«برايم فوكاس» الهندية للمؤثرات البصرية تلعب دورا رئيسيا في «أفاتار»

نفذت أكثر من 200 مشهد في الفيلم بعمل مجسّم للسفينة الأم لقوات غزو الأرض

ابتكرت «برايم فوكاس» مروحيات ومباني وتضاريس طبيعية عبر الكومبيوتر للكثير من الأحداث المهمة داخل الفيلم (أ.ب)
TT

فيلم «أفاتار» أحدث أفلام الخيال العملي، الذي أخرجه جيمس كاميرون صاحب فيلم «تايتانك»، بهر محبي السينما في جميع أنحاء العالم بالتقنية البصرية المذهلة. لكن القليل من الناس يعرفون أن للفيلم علاقة خاصة بالهند، حيث لعبت شركة «برايم فوكاس» الهندية للمؤثرات البصرية دورا رئيسا خلف الكواليس في هذا الفيلم الضخم. قامت شركة «برايم فوكاس» التي نفذت أكثر من 200 مشهد بعمل مجسم (ثلاثي الأبعاد) للسفينة الأم لقوات غزو الأرض التي قامت عن طريقها الشخصيات الرئيسية في الفيلم بعمل نموذج ثلاثي الأبعاد لـ«الشجرة المنزل» لمواطني الكوكب الغرباء. وقد ابتكرت «برايم فوكاس» مروحيات ومباني وتضاريس طبيعية عبر الكومبيوتر للكثير من الأحداث المهمة داخل الفيلم. وما يقرب من 80 في المائة من المؤثرات الصوتية الرئيسة في فيلم تويلت ساغا «نيو مونز»، الذي تم تصويره في كولومبيا البريطانية، تشمل العناصر الرئيسة للمناظر الطبيعية والمناخ ومؤثرات «الجلد الماسي» على إدوارد وشخصيات مصاصي الدماء الأخرى. وكان أبرزها المجهود الضخم لإنشاء ثانوية «فوركس» والمنحدرات والعناصر الأخرى المبنية على الكومبيوتر لموقع ولاية واشنطن التي تم إنتاجها في شركة «برايم فوكاس».

ويقول ناميت مالهوترا المدير التنفيذي لشركة «برايم فوكاس»: «يستغرق الأمر من شركات المؤثرات الخاصة في هوليوود على الأقل ستة أشهر لإبداع أمر مماثل، ولذلك فنحن نتعاقد على 3 - 4 أفلام في العام».

ومنذ عام 2006 توسع نشاط «برايم فوكاس» حيث باتت تمتلك أربع شركات مؤثرات خاصة في المملكة المتحدة واثنتين في الولايات المتحدة. ولا تشكل «برايم فوكاس» حالة فريدة في الهند في النجاح في مجال المؤثرات البصرية فهناك الكثير من الشركات الهندية مثل «في سي إل» و«كريست آند رايثم آند هيوز» التي تعمل أيضا في أفلام هوليوود، ولذا فإن ما يقرب من 60 في المائة من عائدات الرسوم المتحركة والمؤثرات البصرية في الهند تأتي من الأفلام العالمية. وفي الوقت الذي لا يزال فيه السبب الأكبر في ذلك هو نموذج التعهيد التقليدي (يقوم صناع الفيلم بخفض النفقات عبر إرسال عمل المؤثرات البصرية إلى شركات هندية) فإن ريادة «برايم فوكاس» في فيلم «أفاتار» تبرز تغير تلك النظرة أيضا.

ويضيف مالهوترا: «(أفاتار) هو الأضخم على الإطلاق. وكنا قد قمنا بعمل مماثل في أفلام (جي آي جو) و(نيو مون) أيضا، لكنك عندما تعمل في فيلم (أفاتار) واحدا من بين خمس أكبر شركات فإنك بذلك تحصل على مساحة أكبر من المصداقية أكثر من العمل في أي فيلم آخر».

كما وسعت «تاتا إلكزيس» (إحدى شركات مجموعة «تاتا»)، من نطاق وجود مختبراتها للحوسبة البصرية لتشمل لوس أنجليس، حيث ستمتلك استوديو مؤثرات بصرية. وقد استثمرت «تاتا إلكزيس» في الاستوديو الجديد نحو 5 ملايين دولار، كما تعمل أيضا مع ثلاثة من الاستوديوهات ذات الخبرة في مجال المؤثرات البصرية في هوليوود («جويل هاينك»، و«تريشيا آشفورد» و«تريفا بلو»). وسيعمل استوديو «تاتا» البصري الجديد الآن في اثنين من أفلام الرسوم المتحركة (أرغون المحارب لصالح شركة «يو تي في للأفلام المتحركة»، وآخر لشركة إنتاج أوروبية). وكان الاستوديو قد حصل على المصداقية العام الماضي من خلال عملها في فيلم والت ديزني «ياشراج»، الذي كان إنتاجا مشتركا مع شركة «رود سايد روميرو»، كما قامت بالعمل الرقمي للجزء الثالث في فيلم «سبايدرمان» عام 2007.

وقام المعمل في الجزء الثالث من فيلم «سبايدر مان» بإعداد اللقطات التي تقوم على المؤثرات البصرية وأرسلت إلى كاليفورنيا حيث تم تركيبها على المشاهد التي يبدو فيها البطل يطير في حركات بهلوانية ليقفز بها من مبنى إلى آخر.

