نهاية أسبوع ساخن في ميلانو

الكبار تزاحموا للعرض فيه حتى يتمتعوا بحضور أنا وينتور

TT

أيام الجمعة والسبت والأحد كانت من الأيام المزدحمة بالعروض في ميلانو. وإذا عرف السبب بطل العجب، فهذه هي الأيام التي حطت فيها أنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» في العاصمة الإيطالية، متسببة في حالة من الهستيريا أصابت المصممين كما أصابت الحضور، من وسائل إعلام ومشترين، الذين كان عليهم أن يدفعوا ثمن قرارات تعديل في التوقيت غير واقعية. تجدر الإشارة إلى أن وينتور كانت قد أعلنت أن حضورها «أسبوع ميلانو» سيقتصر على ثلاثة أيام فقط، تم تمديدها إلى أربعة عوض ثمانية أيام، مما خلق بلبلة في أجندة الأسبوع. فالكل يريد أن يعرض في الأيام التي تكون فيها «السيدة الثلجية» في العاصمة حتى يحظوا بتشريفها عروضهم. ولا حاجة للقول إن البلبلة أصابت المشرفين على الأسبوع، وأضرت بالمصممين الصغار، لكنها أيضا أتعبت وسائل الإعلام والمشترين.

فعرض جيورجيو أرماني، مثلا، كان بعيدا عن العرض الذي يليه، «موسكينو»، بينما فرق الوقت بينهما لم يتعد الـ40 دقيقة، مما جعل الكل يتسابق لاهثا للوصول إليه في الوقت، كما كتبت مديرة قسم الأزياء في «الدايلي تلغراف» هيلاري ألكسندر. لكن على ما يبدو فإن التعب والركض لم يسرقا الكثير من بريق الأزياء وروعة الإكسسوارات. ميوتشا برادا كانت من بين المتطوعين للعرض في اليوم الأول، لكنها اشترطت أن يكون العرض مساء، وقدمت مجموعة جاءت كحلم شتاء مليء بالمفاجآت. فقد ظهرت العارضات بتسريحات منمقة، وتنورات طويلة وعباءات وقبعات صوفية وصدريات مكشكشة، إلى جانب بدلات من الصوف وسترات قصيرة ذات ألوان مبهرة استخدم فيها الفرو بكثرة. وتجدر الإشارة إلى أن عرض برادا لا يمثل قمة الموضة في ميلانو فحسب، لكنه يلعب دورا محوريا في وضع نسق الموضة للمواسم القادمة. استلهمت ميوتشيا برادا مجموعتها من أواخر الخمسينات وبدايات الستينات، مما يفسر الأزياء المصحوبة بتسريحات الشعر المعقودة على الرأس ونظارات «عيون القطة» الحديثة، التي تذكر بسكرتيرات في غاية الجدية والصرامة. كما ذكرت الحاضرين بالمسلسل التلفزيوني «ماد مين». بالنسبة للمعاطف فقد جاءت مبطنة تذكر الجمهور بتصميمات الدار في التسعينات، فيما تميزت منطقة الأكمام والسترات القصيرة والتنورات وغيرها من الإكسسوارات بالفرو، إلى جانب فساتين من الصوف بألوان الأسود والأحمر والخردلي والبني متلائمة مع الصدريات العلوية والتنورات المستديرة. لكن تحت هذه الواجهة الكلاسيكية كانت هناك إشارات واضحة إلى الحداثة التي تتميز بها ميوتشا، من خلال مجموعة من القطع مصنوعة من الصوف المغطى بالبلاستيك التي تشبه الجوارب ذات الأهداب. برادا شرحت بعد العرض أنها كانت تحاول استكشاف ما تحبه المرأة من الكشاكش والأهداب، «لكني لم أعرف إذا ما كنت هذه الأكليشيهات أم لا؟». أما دار «فيرساتشي» بأسلوبها المختلف تماما عن فلسفة برادا، فقدمت عرضا غلبت عليه الجلود الطبيعية بكل أشكالها. والجميل أنها صبغتها بألوان زاهية مثل البنفسجي، والأزرق المعدني والأسود. ولم تقتصر هذه الألوان على الجلود والفرو، بل ظهرت أيضا في فساتين سهرة بكتف واحدة وتنورات قصيرة للغاية، فيما كان للسترات ظهر منقوش يذكرنا بملابس راكبي الدراجات النارية، بسحابات مفتوحة تكشف جزءا من الجسد. في عرض «بلومارين» كان التصميمات أقل جرأة، حيث اختالت العارضات في قطع جلدية، تشمل السترات ذات الأكمام وذات الأكتاف العالية، تم تنسيقها مع فساتين قصيرة وأحذية عالية الرقبة، مما أضفى عليها جاذبية خاصة من دون افتعال.

