«يوتيوب» في خدمة تقديم الطلبات للجامعات الأميركية

«تفتس« و«شيكاغو» تشترطان الاستعانة بمقاطع مصورة للطلاب الجدد

بالنسبة لمسؤولي جامعة تفتس كانت المقاطع المصورة وسيلة مرحة للتعرف على المتقدمين بطلبات للالتحاق بالجامعة (يو تيب)
TT

هناك مقاطع مصورة لألعاب، وخدع بلعب الورق، وللفروسية، وقفز الحبل، ورسم «الاستنسل» والكثير من أغاني «الراب»، من بينها أغنية أدتها شابة بعد أسبوعين من إجرائها جراحة في الفم، ولا تزال آثار الجراحة بادية على فمها. وهناك أيضا مقطع فيديو يخص رهين كوهين تعرض خلاله صندلا أزرق ارتدته في حفل «بات متسفا» (احتفال يهودي)، وحذاء أبيض خفيفا رخيصا اشترته من بريطانيا، وحذاء أسود بكعب عال ارتدته أثناء وقوفها «بجانب هيلاري كلينتون».

موسم القراءة داخل مكاتب القبول بجامعة تفتس، وهو وقت النظر في آلاف المقالات والمخطوطات والتوصيات، يشهد هذا العام، وللمرة الأولى، مقاطع مصورة قصيرة على «يوتيوب» للطلاب لتعزيز طلبات التحاقهم بالجامعة.

وقدم نحو 1000 متقدم طلبات للالتحاق بالجامعة (من إجمالي 15000 متقدم) مقاطع فيديو. واجتذب بعضهم عددا كبيرا من المشاهدين وصل إلى الآلاف على «يوتيوب».

مثلما الحال مع جامعة شيكاغو، تشتهر تفتس بطلباتها الغريبة للالتحاق بها. وقد طلبت هذا العام الاستعانة بمقاطع مصورة من «يوتيوب». إلى جانب المقالات المطلوبة، حرصت جامعة تفتس، على مدار سنوات، على كتابة مجموعة من المقالات الاختيارية من الطلاب، من بينها «هل نحن بمفردنا؟»، وهو أحد عناوين الموضوعات لهذا العام، أو فرصة «ابتكار شيء ما» من الورق. وعليه، لم تكن خطوة غريبة من جانبها أن تضيف الجامعة هذا العام خيار نشر مقطع مصور يستغرق دقيقة واحدة «يقول شيئا عنك».

من جهته، أشار لي كوفين، مسؤول شؤون الالتحاق بالجامعة، إلى أن الفكرة راودته عندما كان يشاهد مقطع فيديو على موقع «يوتيوب» أرسله شخص إليه. وأضاف: «قلت في نفسي: إذا تقدم هذا الفتى بطلب للالتحاق بجامعة تفتس، سأوافق عليه على الفور، من دون أي طلبات أخرى».

من أجل تصوير مقاطع الفيديو المطلوبة منهم، جلس بعض الطلاب داخل غرف نومهم وتحدثوا بحماس أمام الكاميرا، بينما صور آخرون لقطات من يوم عادي من حياتهم، ظهر خلالها أصدقاؤهم ونزهاتهم لتناول طعام بالخارج. في واحدة من المقاطع، بعث عامل «دي جيه» ناشئ أجزاء من حفلات نظمها، مقترحا إمكانية قيامه بالدور ذاته داخل تفتس. الملاحظ أن قليلا من الطلاب قدموا مقاطع إبداعية.

في هذا السياق، قال كوفين: «حصلنا على أشخاص لديهم براعة كبيرة في التعامل مع التقنيات الحديثة. هذا الجيل لديه معرفة كبيرة بالتقنيات المتطورة، ويسمح لهم هذا الخيار باستعراض مهاراتهم. وعرض علينا بعض المتقدمين للالتحاق بكليات الهندسة ابتكارات لهم. في أحد المقاطع، يظهر فتى يتحدث، ثم فجأة يهبط تحت الماء ليعرض الكاميرا المائية التي اخترعها».

في الوقت الذي تعد فيه الأفيال من الموضوعات المتكررة في المقاطع المصورة، كان مايكل كلينكر الوحيد الذي تمادى لدرجة اختراعه طائرة مروحية على شكل فيل أزرق اللون يتحكم فيها عن بعد، وأظهرها في المقطع المصور وهي تطير فوق فناء منزله.

اجتذبت بعض مقاطع الفيديو عددا من مشاهدي «يوتيوب»، ربما كان أكثرها شهرة مقطع نشرته إميليا داونز، حيث تجاوز عدد مشاهداته 6.000، وحمل عنوان «اثنان من أشيائي المفضلة».

