الرساميل الهندية توسع دائرة نشاطها من بوليوود.. لتشمل هوليوود

مستثمرة شح الاستثمارات الأميركية في تمويل صناعة السينما

من فيلم المليونير المتشرد
TT

من الواضح أن الفترة الراهنة تشهد تقلبات كبرى، ففي ضوء تقليص شركات الأسهم الخاصة والمصارف وصناديق التحوُّط الأميركية تمويلها المخصص لصناعة الأفلام، حولت هوليوود أنظارها إلى الهند للحصول على تمويل لأفلامها.

وبالفعل، تتولى شركات هندية عدة الآن تمويل مشاريع إنتاج سينمائي في هوليوود، وتضطلع بدور الريادة، بينها المجموعة الهندية «ريلايانس إنترتينمنت»، التي أقرت العام الماضي حزمة مساعدات مالية بقيمة 825 مليون دولار، وطالبت بحصة في شركة «دريم وركس» التي يملكها المخرج الأميركي العالمي الشهير ستيفن سبيلبرغ.

كذلك وقعت الشركة عقودا مع شركات إنتاج عدة في هوليوود يملكها ممثلون ومخرجون لامعون، منها «ساتورن فيلمز» التي يملكها نيكولاس كيدج، و«جيه سي 23 إنترتينمنت» التي يملكها جيم كيري، و«سموك هاوس برودكشنز» التي يملكها جورج كلوني، و«1492 بيكتشرز» التي يملكها كريس كولمبوس، و«بلايتون برودكشنز» التي يملكها توم هانكس، و«بلان بي إنترتينمنت» التي يملكها براد بيت، و«إيفري مان بكتشرز» التي يملكها جاي روتش، و«رات إنترتينمنت» التي يملكها بريت راتنر، و«ريد أوم فليمز» التي تملكها جوليا روبرتس، و«إيماجين إنترتينمنت» التي يملكها رون هوارد.

هذا، وفي أعقاب غزوها الناجح الجرئ لهوليوود خلال العام الماضي، تعمل «ريلايانس إنترتينمنت» الآن على تعزيز وجودها هناك عبر تقدمها بعرض لشراء شركة «مترو غولدوين ماير» المتداعية، التي يألف رواد دور السينما شعارها التاريخي الشهير المتمثل في أسد يزأر. ومن ناحية أخرى، دفع المستثمر الملياردير جورج سوروس، أخيرا 100 مليون دولار مقابل شراء حصة أقلية في «ريلايانس إنترتينمنت»، التي تقدر قيمتها بـ3 مليارات دولار. والملاحظ أن مثل هذا التوجه في طريقه لاكتساب زخم كبير خلال الفترة القادمة.

من جهة ثانية، تعاقدت شركة صناعة السيارات الهندية الكبرى «ماهيندرا آند ماهيندرا» على المشاركة في تمويل فيلم «بوذا»، الخاص بشركة «مونسون فيلمز». ومن المقرر أن ينتجه ويخرجه بان نالين، الذي سبق له إخراج فيلم «سمسارا» الشهير.

وبعد نجاحها في تجربة الإنتاج المشترك في هوليوود مع «20 سينشري فوكس»، وبعد عملها مع «والت ديزني» و«أوفربوكس» التي يملكها ويل سميث، تمكنت شركة «يو تي في» من اقتناص حقوق التوزيع لمنتجات «والت ديزني» في هوليوود الموجهة إلى السوق الهندية. كما وقعت الشركة اتفاقا للسيطرة على المبيعات الأجنبية مع شركة بيع أفلام تتخذ من العاصمة الإسبانية مدريد مقرا لها عن فيلم «إكس تيرمينيتر»، الذي تضطلع ببطولته نجمة هوليوود هيذر غراهام.

كذلك، اشترت سلسلة دور العرض الهندية «بي في آر» 250 دار عرض في الولايات المتحدة، يبلغ إجمالي عدد شاشات العرض فيها 1.000 شاشة. وفي الوقت نفسه تقريبا، أسست شركة «شيمارو» مراكز توزيع في مناطق متنوعة من الولايات المتحدة. ومن جانبها، أعلنت شركة «إروس إنترناشونال» عن دخولها في مشروع مشترك «لإينزغيت» الأميركية لتوزيع جميع المواد الأصلية التي أنتجتها الأخيرة في دول جنوب آسيا، بما فيها الهند.