أما موليناري فقدمت عرضا يشبه غابة مدنية بالنظر إلى كم النقوشات التي استوحتها من الغابات وكائناتها الحية، مثل نقوش الحمار الوحشي، وجلد التمساح، وجلد الثعبان، بالإضافة إلى استعانتها بالأهداب التي كانت تتدلى في كل مكان، من حواشي الملابس العليا وصولا للأرداف، ومن الأكمام أو من خيوط الحياكة في الجانبين أو من حقيبة اليد والحزام، مما أضفى على المجموعة روحا مشاكسة.

بالنسبة لفساتين السهرة فجاءت قصيرة وضيقة بالأسود وألوان الباستيل تزينها طبقة شفافة من الشيفون تتدلى من الخلف.

من جانبه، قدم جورجيو أرماني طرازا أنيقا يتسم بالنعومة من خلال البلوزات ذات الطيات المتعددة مع التنورات التي تلتف على الجسد باللون الأرجواني الفاتح أو الأزرق الفاتح، فيما قدم مجموعة رمادية اللون مع رشات باللون البرتقالي توحي بأجواء الخريف، بالإضافة إلى المعاطف السوداء السميكة من الفرو سواء القصيرة أو الطويلة التي أضافت لمسة درامية إلى العرض، والسترات القصيرة التي قدمت مع بلوزات خفيفة أضفت أناقة على مجموعته الشابة «إمبوريو أرماني»، وإن كانت التايورات التي اقترحها تذكرنا بتلك التي قدمها لمضيفات الطيران في عمليتها.

من جهة أخرى، قدم مصمما دار «جيانفرانكو»، فيري توماسو أكويلانو وروبرتو ريموندي، طرازا يتسم بالأناقة الوقورة في مجموعة تنوعت بين البيج والنحاسي البراق. فقد وصفا المجموعة بأنها «عملية وراقية» في الوقت ذاته، ببذلات رمادية اللون بالإضافة إلى بلوزات ذات طيات متعددة على تنورات ذات فتحة قصيرة عند الركبة.

وقدم ثنائي «ديسكارد» الكنديين عرضهما في أجواء سحرية، بحيث ظهرت العارضات بمجموعة من الأزياء باللونين الأسود والأحمر وسط أجواء سحرية يلوحن بعصيهن السحرية، وسط دخان متصاعد. أزيحت ستارة سوداء بعد ذلك لتكشف عن عارضة في قفص يتدلى من السقف، قبل أن يبدأ في النزول بتؤدة وسط الدخان المتصاعد، وهي في معطف أسود من الفرو. دار «سبورتسماكس» تستحق الثناء عن تقديمها تشكيلة مكونة من أربع خامات مختلفة هي: التويد، والكشمير، والنايلون، والصوف في المعاطف والفساتين والسترات ذات القلنسوة، فيما كان يزين الملابس القصيرة الضيقة بالجلد. وهذا التنوع منح التشكيلة حيوية لم تشهدها أي من العروض الأخرى، على الرغم من أن التلاعب على الخامات المختلفة كانت قاسما مشتركا بين الكثير منها.

