محكمة النقض المصرية تلغي إعدام هشام طلعت مصطفى والسكري

أبو شقة يعلن انسحابه من القضية لصعوبة التنسيق بين فريق الدفاع

هشام طلعت مصطفى أثناء محاكمته
TT

ألغت محكمة النقض المصرية، أعلى سلطة قضائية في البلاد، أمس الخميس، الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة رجل الأعمال القيادي البارز في الحزب الوطني «الحاكم»، هشام طلعت مصطفى، وضابط الشرطة السابق محسن السكري، بالإعدام شنقا إثر إدانتهما بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم في مسكنها في إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة أواخر يوليو (تموز) 2008، وقضت محكمة النقض بإعادة محاكمتهما أمام دائرة أخرى من دوائر محكمة جنايات القاهرة.

وما إن نطق رئيس محكمة النقض، المستشار عادل عبد الحميد، بالحكم حتى علت هتافات أقارب هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري، وكذلك العاملين بمجموعة طلعت مصطفى مرددين: الله أكبر.. يحيا العدل، وقفز محاميه فريد الديب من مقعده فرحا بمنطوق الحكم، الذي كان قد حضر إلى المحكمة من السابعة صباحا لمتابعة الحكم بنفسه باعتباره المحامي الرئيسي عن هشام طلعت مصطفى، فيما تغيب بهاء الدين أبو شقة عن الحضور.

وقال فريد الديب في أول تعليق له على الحكم إنه كان على ثقة في نزاهة وقدرة محكمة النقض على تبيان عيوب الحكم بالإعدام وإلغائه، لافتا إلى أن الحكم كان متوقعا بالنسبة إليه.

وأعرب بهاء الدين أبو شقة، المحامي عن هشام طلعت، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، عن سعادته الغامرة بالحكم الذي أزاح حبل المشنقة عن رقبتيهما، واصفا إياه بأنه عادل ومتوقع لوجود أخطاء فنية كثيرة في الحكم الصادر بالإعدام في القضية.

وفجّر أبو شقة مفاجأة كبيرة بإعلانه ونجله الدكتور محمد الانسحاب من مواصلة الدفاع في القضية أمام دائرة المحكمة التي ستباشر إعادة محاكمة هشام والسكري، مشيرا إلى أن المرحلة القادمة من القضية تستلزم وجود تفاهم وتنسيق تام بين أعضاء هيئة الدفاع كافة، وهو الأمر الذي يعد مفتقدا ومستحيلا في ظل إصرار أحد أعضاء هيئة الدفاع على عدم التنسيق مع أي فرد، والتصرف منفردا عن الباقين، وهو أمر يخشى معه الإضرار بصالح هشام طلعت مصطفى.

وقال إن هيئة الدفاع أمام دائرة المحاكمة الجنائية الجديدة ينبغي أن تضم مجموعة من كبار المحامين الجنائيين وأساتذة القانون الجنائي، وأن تكون الدفوع كافة التي ستقدم إثر تنسيق مسبق بين أفراد هيئة الدفاع، مؤكدا سعادته بدوره في مرحلة النقض، ووصفه بأنه كان حاسما في اتخاذ المحكمة لقرار نقض حكم الإعدام.

وشهدت الجلسة حضورا كثيفا من مختلف وسائل الإعلام المصرية والعربية والدولية من فضائيات ووكالات أنباء وصحف ومجلات، حيث عقدت وسط حراسة أمنية مشددة. بدأت المحكمة في تمام الساعة التاسعة صباح أمس بنظر 12 طعنا بالنقض على أحكام مختلفة، واستغرقت نحو ساعة، قامت بعدها المحكمة برفع الجلسة حتى الثانية عشرة تقريبا لتخرج هيئة المحكمة وتنطق بحكمها.

وأكد مصدر قضائي رفيع المستوى أنه بصدور هذا الحكم يظل المتهمان محبوسين احتياطيا على ذمة القضية ليقدما إلى المحاكمة الجنائية الجديدة محبوسين، حيث يعود الأمر إلى الحالة ذاتها التي كانا عليها أثناء تقديمهما إلى المحاكمة الأولى، والتي قدما إليها محبوسين بقرار من النائب العام، فيما تلزم اللوائح القائمين على محبسيهما باستبدال ملابس الحبس الاحتياطي البيضاء، بملابسهما الحمراء، زي الإعدام.

