أسبوع «ألتا روما» ينطلق معانقا ألوان الربيع والصيف وفن الأوريغامي

ليس لمنافسة باريس وإنما لفرض اسمها على برنامج الموضة العالمي

TT

ما إن انتهت عروض باريس لموسم الأزياء الراقية، حتى تسلمت روما المشعل لتطلق أسبوعها السنوي. أسبوع لا يزال يتوق للزمن الجميل وتحاول من خلاله روما، ليس منافسة باريس بقدر ما تحاول أن تفرض اسمها على برنامج الموضة العالمي. الأمر بالنسبة لها وللرومانيين، يعتبر إرثا يجب استرجاعه والحفاظ عليه هذه المرة، إذ إنها كانت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي مهد الموضة الإيطالية. فمنها انطلق فالنتينو وجورجيو أرماني وغيرهما، وفيها حطت أجمل نساء العالم، بدءا من أودري هيبورن وإليزابيث تايلور إلى جاكلين كيندي أوناسيس للتسوق أو تفصيل فساتينهن. لكن دارت الأيام وفقدت بريقها بالتدريج، خصوصا بعد أن هجرها العديد من أبنائها بعد أن ابتسم لهم الحظ. وبالفعل بقيت لسنوات في الصف الثاني وراء مدينة ميلانو، التي استغلت الوقت وانطلقت انطلاق الصاروخ بأسبوعها الخاص بالأزياء الجاهزة. بيد أنه ما يحسب لروما والرومانيين حاليا أنهم استوعبوا الدرس ويحاولون جهدهم إحياء مجدهم، مرة بالاعتماد على بيوت أزياء رومانسية عريقة مثل «سارلي» و«غاتينوني» وغيرهما، ومرة بفتح الأذرع لمصممين من عوالم أخرى، وعلى رأسهم باقة من اللبنانيين والعرب، الذين أصبحوا وجها من وجوهها الجميلة. فبهم تسطع سماؤها بالبريق والفنية وبهم تستعيد أناقة الزمن الجميل. من هؤلاء نذكر المصمم السوري المقيم في دبي، رامي العلي واللبناني عبد محفوظ وطوني ورد وغيرهم. افتتحت الأسبوع ماريلا فيريرا بمجموعة تؤكد أننا ما زلنا في موسم الـ«هوت كوتير» وأن دورة الأزياء الجاهزة لم تبدأ بعد. فهي تشكيلة حالمة لكن بتقنيات عصرية وحديثة، على العكس تماما من دار «غاتينوني» التي أخذتنا إلى الفخامة الرومانسية، سواء من حيث الأقمشة والألوان أو التصميمات. والحقيقة أن فستانا من الدانتيل المطرز باللون الوردي مع معطف رائع بياقة جد مبتكرة وفخمة استحضر أسلوب فالنتينو، ورومانسيته التي غابت في عروضه الأخيرة بعد تقاعده. اللبناني عبد محفوظ كعادته خاصم الأسود تماما، مبررا ذلك بقوله إن التشكيلة موجهة للربيع والصيف. ورغم أن التبرير غير مقنع، كون الموضة لا تعترف بالمواسم أو الفصول، فإن التشكيلة كانت شهية وكأنها طبق من الفواكه المشكلة من المشمش والموز والكيوي والبرتقال إلى جانب ألوان الفضي البراق والوردي المطفي المائل إلى البيج والأزرق السماوي. كل ما في التشكيلة يحتفي بالصيف فاكهة وبحرا وشعابا. لكن ما يلفت النظر أكثر هو التفاصيل التي ركز عليها المصمم وأسهب فيها أكثر من أي وقت مضى. صحيح أن تقنية الـ«شك» بالخرز والكريستال لا تزال واضحة، إلا أنها قليلة بالمقارنة بتشكيلته في الموسم الماضي التي كانت تقطر بهذه التطريزات، أحيانا بشكل يصيب بالتخمة. الملاحظ أيضا استعماله الطيات الكثيرة وفي أجزاء مختلفة من الفستان. فهي في فستان الزفاف الأبيض تتماوج على طول الصدر فاسحة المجال لظهور جزء صغير من الدانتيل على جانب واحد من الخصر، وفي فستان أخضر ظهرت التطريزات على الصدر، بينما اقتصرت التنورة الطويلة على طية فنية تبدأ عند الخصر كوردة وتنتهي عند أسفل بشكل منساب وسهل، وفي فستان برتقالي مطفي، تظهر تطريزات خفيفة بأحجار من نفس لون الفستان على جزء بسيط من الصدر يغطيه جزء يتسع لكي يحضن نصف الذراع ثم يضيق عند الخصر بطية مستقاة من فن الأوريغامي من الأمام وذيل أنيق من الخلف. في مكالمة خاصة مع الـ«شرق الأوسط» قال عبد محفوظ «إن الفكرة التي انطلق منها في تصميم هذه المجموعة هي تجدد الشباب. فبعد فصل الشتاء الطويل، يأتي الربيع لتشعر المرأة بأنها بدأت تتنفس هواء جديدا تزيد قوته مع اقتراب فصل الصيف بأيامه الطويلة وحفلاته وسهراته. وهذا يتطلب منه ثقة وشجاعة لغزو خزانة ملابسها وترتيبها من جديد لمعانقة فصل جديد من السنة ومن حياتها».

فن الأرويغامي كان أيضا حاضرا في تشكيلة دار فاوستو سارلي، إلى حد بدت فيه بعض الفساتين وكأنها استعراض لمهارته في هذا الفن. وليس أدل على هذا من عدد من التصميمات التي تبدأ محددة على الجسم ببساطة ليظهر فوقها جزء مبتكر لكن يبدو وكأنه ركب فوقها في آخر لحظة، على شكل قوس أو على شكل هلال، عدا تفننه في الأكتاف التي جاءت في بعض الأحيان على شكل مراوح إسبانية تموج بالطيات وليس بالألوان، فضلا عن منطقة الظهر التي لم يهملها، حيث جاء بعضها على شكل ذيل قصير يقف عن الركبة، وفي أحيان قليلة يصل إلى الأرض. لحد الآن لا تزال الدروس تتوالى من كبار المصممين على أسبوع «ألتا روما» للربيع والصيف، دروس تتركز على التجدد والشباب والفنية، ليتجدد الأمل في أن تصيب العدوى هذا الأسبوع فيستعيد شبابه وقوته.