قرب اندثار الكتابة على الجدران في المغرب

بعد انتشار الإنترنت

كتابات شتى لطلاب على جدران مدرسة (تصوير: عبداللطيف الصيباري)
TT

لفتت حادثة وقعت في مدينة مراكش (وسط المغرب)، قبل نحو ثلاث سنوات، الأنظار إلى ظاهرة الكتابة على الجدران، عندما اعتقل ثلاثة تلاميذ وأحيلوا إلى المحكمة بتهمة «إهانة المقدسات» نظرا لكتابتهم عبارات على جدران إحدى المدارس الإعدادية في بلدة «آيت أورير» صنفت ضمن العبارات المخالفة للقانون، وكانت سنوات بداية الألفية الجديدة، شهدت ذروة انتشار ظاهرة الكتابة والرسم على الجدران في المغرب مع الانفتاح السياسي الذي عرفته البلاد، بيد أن هذه الظاهرة بدأت في التراجع مع الانتشار الواسع لثقافة الإنترنت داخل المجتمع المغربي، وخاصة في أوساط الشباب.

أدت عوامل كثيرة إلى تفاقم ظاهرة الكتابة والرسوم على الجدران في شوارع الرباط، وخاصة على جدران المدارس، فإلي جانب العبارات التقليدية التي يكتبها التلاميذ، التي تخدش الذوق والآداب العامة، بدافع الانتقام وتصفية الحسابات مع رفاق الدراسة، وأحيانا بحثا عن الشهرة، أو التمرد وإعلان موقف ما من إدارة المدرسة، أو تكون أيضا الكتابة على الجدران مجرد دعاية إلى مكان ما، يريد المراهق أن يلفت إليه أقرانه. وساهمت أيضا ظهور جماعات موسيقى الراب والهيب هوب في أوساط الشباب المغربي، في وضع لمسات جديدة في كتابات ورسومات الجدران باتت أقرب إلى فن «الغرافيتي».

وانتقلت عناوين معظم الشعارات التي كانت تكتب على الجدران المعبرة عن التنافس التقليدي بين مشجعي أكبر ناديين رياضيين لكرة القدم في المغرب، وهما الرجاء والوداد، إلى التعبير عن ظاهرة انقسام الشباب المغربي لتشجيع فريقي ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين، ومن ثم انتقل هذا التنافس المحموم للتعبير عنه في مواقع «الشات والدردشة» عبر الشبكة الدولية للاتصالات، فتراجعت بشكل عام، ظاهرة الكتابة على الجدران في الشوارع، ولم تعد المدارس في حاجة إلى اللجوء إلى وسائل تربوية مضادة، لمحو الشعارات من الجدران، أو تخصيص جزء من جدرانها للموهوبين من التلاميذ لكتابة ورسم شعارات مقبولة تضفي على المكان جمالا ورونقا من جهة، ومن جهة أخرى يعد ذلك قناة لتفريغ طاقات التلاميذ وللتعبير عن ما يختلج في صدورهم.

والطريف أن الكتابة على الجدران تستهوي أحيانا حتى الكبار، ولكن بصيغة أخرى، حيث يلجأ البعض إلى استعمالها كوسيلة إرشادية وتحذيرية عندما يتضايقون من تصرف ما، فتنتشر على جدران المنازل والمحلات التجارية، عبارات من نوع على غرار «ممنوع رمي الأوساخ» أو «ممنوع الوقوف» و«ممنوع الجلوس في درج العمارة».

وأحيانا تبدو هذه العبارات غاضبة ومستنكرة، وتكتب بصيغة، اللبيب بالإشارة يفهم مثل عبارة «لا ترموا الأزبال هنا يا..»، ولا تكون هذه الشعارات جارحة وغير مهذبة فحسب، بل إن الطريقة التي تكتب بها تخدش الذوق وتفتقد إلى أي نوع من الجمالية، فتستعمل أدوات غير مناسبة للكتابة، وتكتب في أغلب الأحيان بخطوط رديئة ومنفرة، وفيها الكثير من الأخطاء النحوية.