أمينة الجاسم صممت 2000 قطعة من مختلف الأزياء لـ300 راقص في الأوبريت

مصممة أزياء الجنادرية: خشيت من تهمة «تأنيث الملابس الرجالية»

مصمصة الأزياء السعودية أمينة الجاسم (تصوير: سعد العنزي)
TT

سجلت مساء أمس مصمصة الأزياء السعودية أمينة الجاسم اسمها كأول امرأة تسند إليها مهمة تصميم الأزياء التي ستظهر فيها الفرق الفنية والراقصون المشاركون في الأوبريت السنوي لمهرجان الجنادرية، الذي يحمل هذا العام عنوان «وحدة وطن».

الجاسم التي تصف نفسها بأنها كانت خلال الشهرين الماضيين وحتى يوم أمس كالتي تسير وسط حقل من الألغام بسبب عامل الوقت وعامل التحدي كامرأة، تظهر خليفة لمصمم عالمي احتكر المناسبة لسنوات، كذلك تصمم أزياء رجالية لحفل بحجم الجنادرية، وخوفها من تهمة تأنيث الملابس.

الجاسم التي كانت في سباق مع الزمن بعد أن أسندت إليها المهمة في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «كان التحدي صعبا، فالمدة التي أعطيت لي لا تتجاوز شهرين لإنجاز قرابة 2000 قطعة من مختلف الأزياء من الثياب والدقلات والمرودن والأزياء التراثية المختلفة، التي ستظهر بها الفرق الفنية على مسرح الجنادرية أمام خادم الحرمين الشريفين».

تعتبر الجاسم عامل الوقت هو التحدي الأبرز الذي واجهها في إنجاز كامل القطع التي ستظهر في العروض، والتي أنجزت داخل السعودية بين العاصمة الرياض ومشغلها في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية.

ويقدم نحو 300 راقص لوحات فنية تمثل مناطق البلاد المختلفة، وضعت تصميماتها وتصوراتها الفنية والتنفيذية المصممة أمينة الجاسم.

الجاسم التي كانت تتحدث لـ«الشرق الأوسط» وهي تضع اللمسات النهائية على ملابس الفرق وتتابع الراقصين وهم يرتدونها استعدادا للحفل الكبير، وكذلك توجيههم إلى طريقة لبسها حتى تكون في أبهى صورها في أثناء أداء الأدوار والرقصات على المسرح، وذلك قبل أن تغادر مقر الحفل لتوكل مهمة متابعة العمل خلال الاحتفال السنوي لمساعديها الرجال، تقول: «ستكون أزيائي حاضرة على المسرح وأنا أتابع الحفل من خلف الشاشة».

لكن ماذا يعني أن تسند مهمة تصميم الأزياء الرجالية إلى سيدة؟ تجيب الجاسم قائلة: «أشعر بالفخر كوني أول امرأة تكسر احتكار المصممين الرجال لهذا المنبر، فهو الأشهر على مستوى الوطن والكل يشاهده»، وتضيف: «المرأة أكثر دقة وتهتم بالتفاصيل أكثر من الرجل الذي يعنى بالمشهد كاملا».

وتتابع قائلة: «عندما اطلعت على كلمات الأوبريت وألحانه وضعت تصورا كي تمثل الأزياء مع المقاطع الغنائية المناطق المختلفة التي استوحى الملحن ألحانه من تراثها، فالسامري والعرضة والقادري والخبيتي وغيرها من الفنون الشعبية لها أزياء تمثل مناطقها وتكون حاضرة هذه الأزياء عند أدائها، كما تعتبر سمة فنية للمناطق التي اشتهرت بها والتي جاءت منها».

لكن بماذا ستختلف أمينة الجاسم عن يحيى البشري المصمم السعودي العالمي الذي سيطرت أزياؤه وتصميماته على احتفالات الجنادرية لسنوات مضت؟ تقول: «اختلافي أنني كمصممة امرأة لم أغير كثيرا في هوية الرجل، لذلك استخدمت الكتابة للتطريز وكتبت أشعار الأوبريت وقصائده على الملابس والأزياء التي ستظهر في الحفل، وقللت من استخدام النقوش في التطريز».

ولا تخفي أن السر الذي دفعها إلى اللجوء إلى كتابة الكلمات، اعتماد الخط في التطريز كتعويض للنقوش المجردة التي تغطي كامل الزي الذي كان يقدمه البشري. تقول: «خفت من تغيب هوية الرجل في حفل كنت أحلم به»، وتتابع: «خفت أن يقال إنني أنثت الملابس الرجالية في حفل الجنادرية، فالمصمم الرجل لا تهمه هذه التهمة عندما تطلق عليه وعندما يجابه بذلك».

وتوضح قائلة: «لكن لأنني امرأة حرصت على المحافظة على هوية الرجل وإبرازها في الأزياء التي ستظهر على المسرح، كما حاولت أن أوفق بين الهوية الرجالية للحفل وبين حاجة المسرح للألوان، لذلك لجأت إلى ألوان الأزياء التي تمثل المناطق المختلفة مثل المصنف والدقلة والمرودن وغيرها من الأزياء التراثية».

وتستطرد قائلة: «أنا من أشد المعجبات بالمصمم العالمي يحيى البشري، لكنه لا يواجه الصعوبات التي قد أواجهها، لذلك عندما أنجح سيكون نجاحي للمرأة السعودية في فرض وجودها في محفل كبير كالجنادرية».

كما تشير الجاسم إلى أنها أعطت نماذج أزياء المناطق المختلفة من شمالية وجنوبية وشرقية وغربية فرصا متساوية مع النموذج النجدي المهيمن على أزياء الاحتفال السنوي، وتقول: «الحجاز وعسير وجازان والشمال والشرقية سترى أزياءها وتراثها في الجنادرية بحصص متساوية مع الأزياء النجدية العريقة»، فيما تستعد الجاسم للانتهاء من تصميم أزياء الحفل السنوي للعرضة السعودية، الذي يقيمه خادم الحرمين الشريفين بشكل سنوي.

تقول الجاسم، وهي لا تخفي الفرحة، إن الجنادرية كانت حلما بالنسبة لها وتحقق. ماذا لديها بعد الجنادرية؟ تجيب: «لا أدري، لكنني حققت حلمي الليلة بأن تظهر الأزياء التي صممتها أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، ويشاهدها السعوديون والخليجيون والعرب في حفل هو الأضخم عربيا».