وفي فيلم «ليلة واحدة مع الملك»، الذي أنتج في عام 2006، حول شخصية «إستير» التوراتية التي تتناول الفتاة اليهودية التي أصبحت ملكة فارس، استخدم الاستوديو برامج الكومبيوتر لتكوين المناظر الطبيعية وإعمارها بالأفراد، وملأ الأرض بالقلاع، والشلالات، ومئات من الفرسان والفيلة والقرويين.

وتتوقع شركة «كريست أنيميشن» (أول استوديوهات الهند التي تقوم بأعمال الرسوم المتحركة والتي استحوذت على استوديوهات «ريتش أنيميشن» للرسوم المتحركة في لوس أنجليس قبل ما يقرب من عقد من الزمن) تحقيق أرقام قياسية عالمية في شباك التذاكر مع فيلمها الجديد ألفا وأوميغا، أول فيلم رسوم متحركة ثلاثي الأبعاد ينتجه بالاشتراك مع شركة «ليونزجيت إنترتينمنت».

تم عمل الفيلم بالكامل داخل استوديوهات «كريست أنيميشن» في شمال شرق مومباي، وسيكون «ألفا آند أوميغا» أول فيلم ثلاثي الأبعاد يُصنع على غرار فيلم «فايندنغ نيمو» و«ذا ليون كنغ». والفيلم يدور حول ذئبين مخطوفين يجدان الحب مع الوقت. ويقوم المخرج السابق في شركة «والت ديزني» ريتشارد ريتش الذي قدم أفلاما سابقة مثل «فوكس آند ذا هوند» بإنتاج الفيلم لشركة «كريست». وتأمل شركة «كريست أنيميشن» أن يسهم إنتاجها الأول في فتح الباب بصورة أكثر وتتوقع شركة «ليونز غيت» في أن توزع الفيلم على صالات العرض في الأول من أكتوبر 2010.

بات للهنود الآن قول فصل في كل الأمور المتعلقة بالمؤثرات البصرية سواء من حيث التصور أو المفاهيم أو التقنيات، ويقول فيرى فيشواجيت داس نائب رئيس شركة «فرام بوكس للرسوم المتحركة» والمؤثرات البصرية: «الحقيقة أنه في كل الأمور المتعلقة بالنواحي التقنية سواء أكانت خاصة بالتخيل أو المفاهيم والتقنيات يعهد الكثير من منتجي الأفلام في هوليوود إلى أطراف خارجية ونكون نحن هذا الطرف».

ويضيف فيشواجيت: «بصورة مبدئية، أود أن أقول إن أموالهم وعقولنا هي التي تجعلنا نُخرِج هذه الرسوم المتحركة شديدة الإبهار».

تأتي النهضة الهندية في وقت صعب بالنسبة إلى استوديوهات المؤثرات الخاصة التي ازدادت بعدما عمدت الشركات في عام 2008 إلى خفض الإنتاج وتقليص الأزمة المالية للتمويل.

ويقول المديرون التنفيذيون في الهند إن ضغوط التكلفة تدفع الاستوديوهات إلى إرسال المزيد من الأعمال إلى الهند حيث تقل تكلفة المؤثرات البصرية في الهند عن نظيرتها الأميركية بنسبة 40 في المائة. وقد شهدت صناعة الرسوم المتحركة والمؤثرات البصرية الهندية نموا تجاوز أكثر من 20 في المائة عن العام الماضي للسنة الثانية على التوالي. وتتوقع مؤسسة «برايس ووترهاوس كوبرز» استمرار هذا النمو. ويتوقع أحدث تقارير المؤسسة حول صناعة الترفية العالمية أن تنمو صناعة المؤثرات البصرية في الهند بنسبة 22.2 في المائة سنويا بين 210 و2013 لتبلغ 925 مليون دولار بعد أن كانت 283 مليون دولار في 2007.

وقال بانكاج خاندبور المخرج الفني في شركة «تاتا إلكزس في سي إل»: «عندما زرت الولايات المتحدة في عامَي 2003 و2004 والتقيت شركات المؤثرات البصرية كانوا يقولون لي: (لا يمكننا أن نعهد لكم بهذه الأعمال)، بيد أن أولئك الرافضين هم الذين يحاولون التفاوض الآن».

وكانت شركتان من هوليوود قد افتتحتا مؤخرا شركات للمؤثرات البصرية في مومباي هما شركتا «جيون» التي أسسها باري وازبورن منتج فيلم «ملك الخواتم»، وشركة «آي كويب ستوديوز» التي يرأسها تشارلز داربي أحد منتجي فيلم «تيتانيك» ومسلسل «روما» التاريخي الذي أنتجته قناة «إتش بي أو». وتعد الولايات المتحدة السوق الكبيرة للرسوم المتحركة الهندية، فيقول بي جاياكومار الرئيس التنفيذي لشركة «تونز» (Toonz) للرسوم المتحركة إن ما يقرب من 40 في المائة من رجال صناعة الرسوم المتحركة يأتون من الولايات المتحدة، وما بين 35 و40 في المائة آخرين يأتون من جميع أنحاء أوروبا. وقال: «بدءا من عام 2005، ضخت شركات (وول ستريت) 3 مليارات دولار في هوليوود لكن التمويل توقف في عام 2008. على الرغم من ذلك، نمت الرسوم المتحركة الهندية بمعدل صحي بلغ 20 في المائة العام الماضي، ومع توافر الأعمال الآن فإن التوقعات جيدة»، وقال: «ومن بين الأعمال التي قامت بها شركة (تونز) فيلم (دراغون لانس)، الفيلم المبني على الأبراج والتنانين، و26 حلقة من المسلسل التلفزيوني للـ(بي بي سي)، المبني على قصص الرجال الخارقين (إكس مِن)».