«عسل» التركي يفوز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي

المخضرم رومان بولانسكي أفضل مخرج عن فيلم «الكاتب الخفي».. رغم الإقامة الجبرية

الفيلم التركي «عسل» (Bal) قطف الجائزة الذهبية بجدارة
TT

فاز الفيلم التركي «عسل» للمخرج سميح قبلانوغلو بجائزة الدب الذهبي في الدورة الستين لمهرجان برلين السينمائي الدولي (البرليناد) التي أعلنتها مساء أول من أمس السبت لجنة التحكيم برئاسة المخرج الألماني فيرنر هرتزوغ.

وقالت لجنة التحكيم إنها وجدت، عن حق، أن فيلم المخرج سميح قبلانوغلو متعدد الجماليات، فهناك البصرية الأخاذة، كون الفيلم مصورا في قرية تقع في بيئة جبلية معزولة، وهناك المنسابة من خلال مشاعر الصبي وعلاقته بمحيطه بدءا من أبيه، جامع العسل، ووالدته الحنونة إلى المدرسة فالقرية والغابة التي تحيط بها والطبيعة الآسرة.

هنأ الرئيس التركي عبد الله غول مخرج الفيلم على فوزه بالجائزة. وذكرت وسائل إعلام تركية أمس الأحد أن غول هنأ مخرج الفيلم سميح قبلانوغلو كما أشاد في برقية التهنئة بمستوى الأفلام التركية.

وفيلم «عسل» هو آخر عمل في ثلاثية «لبن» و«بيض» التي تحكي السيرة الذاتية لطفل يدعى يوسف ثم تتطرق إلى مراهقته وشبابه وكهولته. واختارت لجنة تحكيم مهرجان برلين الليلة الماضية الفيلم التركي للفوز بجائزة أحسن فيلم بعد مرور 46 عاما على حصول عمل تركي على الجائزة.

لكن المخرج التركي قبلانوغلو لم يستحوذ على جائزة أفضل مخرج، إذ ذهبت هذه إلى السينمائي المخضرم رومان بولانسكي عن فيلمه التشويقي «الكاتب الخفي»، الذي يدور حول كاتب مطلوب منه صياغة مذكرات رئيس وزراء بريطاني، لكنه يجد أن المهمة قد تعود عليه بالخطر كونه اكتشف أن الكاتب السابق مات مقتولا وقد ينتهي هو إلى ذات المصير.

فيلم «الكاتب الخفي» مثال على أن المخرج قد يكون أفضل من فيلمه. تقنيا وكعملية تنفيذ إخراجية، لا يزال بولانسكي يمسك أدوات اللعبة ويديرها جيدا، لكن السيناريو يفوت فرصا متاحة لنقل الفيلم من جيد إلى جيد ومهم، ومن مجرد شريط تحقيقات تشويقية، إلى عمل عنكبوتي ما دام الحديث الذي يتناوله الفيلم هو أشبه بحديث المؤامرات ونظرياتها التي تنهل من الواقع وتضيف عليه.

كلتا الجائزتين في مكانها الصحيح، وبينما كان المخرج التركي موجودا هناك لتسلم الجائزة الثمينة لم يستطع بولانسكي الحضور. واتصل به المنتجان روبير بن موسى وألان ساردي، وأخبراه بالنتيجة. على الهاتف فهم أن ساردي تمنى لو كان المخرج موجودا، فمازحه ذاك قائلا «ربما لو أتيت لأعيد القبض علي ووضعي في السجن. هذا ما حدث معي آخر مرة حاولت الوصول فيها إلى مهرجان»، وهو بذلك قصد قصة اعتقاله حين وطأت قدماه مطار جنيف وهو في طريقه إلى مهرجان لوكارنو حيث كان من المقرر تكريمه.

الفيلم الروماني «لو أردت أن أصفر لصفرت»، عن مصير شاب في الثامنة عشرة يعاني حال خروجه من السجن احتمال العودة إليه، فاز بجائزة «جائزة التحكيم الكبرى» (الدب الفضي). الفيلم استقبل جيدا وكان دائما من بين الأعمال التي اعتقد النقاد أنها ستفوز. في هذا الفيلم الذي أخرجه فلورين سربان تأكيد على روح جديدة تعم السينما الرومانية، ولو أن أساليب السرد القائمة على كسر الدراما وتحويل القصة إلى ما يشبه التسجيل هي السائدة في الأفلام الرئيسية الثلاثة التي خرجت من هذه الصناعة، وهي «موت السيد لازارسكو» لكريستي بياو (الذي لا يزال عندي أفضل المجموعة) و«أربعة أشهر وثلاثة أسابيع ويومان» لكريستيان مونيو، وكلاهما احتفي بهما ونالا الكثير من الجوائز الأولى.

