فنانة بريطانية: أحمل حبا خاصا للحصان العربي

تقيم معرضا على هامش مهرجان الخالدية الدولي للجواد العربي

لوحة «داكارو»
TT

بلوحات تستعرض جمال وقوة وعنفوان الجواد العربي، تشارك الفنانة البريطانية الشابة نيكولا إدري بمعرض فني يقام على هامش مهرجان الخالدية الدولي للجواد العربي 2010، الذي انطلق أمس في مزرعة الأمير خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع والطيران السعودي للشؤون العسكرية جنوب غربي الرياض.

وتعكس لوحات إدري تأثرا واضحا بعدد من الفنانين العالميين الذين احتل الجواد أهمية خاصة في أعمالهم، أمثال جورج ستابز وثيودور غيركولت. وتقول الفنانة خلال حديث لـ«لشرق الأوسط» إنها نشأت في عائلة تربطها علاقة خاصة بالجياد، كون والدها هو خيال السباقات (جوكي) البريطاني المعروف، بات إدري، وتضيف «الحصان كان له أهمية خاص في حياتي». ومارست نيكولا ركوب الخيل منذ طفولتها، وتقول إنها اعتقدت في وقت من الأوقات أنها شاهدت أجمل الخيول في العالم من خلال أسفارها، ولكن ذلك تغير مع زيارتها الأولى للسعودية «هناك فهمت بالفعل لماذا يعتبر الجواد العربي أحد الكنوز العربية».

ولدت نيكولا عام 1982 لعائلة تجمعها علاقة حب بالخيول وعالم السباقات، ولكون والدها خيال سباقات شهيرا، نشأ مع نيكولا تعلق بالخيل، وتذكر أنها بدأت ركوب الخيل منذ طفولتها المبكرة. وتضافرت لدى إدري هواية ركوب الخيل وحبها لها مع موهبة الرسم التي التفت لها معلموها في المدرسة. وبعد انتهاء دراستها جالت نيكولا في عدد من دول أفريقيا عادت بعدها لصقل موهبتها الفنية بالدراسة حيث التحقت باستديوهات «تشارلز إتش سيسيل» في فلورنسا بإيطاليا لأكثر من عامين، وفي 2009 التحقت باستوديو «اسكاليية» في لوار فالي بفرنسا، حيث قضت ثلاثة أشهر. وتعتزم إدري العودة للدراسة مرة أخرى في الربيع القادم تحت إشراف سيث غاكوبز في فرنسا.

وخلال السنوات السابقة شاركت نيكولا بلوحاتها في عدد من المعارض، ولكن معرضها الحالي في مهرجان الخالدية يعتبر معرضها المنفرد الأول.

تقول نيكولا، في حديث حول أهم الفنانين العالميين الذين تأثرت بهم، إن معظم الفنانين الرواد قد رسموا الخيول في أحد أعمالهم، وتشير بالتحديد إلى أعمال فان دايك وجورج ستابز ويوجين دولاكروا. ولكنها، وحين تؤكد تأثرها بأعمال هؤلاء الرواد في هذا المجال، تؤكد أن لوحاتها تتميز بحب للجواد «لهذا أحب أن أجسده في لوحاتي، وأعتقد أن أي فنان يرسم حصانا لا بد وأن يكون ذلك نابعا من حب للحيوان». وتضيف نيكولا بخجل: «لا أقارن نفسي مع الرواد، ولكني أرسم بأسلوب معاصر، وأتبع ما تعلمته ودربت عليه».

ومن خلال أسفارها في أفريقيا وأوروبا وآسيا شاهدت نيكولا سلالات مختلفة من الخيول، وتقول «هناك الكثير من الأنواع هناك، ولكني أحمل حبا خاصا للحصان العربي.. خاصة قوس الرقبة والأنف المميز. وعندما زرت السعودية أسرني جمال الحصان العربي هناك، فهو لا يقارن».

