مشروع جديد لإطلاق قرية تراثية تضم معظم حرفيي دمشق

تعيد إحياء المهن اليدوية التراثية المتجهة نحو الانقراض

حرفي دمشقي شاب يعمل في مهنة الخشبيات اليدوية التراثية («الشرق الأوسط»)
TT

بعد 40 عاما من تأسيس سوق المهن اليدوية في مبنى التكية السليمانية الأثري وسط العاصمة السورية دمشق الذي ضم نحو 100 حرفي يدوي حيث ضاقت السوق بطالبي استثمار أماكن جديدة لعمل الحرفيين الدمشقيين وبخاصة الشباب منهم، وبعد أن تحولت محلات السوق إلى مكان للعرض والبيع فقط لا للعمل اليدوي أمام الزوار, يستعد اتحاد حرفيي دمشق لإطلاق مشروعه الجديد وهو بناء القرية التراثية الحرفية. ومن المتوقع أن تُبنى القرية إما في منطقة المعضمية وإما في تنظيم باب شرقي حسب الأرض التي ستقدمها محافظة دمشق لاتحاد حرفيي دمشق.

ويُتوقع أن تستوعب القرية معظم الحرفيين اليدويين الدمشقيين في ورش يعملون فيها أمام زوار القرية ومحلات لعرض منتجاتهم التراثية اليدوية وبيعها لرواد القرية.

يقول رئيس اتحاد الجمعيات الحرفية بدمشق (نذير الكردي) ل-«الشرق الأوسط»: «لدينا الكثير من المهن التراثية التي تميل إلى الانقراض، ولذلك كانت الغاية من إنشاء القرية التراثية إحياء التراث وإعادة الألق إلى المهن الدمشقية القديمة حتى يتمكن زوار دمشق من الاطلاع عليها, وسنقوم ببناء القرية في أرض مقدمة من محافظة دمشق ضمن الحدود الإدارية بمساحة صغيرة نسبيا ولكنها ستجمع نحو 50 حرفيا تراثيا سيعملون أمام الزائر في مهنته مثل الرسم على الزجاج وتلبيس النحاس بالفضة والبروكار والقيشاني وغيرها وسنشترط على الحرفي المستفيد من القرية تعليم شباب جدد في مهنته وأن يخرج سنويا ثلاثة حرفيين شباب حتى تتواصل وتستمر بين الأجيال».

«وستكون هذه القرية ستكون خاصة بالحرفيين بينما سوق المهن في التكية وللأسف» يضيف الكردي «تحولت 90% من محلاتها إلى تجارة الشرقيات ومنتجات الحرفيين الدمشقيين حيث يأخذونها من هؤلاء ويبيعونها في سوق المهن بينما كانت عند إطلاقها من قِبل وزارة السياحة السورية يعمل بها الحرفيون اليدويون فعليا».

ويجيب الكردي عن سؤال حول إمكانية إقبال الشباب على تعلم الحرف القديمة اليدوية والمتعبة مع التطور العصري وبحثهم عن ربح مادي سريع أنه عندما نهيئ لهؤلاء الظروف والمناخ والمناسب ونوجد لهم الأسواق لبيع منتجاتهم سيقبلون على تعلم المهن اليدوية خصوصا تلك المطلوبة في السوق وتتجه للانقراض مثل الزجاج المعشق الملون حيث لا يوجد في سورية سوى حرفي واحد يعمل فيها وعندما يكثر عدد العاملين في هذه الحرفة سيقبل الناس على شراء منتجاتها خصوصا أنها تعطي زجاجا جميلا تراثيا يُستخدم في النوافذ والأبواب، وهناك مثلا صناعة الطرابيش وتبييض النحاس وسروج الخيل وغيرها. والقرية الجديدة ستُبنى بعمارة حديثة ولكن بطراز هندسي معماري تراثي أيضا مثل وجود الأقواس والزخارف حتى تتلاءم مع وظيفة محلاتها. ويتفاءل الكردي بمستقبل مشروع القرية الجديدة وما سيجذبه من زوار خصوصا أن «حرفيي اتحاده اليدويين كانوا حاضرين العام الماضي في الحارة الشامية التي شاركت فيها محافظة دمشق في معرض إسطنبول الدولي بتركيا ولاقت إقبالا كبيرا من الزوار الأتراك وغيرهم, وهناك مشاركة مماثلة بِحارة شامية تقليدية في معرض برشلونة».