متحف لأطفال مصر يقدم آثار الفراعنة باستخدام مكعبات «الليغو»

يضم ألعابا ونماذج أثرية من إبداعاتهم

نماذج من محاكاة الأطفال لفنون أجدادهم الفراعنة («الشرق الأوسط»)
TT

بين الآثار المصرية، التي تُعتبر جميعها فرعونية، شهد المتحف المصري بالتحرير بقلب العاصمة القاهرة مساء الاثنين الماضي افتتاح أول متحف من نوعه للأطفال يضم آثارا فرعونية تعلم الصغار تاريخ أجدادهم، كما يضم المتحف نماذج أثرية أبدعها الأطفال على سبيل المحاكاة لتراث المصريين القدماء من تماثيل وتوابيت وقطع تصور حياتهم اليومية.

افتتح المتحف د. زاهي حواس، أمين عام المجلس الأعلى للآثار والأمير هنريك زوج ملكة الدنمارك، خلال زيارته للقاهرة، وذلك في أمسية اتسمت بطابع فرعوني أصيل، تخللتها كلمات أشادت بحضارة الفراعنة، عبر أصوات آلة «الهارب» بأنامل الفنانة منال محيي الدين، وهى الآلة التي عرفها المصريون القدماء، وبحضور نخبة من الشخصيات العامة وعدد كبير من الأطفال وذويهم الذين أسهموا في محاكاة آثار الفراعنة.

وخلال جولة الأمير الدنماركي بالمتحف شرح له حوّاس فكرة إنشائه، التي جاءت لربط الصغار بحضارتهم وتاريخهم، ما جعله يصف المتحف بأنه فريد من نوعه في العالم، لكونه أول متحف للآثار موجه للأطفال.

ويعد المتحف ثمرة من ثمار مدرسة الصغار بحديقة المتحف، التي كان يجلس فيها الأطفال يحاكون الآثار الفرعونية، تارة عبر «الصلصال» وتارة أخرى عبر الرسومات في مشهد كثيرا ما كان يلاحظه زائرو المتحف خلال العطلات والإجازة الصيفية. والزائر للمتحف يلاحظ أنه لا يجمع فقط بين النماذج الأثرية التي أبدعها الأطفال بأنفسهم، لكنه يضم قطعا أثرية أصلية تعبّر عن الألعاب التي كان يلعبها أطفال الفراعنة، ومنها لعبة «السنت» الشهيرة، التي تقارب في شهرتها لعبتَي «الشطرنج والطاولة».

بالإضافة إلى ذلك فإن المتحف يضم ألعابا أخرى كلعبة العرائس، وهى الألعاب التي تم العثور عليها في المقابر الفرعونية بمواقع أثرية مختلفة، بما يؤكد انتشارها في مصر القديمة عبر أسرها المختلفة.

ويقول حواس إن المتحف يضم 19 قطعة مصنوعة من مكعبات «الليجو» تصور أهرامات الجيزة وأبو الهول والكاتب المصري ووجه الملك «توت عنخ آمون» والتابوت وأدوات الزينة، بالإضافة إلى القطع الأصلية لآثار المصريين القدماء.

وعلى الرغم من أن معظم النماذج الأثرية صممها الأطفال بأنفسهم من مراكز ثقافية أخرى مثل مركز طلعت حرب، فإن إدارة المتحف حرصت على توفير ورشة عمل خاصة للأطفال، يقومون فيها بأنفسهم بعمل النماذج الأثرية الخاصة بهم عبر مكعبات «الليجو».

وفي تفسيره لفكرة إنشاء المتحف يؤكد الأثري محمد عبد الفتاح، رئيس قطاع المتاحف، أن فكرته تكمن في مساعدة الأطفال المصريين الزائرين له على التعرف على ذواتهم ومكانة حضارة أجدادهم بين بلاد العالم، وكذلك تعريف الطفل الأجنبي بهذه الحضارة وثقافة المصري القديم ومدى تأثيرها على تكوين حضارته الأجنبية.

لذلك فإن الزائر للمتحف يلاحظ وجود أطفال مصريين يجاورهم نظراء لهم أجانب، يتبارون جميعا في نسج الآثار الفرعونية باستخدام القطع المشار إليها، مسترشدين في ذلك بالقطع الأصلية التي يضمها المتحف، وفي رحلة ممتعة لاكتشاف أسرار وآثار الحضارة المصرية القديمة وتاريخها.

يقول عبد الفتاح: «المتحف يتكون من ست قاعات مقسمة إلى موضوعات رئيسية لأهم أركان الحضارة المصرية القديمة، مثل الحياة اليومية والكتابة والملك وعائلته والمعتقدات الدينية عند المصري القديم والعالم الآخر وملوك الفراعنة.

وتقع قاعات المتحف في غرف سفلية تحت الأرض بحديقة المتحف المصري، ويمكن الوصول إليه بعد الدخول من البوابة الرئيسية لمتحف التحرير، بالاتجاه يسارا في ممر خاص، ترشد الزائرين له لوحات تدلهم على موقعه.

كما يضم المتحف قطعا أثرية توضح للصغار حرفة النجارة في صناعة الأثاث بمصر القديمة، والتي يصفها الأثري محمد عبد الفتاح بأنها واحدة من أقدم الصناعات التي عرفها القدماء، و»لذلك برعوا في صناعة الأثاث بعد جلبهم لأخشابه، ومنه أخشاب السنط والجميز والأبنوس».

لذلك يلاحظ الزائر للمتحف نموذجا لورش أبدعها الأطفال بأنفسهم تكاد تماثل ورش النجارة عند المصريين القدماء، توضح الصناعات المختلفة التي كان يقوم من خلالها «الفراعنة» بصناعة الأثاث، عبر قطع أثرية حقيقية، تم العثور عليها في المقابر الأثرية المختلفة.

ويقدم المتحف لرواده من الصغار نماذج لمتطلبات الحياة اليومية للقدماء، تظهر الكثير من أنماط حياتهم اليومية التي تركها الفراعنة في مقابرهم، بما يمكن أن يقود الأطفال للتعرف على الحياة اليومية لأجدادهم، وكيفية صناعتهم لحرفة النجارة بالأخشاب المشار إليها، بجانب إبراز أساليب حياتهم من مأكل ومشرب، وغيرها من أساليب حياتهم المختلفة.

ويقدم المتحف خدمة للأطفال وفاقدي البصر حيث يستطيع الطفل جمع «الليغو» للتعرف على شكل تماثيل لملوك الفرعونية وأدوات الزينة والأهرامات وأبو الهول، والإدراك الحسي للأشياء عن طريق التجربة والمعايشة.