وتستمر إدري قائلة: «بدأت مغامرتي هناك في 2006 في الرياض، حيث قضيت أسبوعا استمتعت فيه بالحضارة والتاريخ والثقافة والطعام السعودي». وتشير إلى أنها قد زارت الأماكن التاريخية في الدرعية والمصمك في الرياض، وأيضا الأسواق التي امتلأت بالسجاد والحلي، والبهارات التي ملأت الأجواء بروائح أخاذة، وشكلت الخلفية التي أثرت على عمل نيكولا فيما بعد. ولكن رغم كل تلك المشاهد الأخاذة الآتية من حضارة عريقة ومختلفة في عيون تلك الفتاة البريطانية، فإن زيارة مزرعة الخالدية للخيول لصاحبها الأمير خالد بن سلطان أكسبت التجربة كلها سحرا جديدا. تقول نيكولا: «المزرعة مكان فريد بحق، فهي تمتد على مدى 3000 فدان من المساحات الخضراء تحيط بها أشجار عالية لا تجاورها سوى كثبان الرمال. عند وصولي للمزرعة عاينت مجموعة من أجمل الجياد في المزرعة التي أصابتني بالذهول لروعتها وكمالها».

واستمدت نيكولا من تلك الجياد مادة ثرية للوحات بديعة التفاصيل، تشي تكويناتها بجمال عربي أصيل اكتشفته وجسدته فرشاة فتاة بريطانية.

المعرض يضم عددا من اللوحات لتلك الجياد، ولعل لوحة «داكارو» من أبدع تلك اللوحات التي تصور رأس الحصان، وقد التفت بعنقه الجميل إلى الخلف. هناك أيضا لوحة «الجياد الملكية الحمراء»، التي تظهر براعة الفنانة وجمال وثراء التفاصيل الجسدية لحصانين ممشوقين يقفان على سجادة حمراء. أما لوحة «السفير» فهي تعكس بهاء وجمال وزينة الحصان. واعتمدت نيكولا في رسم مجموعتها من الجياد على إعداد رسومات مبدئية بالقلم الرصاص والتقاط الصور الفوتوغرافية كمرحلة أولى تبعتها برسم اللوحة الفعلية فيما بعد داخل الاستديو الخاص بها.

وتقدم نيكولا في معرضها أيضا عددا من الرسومات التي خطتها خلال زيارتها لمدينة جدة، والتي تصور الأزقة القديمة لمنطقة البلد وأيضا البيوت القديمة، وبورتريها لرجل من جدة، وعددا من اللوحات التي تصور الحياة في الصحراء والحيوانات هناك.

ويقول روبن ستارت، صاحب «بارك غاليري» في لندن وممثل الفنانة، إن نيكولا تتميز بالتفاني في عملها وبذل الجهد، ويشير إلى أنه يشعر بالسعادة لكونه يرعى المعرض المنفرد الأول للفنانة في مهرجان الخالدية. ويضيف ستارت «نيكولا فنانة شابة تمتلك كما هائلا من الموهبة والإمكانات المبشرة. وهي تهتم بعملها بشكل كبير وتعمل جاهدة على صقل موهبتها بالدراسة».

ويشير ستارت إلى أن الكتالوغ الخاص بالمعرض والتحضير الفعلي للعرض حظي بمساعدة من الفنانين السعوديين محمد فارع وعلى الرزيزا.

وفي مقدمته للكتالوغ الخاص بالمعرض كتب السير، بيتر أو ساليفان، وهو من أشهر معلقي «بي بي سي» في مجال سباقات الخيل أن معرض إدري يعتبر «إثباتا على أن القرن الواحد والعشرين هو العصر الذهبي لفناني الفروسية». ويضيف أو ساليفان أن لوحات إدري تعكس «قدرة مدهشة على تصوير واحدة من قصص الطبيعة العظيمة، ألا وهي خيول السباق الأصيلة».

ويشار إلى أن مهرجان الخالدية يقام للعام الثاني، ويعد الحدث الأبرز من نوعه، حيث يعمل على إعادة صيت الخيول العربية في موطنها الأصلي بقلب الجزيرة العربية».