دار إيلينا تحتفل بالمرأة الممتلئة.. والباقون بالفرو

أجواء قلقة وغاضبة تسيطر على أول أيام أسبوع ميلانو للأزياء

TT

انطلق أسبوع ميلانو في يومه الثاني محاولا تسليط الضوء على الأزياء وما يجري على منصات العروض وليس خارجها من مناقشات ومناوشات بسبب قرار أنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ»، حضور 4 أيام من الأسبوع فقط. فميلانو لا تزال تفور غضبا من الأمر رغم محاولاتها السير بأسبوعها قدما، يوم الأربعاء كان عرض إيلينا ميرو، المعروفة باحتفالها الدائم بالمرأة ذات المقاييس العادية والممتلئة أحيانا.

وهو أمر مثير للانتباه خصوصا أنها المرة الثانية خلال أسبوع واحد يتم فيها الاستعانة بعارضات ذات قوام طبيعي ولا يتمتعن بنحافة مفرطة. الأول كان هو المصمم الكندي الأصل، مارك فاست الذي استعان بعارضات بمقاس 12 و16 في عرضه الأخير خلال أسبوع لندن، مثيرا استنكار البعض وإعجاب البعض الآخر، والثاني في ميلانو لإيلينا. لكن الحقيقة أن العارضات اللواتي استعانت بهن هذه الأخيرة كن أكثر إغراء من نظيراتهن النحيفات، الأمر الذي يبث الأمل في نفوس النساء، في فتح صفحة جديدة في عالم الأزياء بعد سنوات من الاحتفال بالمظهر الأنوركسي.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مالكة هذه العلامة التجارية إيلينا ميرو، قولها إن الهدف من ذلك هو «مساعدة المرأة ذات المقاييس العادية أن تشعر بالثقة في نفسها وبالاطمئنان مع الآخرين»، لا سيما أن غالبية نساء البحر الأبيض المتوسط يتميزن بمقاييس تميل إلى الامتلاء، كما أن نظرة المجتمع، بعيدا عن عالم الموضة، لا ترحب كثيرا بالمظهر النحيف.

وصرحت ميرو لوكالة الصحافة الفرنسية أن «أهم شيء بالنسبة للمصمم هو أن يكون قادرا على تقديم نوع مختلف من الجمال، سواء في مجال التسويق أو في الإعلام». وتجدر الإشارة إلى أن الجدل الذي يحيط بالعارضات النحيفات إلى حد الأنوركسي، قد أثير منذ سنوات، إثر موت عارضتين بسبب تجويع النفس حتى يحافظن على المقاييس المطلوبة للعمل، منهما العارضة أنا كارولينا ريستون، التي كانت تزن 88 رطلا، وأصيبت بأزمة قلبية من جراء الأمر. حينها منعت غرفة الموضة في مدريد مشاركة العارضات النحيفات في أسبوعها، رغم استنكار أوساط الموضة العالمية لهذا القرار، وتمرد عواصم أخرى عليه.

من جهتها، وقعت الحكومة الإيطالية مع اثنتين من دور الأزياء ميثاقا أخلاقيا عام 2006 بهذا الشأن، وفي عام 2007، منح الرئيس الإيطالي، جورجيو نابوليتانو، المصممة إيلينا ميرو وسام فارس الجمهورية الإيطالية، «مشيدا بالعلامة التجارية الخاصة بها لتحرير المرأة من سيطرة مفهوم ضيق للجمال»، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.

لكن هل تكتسب الجهود الرامية إلى تشجيع عارضات الأزياء ذوات المقاييس الرشيقة والصحية قوة في النهاية؟ جواب يصعب الرد عليه في الوقت الحالي، لأنه وعلى الرغم من بوادر التغيير التي يقوم بها البعض، فإنها تبقى ضمن حدود ضيقة، لا سيما أن باقي المصممين لا يزالون يتعاملون مع العارضات كشماعات.

بعد إيلينا ميرو، عرض أمس كل من بلو غيرل بتشكيلة مرحة تخاطب الشابات بألوانها وقصاتها، والثنائي «دولتشي أند غابانا» الذي ركز على الدفء من خلال الصوف والفرو، الذي غلب على الأزياء والإكسسوارات خصوصا الأحذية العالية الساق التي تناسب القطب الشمالي وليس المنتجعات الشتوية فحسب، ولأن الثنائي معروف بأزيائه الأنيقة التي تخاطب امرأة تحب أن تتميز بقطعة تحمل بصماته، فإنه لم يتأخر هذه المرة أيضا وقدم نظارات شمسية ضخمة مرصعة بالأحجار لتكملة الإطلالة. روبرتو كافالي، في خطه الأرخص «جاست كافالي» أيضا لم يبخل على صغيراته بالفرو والنقوشات والألوان الصاخبة، في فساتين ناعمة وجاكيتات مفصلة أو قمصان مزينة بالدانتيل. ويبدو أن الفرو سمة مشتركة بين معظم العروض أمس، وكأن المصممين يحتمون من قشعريرة البرد التي سرت في أوصالهم منذ أن سمعوا بقرار أنا وينتور تقليص الأيام التي ستحضرها في ميلانو بهذه الخامة المترفة.