فيلم «كيف أنهيت عطلتي الصيفية» للروسي أليكسي بوبوغربسكي نال جائزتين: بطلا الفيلم الذي تقع أحداثه في منطقة قطبية نائية (واللذان ينفردان بكل الفيلم إذ لا ظهور لممثل آخر إلا في المشهد الأخير) فازا بجائزة أفضل تمثيل، وهما غريغوري دوبريغين وسيرغي بوسكيباليس. بينما فاز الفيلم بجائزة أفضل تصوير التقطها مدير التصوير بافل كوستوماروف.

على الجانب النسائي ذهبت جائزة أفضل ممثلة إلى اليابانية شينوبو تيراجيما عن دورها الصعب في تلك الدراما اليابانية «اليسروع» التي دارت حول زوجة عليها أن ترعى زوجها العائد من الحرب الصينية مبتور الأطراف متظاهرة أمام القرية بالتضحية والقبول، بينما تعاني داخل البيت من كل ما يمكن لامرأة أن تعانيه خلال رعاية رجل مشوه وفاقد النطق والسمع ولا يقدر على الحركة. يلاحظ المرء أن الجوائز ذهبت فعلا لمن يستحقها في الميادين الصحيحة. ومع أن السينما الألمانية لم تحظ بجائزة وهي التي كانت حاضرة من خلال فيلمها «اللص»، إلا أن تمويلها الجزئي لفيلمي «عسل» و«الكاتب الخفي» نوع من التعويض في وقت تشهد فيه صناعة السينما الألمانية نشاطا واسعا.

كذلك غابت الجوائز عن تلك الأفلام التي حاولت طرح مشكلات اجتماعية وجدتها اللجنة، التي ترأسها المخرج الألماني فيرنر هرتزوغ، محلية وخاصة، مثل الفيلم الدنماركي «سابمارينو» عن الإدمان، والألماني «شهادة» لبرهان قرباني والبوسني «على الطريق» لياسميلا زبانيتش، وكلاهما خاض في الوضع الخاص بالمسلمين الأوروبيين.

في مجمله، كانت دورة ناجحة ومهمة رغم شكاوى حول غياب الأفلام التي يمكن وصفها بفوق العادة. المسابقة استطاعت احتواء أفضل ما تم تجهيزه وعدد قليل من الأفلام التي كان يمكن المرور عنها أو عرضها خارج المسابقة. كما أن المهرجان حظي بإقبال تقول الأرقام الأولى إنه وصل إلى مشارف 300 ألف مشاهد من الجمهور شاري التذاكر أو ربما تجاوز هذا الرقم.

* قائمة الفائزين: - الأسد الذهبي لأفضل فيلم: «عسل» للمخرج التركي سميح قبلانوغلو.

- الأسد الفضي - الجائزة الكبرى للجنة التحكيم: «إذا أردت أن أصفر سأصفر» للمخرج الروماني فلوران سربان.

- الأسد الفضي لأفضل مخرج «ذي غوست رايتر» (الكاتب الخفي) الفرنسي البولندي إخراج رومان بولانسكي.

- الأسد الفضي لأفضل ممثل: مناصفة للروسيين غريغوري دوبريغين وسيرغي بوسكيباليس عن دوريهما في «هاو آي إندد ذيس سامر» (كيف أنهيت هذا الصيف) للمخرج أليكسي بوبوغربسكي.

- الأسد الفضي لأفضل ممثلة: اليابانية شينوبو تيراجيما عن «كاتربيلار».

- جائزة أفضل عمل أول: «سيب» للمخرج باباك نجفي (السويد).

- الأسد الذهبي لأفضل فيلم قصير: «هاندلسي فيد بانك» لروبن أوستلاند (السويد).

- الأسد الفضي للفيلم القصير: «هايريدا» لشائي ميدزينسكي (إسرائيل).

- كاميرا البرليناد (جائزة فخرية): المخرج الياباني يوجي ياماما.