بول سميث يأخذنا إلى الريف الإنجليزي

بتشكيلة أرستقراطية عصرية

من عرض أزياء بول سميث
TT

عندما افتتح العرض بجاكيت توكسيدو يشع باللون الأخضر الفستقي البراق، شعرنا أنه سيعود بنا إلى بدايته وما يتقنه أكثر، أي التفصيل الرجالي المؤنث، لكن بول سميث أراد أن يفاجئنا ويؤكد أنه مصمم بريطاني، أولا وأخيرا. فقد أخذنا إلى الريف البريطاني، بقصوره وأجوائه الأرستقراطية. بعد التوكسيدو الذي استهل به العرض، أرسل مجموعة من القطع المتنوعة التي نسّق معظمها بقبعات مصنوعة من التويد أو «الكاب» المخصص للفروسية إلى جانب قطع الصوف المترفة التي تحمل بصمات بريطانية واضحة. وحتى يكون ديمقراطيا، لم يقتصر على الكشمير والصوف والتويد، بل مرّ سريعا على هواية «الباتشوورك»، أي الصوف المحبوك على شكل مربعات مستقلة يتم حياكتها في ما بعد للحصول على أغطية أو شالات، وهي هواية كانت تمارسها نساء من كل الطبقات، بمن فيهن الخادمات. بول سميث أسبغ على «الباشوورك» أنوثة وجاذبية من خلال فستان كان مفاجأة لذيذة. بيد أن اللافت أول من أمس في فندق «كلاريدجز» وسط لندن، أن بول سميث، الذي يشار إليه بالبنان في ما يخص التفصيل، سواء في ما يتعلق بالبنطلونات أو الجاكيتات والمعاطف، أصبح من أهم مصممي الفساتين الأنثوية الناعمة. فقد مزج في هذه التشكيلة كل خبرته في مجال التفصيل مع ما اكتسبه في السنوات الأخيرة بعد أن تَوجّه إلى المرأة، لتأتي النتيجة طبقا مشكلا بكل ما تشتهي امرأة عصرية تحن إلى فترة الخمسينات من القرن الماضي، بنكهة إنجليزية راقية. وهذا ما صرّح به لوكالة «أسوشييتد برس» بعد عرضه: «العرض إنجليزي أرستقراطي.. إنه حول البنت الشقية التي تحب أن تتسلل من البيت وتهرب بهدوء من أجواء الريف إلى لندن لحضور حفل موسيقي صاخب». ثم شرح أنه مصمم بريطاني، وبالتالي لا بد أن يتأثر بمحيطه، وأن يستقي من ثقافته وأجوائه وطبيعته بحكم أنه متشرب به ويفهمه أكثر. ما يُحسب لبول سميث أنه ظل دائما وفيا لأسلوبه، يعمل على تطويره، لكنه لا ينسى أبدا بدايته، حيث بدأ مصمما رجاليا. فهو لم يدخل عالم المرأة إلا منذ سنوات، بطلب منها، وبالفعل لم يخيب آمالها رغم أنه ظل طويلا يعترف بأن مكمن قوته في التفصيل الرجالي، والإكسسوارات المتميزة التي تغلب عليها النقوشات المطبوعة بالورود الصغيرة والألوان الطبيعية. لكنه أكد أول من أمس أنه رغم تعدّيه عمر الشباب، لا يزال شابا روحا وقالبا، الأمر الذي عبّر عنه في آخر العرض بالجري على المنصة كأنه يسابق ويتحدى العارضات اللواتي لم تتعدَّ أغلبهن العشرينات.

خرج الحضور بابتسامة مرسومة على الوجوه رغم تأخر الوقت وتعب يوم طويل، لأن بول سميث نجح في تقديم تشكيلة متوازنة وشهية، بمزجه الرائع للألوان الناعمة جدا، مثل البنفسجي الليلكي والأخضر الفستقي والبيج وغيرها، مع أقمشة صوفية وتويد وكشمير، إضافة إلى التفصيل الكلاسيكي العصري.