«آرت دبي» يجمع فنون العالم مع انطلاق فعاليات عرسها الدولي

يعد مؤشرا على الاهتمام المتزايد بالحركة الفنية الخليجية والعربية بشكل عام

منحوتة لشخص حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من عمل الفنانة البريطانية كارولين مورتون (رويترز)
TT

انطلقت في دبي أمس فعاليات معرض الفنون الدولي «آرت دبي» الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى تظاهرة فنية مهمة في الشرق الأوسط تستقطب الفنانين والمقتنين وخبراء الفنون من دور المزادات. وخلال المؤتمر الصحافي الذي سبق الافتتاح الرسمي قال جون مارتن المدير العام الشريك المؤسس لـ«آرت دبي» إن المعرض هذا العام استقطب 72 غاليريا يتعرف من خلالها زوار المعرض على أعمال أكثر من خمسمائة فنان. وأشار في حديثه إلى أن المعرض أعد هذا العام برنامجا حافلا يتلاءم مع اهتمامات المتابعين للحركة الإبداعية في المنطقة والعالم، حيث يقدم المعرض على مدى أربعة أيام مجموعة موسعة من الأعمال الفنية المعاصرة لكوكبة من الفنانين والمبدعين من الشرق الأوسط وجميع أنحاء العالم، حيث تشمل فعاليات الحدث معارض فردية، وأعمالا مُجسَّمة، وعروضا أدائية، ومحاضرات وندوات، وعروض أفلام وغيرها.

والمعرض يعد وجهة لمحبي الفنون ولراغبي الاقتناء أيضا، كما أنه يعد مؤشرا على الاهتمام المتزايد الذي تحظى به الحركة الفنية في الخليج بالتحديد، والعالم العربي بشكل أوسع.

وقام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بزيارة المعرض والتجول بين الغاليريهات المشاركة، وتبادل الحديث مع بعض المشاركين.

كما تم أيضا خلال اليوم الأول إزاحة الستار عن الأعمال الفنية التي أنجزها الفائزون بجائزة أبراج كابيتال للفنون 2010 بعد 6 أشهر من فوزهم بالجائزة وبدء العمل على تنفيذ مشاريعهم.

الأعمال الثلاثة هي «غرفة الخرافات والأساطير» للفنانة المصرية هالة القوصي و«تاريخ الأسطورة: قبة الصخرة الصغيرة» للفنان الجزائري قادر عطية و«وليمة الملعون» للفنان اللبناني مروان سحمراني.

ولوحة القوصي التي تحتل مساحة ضخمة على جدار صالة العرض هي عبارة عن جدارية بطول 9 أمتار وعرض 3 أمتار وتجسد عرضا نابضا بالحركة وزاخرا بالروايات والإشارات للمأثورات والقصص الشعبية والحكايات المصرية المستوحاة من التراث، وأيضا من التاريخ. فعلى سبيل المثال تحمل الجدارية صورة لطابع بريد يحمل شعار الجمهورية العربية المتحدة، وأيضا إلى الحملة الشهيرة لتنظيم الأسرة التي سادت وسائل الإعلام في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. وعما إذا كانت تلك الصور تحمل معها معاني تشير إلى آمال الفنانة أو أنها تعبر عن إحباطات خاصة بعد فشل مشروع الوحدة بين مصر وسورية قالت القوصي لـ«الشرق الأوسط» على العكس، الطابع يعبر لي عن لحظة فخر. وأضافت: «أنا أكتب تاريخا من خلال لوحتي فأنا أرى أن الفنان يجب أن يكتب التاريخ البديل» وتشير إلى الصورة التي تشير إلى حملة تنظيم النسل وتقول: إنها وضعت صورة شعار حملة «أسرة صغيرة تساوي حياة أفضل» في مقابل صور لسيدات حوامل وتقول «هذا الشعار يتواجه مع فكرة أن البنين هم زينة الحياة الدنيا».

