وزير الثقافة السعودي يفتتح معرض «العين نصف الحياة» للتشكيلي المغربي محمد الشهدي

يقام في «أتيليه جدة» ويضم 40 عملا

الفنان الشهدي في مرسمه في جدة
TT

يفتتح الدكتور عبد العزيز خوجه، وزير الثقافة والإعلام السعودي، مساء اليوم في صالة «أتيليه جدة للفنون الجميلة» في مدينة جدة المعرض الشخصي للفنان التشكيلي المغربي محمد الشهدي تحت مسمى «العين نصف الحياة»، ويضم المعرض نحو 40 عملا بمقاسات مختلفة تعتبر مضامينها امتدادا لتجربته السابقة، ويطور الشهدي في تجربته الجديدة دور العين كمفهوم شامل وبتقنية محترفة.

ويعتبر التشكيلي المغربي محمد الشهدي فنانا متعدد المواهب، فهو شاعر وروائي وكاتب قصة له إصدارات أدبية كثيرة منها: «أوراق من دم متجدد - ديوان شعر»، و«الهجرة إلى الرحيل - قصص»، و«سباحة الغرقى - رواية»، و«شيء كالسر - قصص»، و«براعة الفناء - ديوان شعر عن الانتفاضة الفلسطينية»، و«مواعيد الظل – قصص»، و«رفات – شعر»، و«رحمة – رواية»، و«ورود على محرقة الاشتهاء – ديوان»، وله مؤلفات تحت الطبع منها «السيرة الذاتية - الرعدة» في جزأين.

كما عمل الفنان محمد الشهدي أمينا للمكتبة المحمدية في مدينة سلا بالمغرب في الفترة من 1981 – 1990، وهو عضو مؤسس لجمعية «نهضة الفن التشكيلي المغربي»، وأقام الكثير من المعارض الشخصية في المدن المغربية والأوروبية ومدينة جدة، حيث يقيم منذ 20 عاما.

واعتبر مجموعة من النقاد، في شهادات تضمنها كتاب صدر متزامنا مع المعرض، الفنان الشهدي فنانا متأملا لكل ما حوله وتبرز في أعماله التشكيلية ملامح البيئة المعمارية المغربية والجدران ذات الشقوق والتصدعات حتى ما يخلفه البشر على الجدران.

وعلى الرغم من أن تجربة الشهدي الجمالية تحتوي على مفردات من جنس واحد يتحدد في الحروفية العربية، فإن الفنان صاغها بتوازن واتزان يريح المشاهد للأعمال الفنية دون توتر أو تذبذب في الرؤية، ودون قلق في الاستمتاع الجمالي.

وفي شهادتها التي تضمنها الكتاب قالت الناقدة التشكيلية السعودية فوزية الصاعدي إن الشهدي يوظف الخامات المختلفة مثل السيراميك والألوان البديعة التي تحفل بها الجداريات والمنمنمات الأرضية، مما يعكس جمال البيت المغربي. وأن في أعمال الشهدي رحلة وجدانية يستشعر مع كل حرف دفء العواطف وصدق الانتماء، حيث تظهر في كل لوحة من لوحاته قصة أو قصيدة شعرية، أما الإنسان فإنه يظهر في بعض أعماله على شكل هيئة بشرية خالية من جميع الملامح إلا من الحروف التي من خلالها يستطيع الإنسان أن يعبر عن نفسه وبها يصل إلى الآخرين.

وتقول الصاعدي إن هناك بعض العلامات والمفردات التي يمكننا قراءتها وملاحظتها مباشرة على سطوح أعمال الشهدي فنجد لمسات وإبداعات المعمار المغربي من فنون الخشبيات، التي تتكرر في أعماله، وبين فنون الجص والأشرطة الجبسية المزخرفة والسيراميك والألوان البديعة التي تحفل بها الجداريات والمنمنمات الأرضية، مما يجعل البيت المغربي آية من آيات السكن والراحة النفسية، بالإضافة إلى الحرف العربي الجميل فهو يعود إلى الحروف أو حتى أجزائها وحليها يطوعها كيفما يشاء.

أما الدكتور سعد العبد، الأستاذ المشارك في كلية التربية للبنات في أبها، فاعتبر أن «اللوحة عند الشهدي تمثل دعوة مفتوحة للسفر نحو عوالم البهاء والشموخ، فالفن عنده يتجاوز المنطق النمطي، إنه فعل وانفعال مستمر، مع تفاعلات الواقع وأحلام الممكن».

ووصف الناقد المغربي الدكتور عبد الرحيم العطري أعمال الشهدي بأنها تمثل «غواية الحرف الأصيل»، حيث يعانق الفنان «الجرح النازف صعودا، إلى متاهات الأنفاس وبداهات الأشياء». وقال إن الشهدي «يمارس شغب اللون احتجاجا على موت الإنسان وضياع المعنى، يأخذنا نحو الغرائبي والغائر فينا عميقا، يهدينا لحظات من الصحو ضد ثقافة النسيان، يغادر إلى تشكيل فائق العذوبة، يتخطى سطحية اللحظة، إلى ما يشبه البذخ الصوفي والألق الوجودي».

وقال العطري إن «الفنان الشهدي لا يمارس الترف الإبداعي، فالفن عنده ضرورة ورسالة، تحتمل أكثر من قراءة»، وأضاف: «الشهدي فنان ملتزم، يختار ألوانه بعناية فائقة، ويدبر تيماته بحرفية وفنية عالية».

اعتمد الشهدي في أعماله على الخطوط المقوسة كبناء يسمو في تعاليه وانسيابية رأسية، وهو يحقق بوعي جمالي قيم الترابط والوحدة، حيث يظهر ذلك التعشيق والترابط بين التشكيلات الحروفية التي تؤكد قيمتها كجزئيات يتكون منها العمل دون أن يمكن فصل بعضها عن بعض، فكأنها كيان واحد يصعب تفكيكه.