بيروت تستضيف معرضا لآثار الرسول والخلفاء الراشدين

يضم 150 قطعة مستعارة من متحف «طوب كابي» في إسطنبول

قطع من كسوة الكعبة المشرفة كانت من بين المعروضات («الشرق الأوسط»)
TT

150 قطعة أثرية من مقتنيات الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وآل البيت جمعها الدكتور والمهندس اللبناني خالد تدمري لتشكل معرضا هو الأول من نوعه في العالم الإسلامي ليكون بمثابة احتفال بالمولد النبوي الشريف.

من قصر «طوب كابي» في إسطنبول، وبعد عمل سنة كاملة، تم خلالها انتقاء أهم المقتنيات بعضها يعرض للمرة الأولى مثل: بردة السعادة، ونعلا الرسول صلى الله عليه وسلم، والقدح الشريف... ونقلها إلى بيروت لتزين قاعة قصر اليونسكو في معرض كان كفيلا بنقل صورة عن ذاك الزمان، مسلطا الضوء على مرحلة تاريخية أساسية في سيرة الإسلام من خلال صور فوتوغرافية التقطت وأعدت بطريقة محترفة لتنقل بأمانة كواليس حقبة شكلت مرتكزا لما بعدها من تواريخ وأحداث.

تتوزع الآثار على اختلاف أنواعها بين أجنحة رئيسية تجمع بين حنايا القسم الأول مقتنيات الرسول والرسائل التي أرسلها إلى الأباطرة والملوك لدعوتهم إلى الإسلام، وقسم آخر يضم آثار الصحابة الكرام والخلفاء الراشدين ومقتنياتهم، لتتوزع الأقسام الأخرى بين المقتنيات الخاصة بآل البيت والسيوف، بالإضافة إلى صور نادرة لمكة المكرمة والمدينة المنورة وطقوس الاهتمام بالكعبة الشريفة.

ها هو قوس الرسول صلى الله عليه وسلم المصنوع من الخيزران يعتلي جدار القاعة بعدما حفظه السلطان أحمد الأول في محفظة مرصعة بالذهب والفضة، وهنا مقبض السيف النبوي المرصع بأحجار الياقوت والفيروز ويبلغ طوله 990 سنتيمترا بمقبضته المغلفة بالذهب، وبجانبهما تبدو محفظة السيوف النبوية من القماش الأخضر المزخرف بالأزهار ونقوش كتابات عثمانية تشير إلى ملكية الرسول صلى الله عليه وسلم لها. ويظهر كذلك، خاتم الرسول صلى الله عليه وسلم المصنوع من العقيق الأحمر وعلبة مذهبة تحتوي ترابا مباركا من قبره، بالإضافة إلى لوحة ذهبية تروي أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم كما رواها الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وفي جانب آخر، تتوزع صور المحافظ والمصاحف الشريفة الفضية منها والذهبية، بالإضافة إلى علم اللواء الشريف المصنوع من الفضة والمنقوش عليه آية الكرسي وكلمة التوحيد وآيات أخرى.

كذلك لمقابر آل البيت صورة جامعة تحمل اسم مقبرة جنة المعلا في مكة المكرمة، وهي تضم قبة مقام السيدة خديجة، وقبة السيدة آمنة، وقبة عبد المطلب وقبة أبي طالب في عام 1880م.

أما مقتنيات آل البيت والصحابة فهي بدورها كثيرة ومتنوعة. فتبدو في إحدى الصور بردة الإمام أبي حنيفة النعمان مهترئة ومتآكلة الأطراف، بينما قميص الحسين بن علي (رضي الله عنهما) مصنوع من قماش سميك مبطن بطول 130 سنتيمترا. كذلك، تنتصب إلى جانب النسخ الأولى للمصحف الشريف وصندوق حاجيات فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) ونقابها وغطاء عائشة أم المؤمنين، سيوف سيدنا عثمان بن عفان الستة بأشكالها المختلفة وأنواع المواد المصنوعة منها، وقد كتب على إحداها عبارة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» وعلى صفحته الأخرى عبارة «أمير المؤمنين عثمان بن عفان» الذي حملت اسمه إحدى الشجرات وقد ظهرت في إحدى الصور سلة تحتوي على قطع منها، ذيلت بعبارة «هذه القطع من أغصان الشجرة التي غرسها عثمان بن عفان رضي الله عنه». كذلك، تشهد عبارة «لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار» على أحد السيوف ملكيته لعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما.

ولكسوة الكعبة الشريفة حصة لا بأس بها من محتويات المعرض. من ستار برقع باب الكعبة المنسوج من الحرير الأسود المطرز بخيوط الذهب والفضة في عهد السلطان محمد رشاد الخامس في عام 1327 هـ، إلى تلك التي تظهر فيها الخيمة التي تحملها الإبل وفي داخلها كسوة الكعبة المشرفة التي كانت تخاط في دمشق أو القاهرة وتنقل إلى مكة المكرمة قبل موسم الحج. ولطقوس نقل الكسوة والاحتفال بها أيضا صورها التي تظهر اهتمام المسلمين بها، إذ تروي بعض الصور المواكب التي كانت ترافقها خلال مرورها في بيروت إلى إسطنبول عبر جبل لبنان والبقاع ثم إلى دمشق والأردن وصولا إلى مكة المكرمة وذلك في صورة التقطت عام 1905م.

تطول اللائحة ويعجز الشرح عن سر مقتنيات اجتمعت لتختصر بقيمتها الكبيرة حقبة تاريخية كان لها الأثر الأهم في حياة المسلمين بشكل خاص والعالم بشكل عام، ولتشكل رمزا للخلافة والحكم، يحفظ منها اليوم 600 قطعة في جناح الأمانات المقدسة في متحف قصر «الطوب كابي» في إسطنبول، وبالتالي لم تكن مهمة الدكتور خالد تدمري سهلة في انتقاء 150 منها وتصويرها وتوثيقها بشكل دقيق بعد الحصول على إذن خاص من الدولة التركية. ويقول تدمري لـ«الشرق الأوسط»: «يأتي هذا المعرض الذي تطلب سنة كاملة من العمل المضني ليكون بمناسبة الاحتفال في يوم المولد النبوي الشريف، وليكون بمثابة الرد على ما يتعرض له الرسول صلى الله عليه وسلم من إساءات في العالم الغربي، كذلك، ويصادف في الوقت عينه مرور 160 عاما هجريا على إهداء السلطان العثماني شعرة من لحية الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهل بيروت و122 عاما هجريا على إهداء شعرة أخرى إلى مدينة طرابلس، وهي لا تزال محفوظة في الجامع المنصوري الكبير». ويشير تدمري إلى أنه يتم العمل على جمع صور هذه المقتنيات لإصدارها قريبا في كتاب خاص.