وقالت داونز، التي تقطن منطقة تشارلوت في نورث كارولينا: «في البداية، جربت الرقص بدق الأرض بقدمي، لأنه كان أفضل أنواع الرقص التي أجيدها، لكن الكاميرا التي استخدمتها كانت رخيصة، وكان الصوت سيئا. تولت صديقتي المقربة تصويري، وقمنا بإعادة كل مشهد مرة أو مرتين. وقمت بتنقيح المقطع في غضون ساعة، وتعطل جهاز الحاسب الآلي نحو خمس مرات أثناء قيامي بذلك».

ورغم ذلك، أعربت داونز عن اعتقادها بأن فكرة طرح الجامعة خيار عرض مقاطع مصورة «لطيفة للغاية».

بالنسبة لعدد من الكليات والجامعات، يعد هذا العام مميزا بمقاطع الفيديو، أشهرها المقطع الخاص بجامعة ييل المعروض على «يوتيوب» بعنوان: «لهذا اخترت ييل»، و«ريدنغ سيزون» الخاص بجامعة ديلاوير.

وأشار مسؤولون معنيون بشؤون الالتحاق بعدد من الجامعات إلى أنه حتى من دون حثهم على ذلك، حرصت أعداد متزايدة من الطلاب على تقديم مقاطع مصورة. وقد لاحظت ماريا لاسكاريس، مسؤولة شؤون الالتحاق في دارتماوث، هذا التوجه العام الماضي، وقالت إن العام الحالي شهد تدفق المزيد من المقاطع المصورة، معظمها لعروض موسيقية ومواهب في الرقص والتمثيل.

بالنسبة لمسؤولي جامعة تفتس، كانت المقاطع المصورة وسيلة مرحة للتعرف على المتقدمين بطلبات للالتحاق بالجامعة.

وأوضح كوفين: «في جوهره، يعد هذا الأمر أشبه بمحادثة بين صبي ومسؤول شؤون الالتحاق. خلال المقاطع، ترى شعرهم الأشعث، وغرف نومهم الفوضوية، وتتعرف على حقيقة شخصياتهم. لدينا الكثير من المعلومات عن المتقدمين للانضمام إلى الجامعة، لكن المقاطع المصورة تمنحهم فرصة التعبير عن أنفسهم».

وأكد أن مسألة تقديم مقاطع فيديو يعد أمرا اختياريا تماما. وعليه، فإن عدم تقديم طالب لها لا يؤثر بالسلب على تقييمه. كما أن تقديم طالب ما مقطعا رديئا لن يؤثر على فرص التحاقه بالجامعة «إلا إذا تضمن أمرا مقززا للغاية».

وأبدى كوفين التزامه بالمطلب التقليدي الخاص بكتابة مقال، مضيفا أنه «لن نتخلى قط عن الكتابة. بغض النظر عن أي أمر آخر، من المهم أن تكون لدى المرء القدرة على التعبير عن نفسه بأسلوب بليغ».

لكنه استطرد، موضحا أنه من المهم أيضا للجامعة طرق السبل الإعلامية الجديدة والتفوق فيها.

وقال: «يتميز الصبية في عمر 17 و18 بمرونة كبيرة في التعامل مع وسائل الإعلام الجديدة. ومن التحديات أمام الجامعات الآن الإبقاء على دور رائد على هذا الصعيد».

أما الأمر الذي أثار دهشته فهو أن قرابة 60 في المائة من مقاطع الفيديو من فتيات، وقرابة ثلثيها من متقدمين يعتمدون على مساعدات مالية في تغطية المصاريف، مما خفف من حدة المخاوف من أن خيار تقديم مقاطع مصورة لن يفيد سوى الميسورين ماديا.

من ناحية أخرى، أكد كوفين أنه لم يساوره مطلقا القلق حيال قضية الخصوصية على موقع «يوتيوب».

وقال: «هؤلاء الصبية يشتركون في مدونات، وعلى موقع (تويتر) ولا يبدو أنهم قلقون بشأن مسألة الخصوصية. ربما كنت ساذجا، لكن لم أحسب قط أن هذه الفيديوهات ستذاع بمثل هذه العلانية، وسيشاهدها مثل هذا العدد الضخم».

رغم أن الجامعة سمحت للطلاب بنشر الفيديو على أي موقع على شبكة الإنترنت يمكن الوصول إليه بسهولة، فإن جميع الطلاب تقريبا فضلوا «يوتيوب».

وبعد أن عاين الشعبية الكبيرة التي نالتها المقاطع المصورة، وسمع من طلاب حاليين رغبتهم في قبول المتقدمين المفضلين لديهم، يخطط كوفين حاليا لإجراء مسابقة لاختيار «معبود تفتس» بمجرد انتهاء موسم القبول.

وشرح أن «الكثير مما نفعله في إطار عملية القبول يغلفه الغموض، مما يزيد من حالة القلق البالغ بين الطلاب. أما هذا الأمر فيتميز بشفافية كاملة».

*خدمة «نيويورك تايمز»