التساؤل المطروح الآن: ما الحافز الذي يدفع الشركات الهندية إلى استثمار ملايين الدولارات في هوليوود؟

يرى محللون هنود أن المؤسسات المالية الأميركية قلصت تمويلها الموجه إلى قطاع الإنتاج السينمائي. وعليه، فقد بات المنتجون المستقلون في هوليوود في حاجة ماسة إلى المال، هذا في وقت يرغبون فيه تقليص اعتمادهم على شركات الإنتاج العالمية الكبرى. وعلى الجانب الآخر، تبدي شركات هندية استعدادها لتمويل هؤلاء المنتجين المستقلين لما تتمتع به من وفرة في المال. وبناء عليه، يتضح أن هذا التحول الأخير في الأوضاع يلقى ارتياحا من الجانبين كليهما. مما يذكر أن السنوات القليلة الماضية شهدت إبرام بعض الاتفاقات التي فتحت الباب أمام ظهور تحالفات جديدة بين صناعة الأفلام الهندية وهوليوود. وبعد أن وقعت «ريلايانس إنترتينمنت» اتفاقا بقيمة 825 مليون دولار مع سبيلبرغ، الذي يعد حقا المخرج والمنتج البارز أيضا في هوليوود، وفوز المخرج داني بويل بجائزة الأوسكار عن فيلمه «المليونير المتشرد»، حان الآن دور شركة هندية للمؤثرات البصرية والرسوم المتحركة للشروع في العمل داخل هوليوود.

فقد استثمرت «تاتا إلكسي»، التي هي جزء من مجموعة «تاتا غروب» الصناعية الهندية العملاقة، قرابة 5 ملايين دولار في استوديو جديد مخصص للمؤثرات البصرية، واجتذبت ثلاثة من أبرز عناصر هوليوود في هذا المجال للعمل لديها ، وهم: جويل هينيك، وتريشا أشفورد، وتريفا بلو. ويعد هذا الاستوديو ثالث مركز خدمة بالخارج تقيمه «تاتا إلكسي»، ويوجد الاثنان الآخران في طوكيو والمملكة المتحدة. ومن المقرر أن توقع الشركة اتفاقا بهذا الشأن في هوليوود الشهر القادم.

وفي هذه الأثناء، تتولى «كيه سيرا برودكشنز»، وهي شركة إنتاج وتوزيع أفلام كبرى في الهند، إنتاج فيلم في هوليوود بعنوان «أميركيون في خطر» (أميركانز إن دينجر)، من إخراج إف غاري غراي، وذلك بالتعاون مع منتج هندي شهير. ويعتقد محللون أن مثل هذا التوجه سيكتسب زخما إضافيا في الفترة القادمة. مع الإشارة هنا إلى أن هوليوود تنتج سنويا قرابة 600 فيلم، بإجمالي مبيعات تتجاوز 85 مليار دولار، في حين تنتج بوليوود - أي صناعة الأفلام الهندية، ومقرها الرئيس مومباي - حوالي 1.000 فيلم، وتحصد سنويا بين 3 و4 مليارات دولار.

والملاحظ أيضا أنه عندما تحاول شركات هندية الاستحواذ على أخرى، فإنها تمر بسلسلة من الإجراءات المرهقة قبل الحصول على الموافقة، أما داخل الولايات المتحدة، فيمكن لهذه الشركات في ضربة واحدة الوصول إلى جمهور أكبر والدخول إلى أهم سوق في العالم.

حول هذا الواقع علق هاريش بيجور، رئيس شركة «هاريش بيجور كنسلتنتس»، بقوله: «إن حيازة الشركات الهندية علامات تجارية فنية معروفة في الولايات المتحدة، ساعد على تغيير الصورة النمطية القديمة عن الهند. ومن المؤكد أن هذا الوضع سيترجم إلى مزيد من الاستثمارات في هوليوود». لكنه أعرب عن قلقه من تعرُّض الهنود مستقبلا في هوليوود لعقبات، على غرار ما واجهه اليابانيون في الولايات المتحدة فيما مضى.

والجدير بالذكر أن المنتج الهندي إيه. في. تي. شانكارداس، المقيم في لوس أنجليس، والذي تولى إنتاج عدة أفلام، أسس صندوقا استثماريا في الهند برأسمال 100 مليون دولار. ويسعى الصندوق، واسمه «غلوبال إنترتينمنت بارتنرز»، إلى التشارك مع شركات أخرى وأفراد لإنتاج مواد أميركية وعالمية. ومن المقرر أن ينتج الصندوق أكثر من 200 مادة خلال السنوات الخمس المقبلة، ما بين أفلام وبرامج تلفزيونية. وحول خططه قال شانكارداس: «إذا كنت تشارك في مجال الأفلام ولديك ذهن متقد، فستتمكن من توقع حدوث ركود خلال فترة قصيرة، ذلك أن صناعة الترفيه تعد المؤشر الأول على المشكلات المالية. وبالفعل، تعاني الشركات الأميركية حاليا نقصا في الأموال اللازمة لإنتاج أفلام».