اللوحة تزخر بالشعارات والمسلمات والأساطير وأيضا بالشعارات السياسية، وهنا قالت هالة القوصي إن جداريتها تسعى لكتابة تاريخ مدينتها القاهرة، وأضافت أن الشخصية الرئيسية في لوحتها هي لرجل شرطي أسود يرتدي ملابس عسكرية بالية وتحركه مجموعة من الخيوط وكأنه دمية «استوحيت الشخصية من قصة العسكري الأسود للكاتب يوسف إدريس» وتشير إلى أن لوحتها هي انعكاس بصري للقصة التي تتناول تعذيب المساجين السياسيين.

أما عمل الفنان اللبناني مروان سحمراني فهي عبارة عن خلطة فنية تشمل التلوين والرسم والسيراميك والتصوير السينمائي في تركيبة لونية مدهشة تحتل كامل مساحة غرفة صغيرة من الجدران حتى السقف، فهي تزخر بالأشخاص الذي يبدون كأنهم يطلون على المشاهد من كل الجهات وهي مستلهمة من عمل روبينز «الجحيم، سقوط المحكوم عليهم»، ويتناول عمل سحمراني اثنتين من الظواهر التي شهدها عالمنا العربي وهما: الاستشهاد والتكفير. وأشار سحمراني ردا على سؤال حول المعاني التي يرمي إليها من عمله بقوله: «هنا لا يوجد سؤال واحد أو جواب واحد، فلكل شخص الحق في أن يأتي هنا ويحلم ويفكر».

العمل الثالث يشد الزوار إليه بصوت مضخم ينبعث من حجرة مظلمة يعد الدخول إليها نوعا من المغامرة حيث لا يستطيع الداخل إليها رؤية موطئ قدمه ولكنه لا يحتاج كثيرا للحركة فالفيلم الذي يعرض في هذه الحجرة ثابت أيضا، وهو لمجسم مسجد قبة الصخرة والحركة الوحيدة تنبعث من مكبرات الصوت التي تنطلق بأصوات كأنها قادمة من الأعماق ليست واضحة ولا يمكن تفسيرها وإن كانت تثير في الزائر مشاعر مبهمة من الهيبة والحنين. ويحاول الفنان من خلال الجمع بين الصوت والصورة استحضار المشاعر التي اعترته عندما زار المسجد.

وإلى جانب الأعمال الفائزة تبارت الصالات الفنية في عرض مجموعة من الأعمال الفنية لعدد ضخم من المبدعين العالميين والمحليين. ولكن يبدو أن المعرض في حاجة إلى استقطاب عدد أكبر من الفنانين العرب، حيث تتفوق الصالات الغربية بشكل واضح على مثيلاتها العربية. ولكن يبقى أن الإمارات تشارك بشكل واضح، كما توجد بعض الغاليريهات من البحرين ولبنان والسعودية التي تبرز منها مشاركة صالة أثر التي تقدم مجموعة من الأعمال المتميزة لعدد من الفنانين السعودية. وعلى جانب آخر تجذب الأنظار مجموعة من اللوحات السعودية والتي تنضم تحت شعار معرض «حافة الجزيرة العربية» في أولى محطات جولتها العالمية، وإن كانت المبادرة قد خلت من الأعمال الفنية واكتفت بوضع الملصقات والنشرات والكتيبات.

وفي جانب آخر من قاعة المؤتمرات في مدينة جميرا أقامت شركة «فان كليف آند أربلز» معرض «شاعرية الوقت»، والذي يبرز حقبة تمتد لنحو قرن كامل من صناعة الساعات الفخمة ذات التصميمات المبدعة. إذ يرصد المعرض تطوُّر صناعة الساعات ومسيرة دار «فان كليف آند أربلز» في هذا المضمار، ويشمل الحدث حلقة عمل خاصة للمهتمين بالتعرُّف على صناعة الساعات الفخمة عن قُرب.