«سبورتسماكس» قدمت أيضا فساتين ذات ياقات مصنوعة من قماش التارتان ونقوشاته أو الشيفون، ومزينة أيضا بالترتر الذي يضيف لمسة براقة إلى ملابس العمل اليومي، فيما كانت الأحذية منخفضة الرقبة في غاية الأناقة.

مصمم دار «بوتيغا فينيتا» الألماني توماس ماير كعادته قدم عرضا مميزا، أطلقت عليه بعض الصحف المتخصصة، أفضل كابوتشينو في أسبوع الموضة بميلانو. سبب التسمية ليس له صلة بالأزياء، فدار «بوتيغا فينيتا» ومجموعة «غوتشي» كانتا من بيوت الأزياء التي قدمت طعاما وقهوة للحضور في الصباح الباكر.

ويشتهر السيد ماير بدقته في التفاصيل كما ببساطة تصميماته، وإن كانت في حقيقتها معقدة ومليئة بالتفاصيل.

وعلى غرار غيره من المصممين خلال الموسم الحالي، استخدم الياقات والأكمام التي تبدو وكأنها مصنوعة من الصوف مع ملابس من الحرير، أو عصابات وردية اللون من الجلد مع فساتين من الحرير الوردي.

وعن ذلك يقول ماير إنه كان يسعى لتقديم مزيج من الخامات الكثيفة في الجزء العلوي، لكي يسمح للجزء السفلي بأن يتحرك بخفة. وشرح في أعقاب العرض: «لقد كان الأمر يتعلق بالحركة. حيث يعجبني أن يكون الجزء العلوي مصنوعا من خامات قوية، فيما يتسم الجزء السفلي بالخفة والحرية». وقد أطلق توماس ماير، مدير التطوير، على ذلك المظهر: «الغلاف الضيق والطويل المزين في نصفه العلوي والمنساب في جزئه السفلي».

ومن جهة أخرى، عرض فساتين من الكروشيه الأسود، والأزرق، والبنفسجي الداكن، التي كانت توحي بالجوارب الشبكية، فيما تم عرض بذلات الجبردين التي تنتهي ستراتها بفتحة كبيرة.

وكانت فساتين السهرة شديدة الأناقة، حيث تنسدل التنورات إلى ما لا نهاية من الوسط.

ومن الطرز الأخرى التي قدمها ماير لوبتيغا، والتي ظهرت في نيويورك أيضا، هي طراز أواخر السبعينات، المتمثل في البذلات الطويلة المزينة بكثير من الطيات، التي كانت مشهورة لدى الحركات النسوية في تلك الفترة. وفي الوقت نفسه، لفت ماير الانتباه بنعومة تفاصيل فساتين الجيرسيه الحريرية من دون أكمام بالأسود أو بالألوان السادة المثيرة مثل الأخضر، نسقها مع أحذية عالية الرقبة، أو أحذية منخفضة الرقبة.

بالنسبة لدار «إيترو» فعادت بنظرها إلى الشرق وأفريقيا. الأول أخذت منه الحرير الفاخر في تنويعات على الكيمونو، والثانية أخذت منها القلادات الثقيلة. كما قدمت اللون الذهبي والبرونزي والأزرق في مزيج متناغم في كثير من الملابس المشابهة للكيمونو.

أما المصمم البريطاني جون ريتشموند، فعزز جو الإثارة في الأسبوع من خلال أربطة الأحذية التي تنتهي أسفل التنورات القصيرة والأحذية عالية الرقبة التي تغطي الساق والركبة تماما.

بالإضافة إلى أنه قدم بذلة رمادية اللون من دون بلوزة، عدا وشاح أحمر اللون، وهي تعد من الإضافات الجديدة التي اتسمت بالرقي على الرغم من الأحذية الحمراء ذات الكعب العالي المستدق وسترات التوكسيدو البيضاء من دون أي شيء أسفلها.