وأضاف المصدر أن ملف القضية سيعاد إرساله إلى محكمة استئناف القاهرة، بوصفها جهة الاختصاص في اختيار الدائرة التي ستتولى إعادة محاكمة المتهمين وموعد محاكمتهما.

وبحسب المصدر القضائي، فإن صدور حكم النقض لا يعني تبرئة أو إدانة هشام ومحسن، وإنما يعني أنه تبين لمحكمة النقض وجود عيب شكلي في الحكم استوجب نقضه، وأن المختص بنظر موضوع الدعوى هو محكمة الجنايات المختصة، مشيرا إلى أنه عقب صدور الحكم الثاني من محكمة الجنايات يكون أمام المتهمين فرصة ثانية وأخيرة للجوء إلى الطعن أمام محكمة النقض، التي لها إما أن تؤيد الحكم ليصبح باتا ونهائيا، أو أن تنقض الحكم وعندئذ تباشر محكمة النقض بنفسها المحاكمة الجنائية الثالثة والأخيرة للمتهمين.

وكانت هيئة الدفاع عن هشام والسكري قد استندت إلى عدد من الدفوع في نقض الحكم، من بينها وجود قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ووجود أخطاء من جانب محكمة جنايات القاهرة في إسناد التهم إلى المتهمين من خلال فهمها أقوال الشهود على نحو مغاير لمقاصدها، وعدم استجابتها لبعض مطالب الدفاع وعدم تفنيدها للتقارير الفنية المقدمة ضدهما، معتبرة أن المحكمة أخلت بحق الدفاع في عدم استجابتها لطلبه لانتقال هيئة المحكمة إلى موقع الحادث في دبي لمعاينة موقع الجريمة، إلى جانب أن الحكم شابه عيب في استدلاله بأقوال ضابط الإنتربول المصري الذي تولى التحقيق في القضية.

وفجرت نيابة النقض في الجلسة الماضية مفاجأة أمام المحكمة بطلبها تأييد الحكم الصادر بإعدام هشام والسكري، ونقضه في جزئية واحدة فقط، المتعلقة بأن يكون مبلغ المصادرة المقضي به - المقابل المادي الممنوح للسكري من هشام مقابل تنفيذ عملية قتل سوزان تميم - من مليوني دولار إلى مليون و900 ألف دولار.

وكان حكم محكمة جنايات القاهرة بإعدام هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري قد صدر في مايو (أيار) 2009 بعد 29 جلسة محاكمة على مدار 8 أشهر.

وكانت النيابة العامة في ختام تحقيقاتها المطولة قد نسبت إلى السكري أنه ارتكب جناية خارج البلاد، إذ قتل المجني عليها سوزان عبد الستار تميم عمدا مع سبق الإصرار، بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها، فقام بمراقبتها ورصد تحركاتها في العاصمة البريطانية لندن، ثم تتبعها إلى إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث استقرت هناك.

وأوضحت النيابة أن المتهم أقام في أحد الفنادق بالقرب إلى مسكن سوزان، واشترى سلاحا أبيض (سكين) أعده لهذا الغرض، ثم توجه إلى مسكنها وطرق بابها، زاعما أنه مندوب عن الشركة مالكة العقار الذي تقيم فيه لتسليمها هدية وخطاب شكر من الشركة، ففتحت له باب شقتها إثر ذلك، وانهال عليها ضربا بالسكين، محدثا إصابات شلت مقاومتها، وقام بذبحها قاطعا الأوعية الدموية الرئيسية والقصبة الهوائية والمريء، مما أودى بحياتها.

وأكدت تحقيقات النيابة أن السكري ارتكب جريمته بتحريض من رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، مقابل حصول السكري منه على مبلغ نقدي قيمته مليون و900 ألف دولار ثمنا لارتكاب تلك الجريمة.

ونسبت النيابة العامة إلى هشام طلعت مصطفى أنه اشترك بطرق التحريض والاتفاق والمساعدة مع محسن السكري في قتل المجني عليها سوزان تميم، انتقاما منها، وساعده بأن أمده بالبيانات الخاصة بها والمبالغ النقدية اللازمة للتخطيط للجريمة وتنفيذها، وسهل له تنقلاته بالحصول على تأشيرات دخوله المملكة المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة، فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة.