسجاد «التقني» الجديد. سجاد «س.س.ج» الألماني كمثل تمت صناعته يدويا من أرقى أنواع الصوف المعدل والحرير، وهو نسيج لا يحترق، يحفظ الحرارة في الشتاء ويوفر دفئا محببا للقدمين، ويتنفس في الصيف ويسرب البرودة إلى الجو.

وطرحت شركة «كيمو» الألمانية سجادا للصيف والشتاء، صالحا للصالات الأنيقة، كما هو ملائم للصالات الرياضية والملاعب الداخلية. والسجاد مصنوع من رغوة البولي يوريثان الصديقة للبيئة والعازلة، وتحتفظ الرغوة «بذاكرة» للشكل، فتنخفض تحت القدم عند كل مرور عليها ثم تستعيد شكلها المنتفخ الطبيعي بلحظة حال ابتعاد ضغط القدم عنها.

وفي القاعة المخصصة لـ«بوليفار الابتكار»، فاجأت شركة «زينوتولون» الألمانية زوارها بخزاناتها الزجاجية التي تغير لونها كل لحظة كالحرباء. والخزانات، أرضية أو معلقة على الجدار، مصنوعة من زجاج سمك 10 ملم لا ينخدش أو ينكسر بسهولة. وأخفت الشركة في الزجاج الشفاف مصابيح منمنمة تعمل بتقنية LED وتمنح الزجاج كل مرة لونا دون أن تخل بشفافيته. ويمكن للمستهلك أن يجعل الخزان يغير ألوانه باستمرار كأنوار الزينة، أو أن يغيره هو بين فترة وأخرى، حسب الديكور وألوان الغرفة، باستخدام جهاز التحكم عن بعد «الريموت كونترول».

احتلت قطع الأثاث 14 قاعة ضخمة من قاعات معرض كولون الدولي على نهر الراين، وهو ما يتطلب من الزائر الدوران لعدة ساعات متعبة في أرجاء المعرض دون أن يصيبه الملل. ومن ينل منه الإعياء يستطع اللجوء إلى القاعة 5 حيث يستعرض صانع الأثاث البولندي «شتاينبول» منتجاته. فهناك يضع البولندي أكبر كنبة في العالم تحت تصرف الناس، وهي كنبة بطول 80 مترا ومؤلفة من 40 قطعة يمكن تركيبها وفصلها عن بعضها بسهولة. وذكر متحدث باسم المعرض أن «شتاينبول» استخدم 716 مترا مربعا من الجلد الأحمر، 800 برغي و500 متر من القضبان الخشبية في صناعة الكنبة التي ستدخل كتاب غينيس للأرقام القياسية.

وقرر منتج أكبر كنبة في العالم تفكيك حاملة رقمه القياسي وتوزيعها في كنبات صغيرة على دور رعاية الأيتام والأطفال في ألمانيا.