ما يثير الانتباه أن ميلانو هي الوحيدة التي تتذمر من الأمر ومن قرار وينتور، لأن باريس لم تبالِ به، مع أنها لن تحضر كل أيامها التسعة أيضا، ومع ذلك فإن البرنامج لم يتغير، ولا الأجندة. لكن ميلانو معقل غوتشي وبرادا وجورجيو أرماني وفيرساتشي وغيرهم تشعر بأنها تعرضت للإهانة بسبب هذا القرار، مما أدى إلى خلق بلبلة وتغييرات كثيرة ليست في صالح المصممين الشباب، والآن يواجه المصممون في ميلانو أزمة في التوقيت بعد أن تقرر تقديم 88 عرضا في 70 ساعة لتتناسب مع خطط رئيسة تحرير مجلة «فوغ». ويقال إن المنظمين قاموا بتعديل الجدول الزمني 3 مرات خلال الشهرين الماضيين، بمجرد أن تسرب برنامج وينتور.

وكان رئيس الغرفة الوطنية الإيطالية للموضة، وهي اتحاد لدور الأزياء الإيطالية، ماريو بوسيلي قد نشر مسودة الجدول الزمني للعروض في منتصف شهر يناير (كانون الثاني)، الذي اشتمل على 78 عرضا على مدار أسبوع كامل.

لكن بمجرد انتشار خبر وجود وينتور في المدينة لثلاثة أيام فقط، انهالت عليه الطلبات بالتغيير. وفي ظل ضغوط من شركات مثل غوتشي وجورجيو أرماني، قال بوسيلي إنه وافق على مضض على ضغط عروض دور الأزياء الرئيسية في ثلاثة أيام تبدأ من يوم الجمعة (والآن من المتوقع أن تظل وينتور لمدة أربعة أيام).

وفي الرابع من شهر فبراير (شباط) الحالي، دعا بوسيلي دور الأزياء إلى اجتماع طارئ، وافقت على إثره دار «فندي» أن تتخلى عن إحدى الفترات المهمة للعرض يوم السبت لتعرض يوم الخميس، شرطها كان أن تلتحق بها إحدى دور الأزياء الأخرى، مما جعل «برادا» تتطوع هي الأخرى لكن في وقت متأخر من اليوم.

ولم يجرِ نشر الجدول الزمني النهائي، الذي امتد ليشمل أربعة أيام رئيسية، حتى الثامن من شهر فبراير الحالي، أي قبل أقل من ثلاثة أيام من انطلاق الأسبوع، وفي أكثر الأيام ازدحاما، وهو يوم الجمعة، من المقرر أن يتم عرض 18 عرضا على مدار 12 ساعة، مقارنة بـ12 عرضا فقط في أكثر الأيام ازدحاما في أسبوع الموضة في باريس.

تعلق لافينيا بياجوتي، من دار «لورا بياجوتي»، إحدى دور الأزياء التي ستعرض تشكيلاتها يوم الاثنين وهو اليوم الذي ستغادر فيه وينتور المدينة، «بدلا من أسبوع الموضة في ميلانو، سيسمونه نهاية الأسبوع الطويلة للموضة في ميلانو». وتشرح بياجوتي أن الأمر لن يكون سهلا على الجميع خلال الأيام الأربعة بسبب الاختناقات المرورية، من جهة، وبسبب الضغوط على العارضات اللواتي سيكون عليهن الركض من عرض إلى آخر في وقت قياسي، كذلك الضيوف ووسائل الإعلام من جهة ثانية.

وهذا ما يطرح التساؤل عن مدى أهمية هذه المرأة الثلجية أو النووية، كما يحلو للبعض أن يطلق عليها، ولماذا لا تبدأ الكثير من العروض قبل وصولها مهما كان.

والجواب هو: أن المصممين يعرفون أن حضورها عروضهم، لا يؤدي فقط إلى أن تجد تشكيلاتهم طريقها إلى المجلة، لكنها أيضا ستشجع النجمات على ارتدائها والمشترين على شرائها للمحلات والمتاجر، لأنهم سيضمنون تسويقها.

يشرح ماركو بيزاري، كبير المديرين التنفيذيين في دار الأزياء الإيطالية «بوتيغا فينيتا» التابعة لشركة «بي بي آر» الفرنسية، «من المهم دائما أن تأتي أنا للعرض الخاص بك».