صالات الفنون في دبي.. من عنابر المصانع إلى البيت الطائر

على هامش ثاني أيام «آرت دبي 2010»

TT

في ظل انعقاد معرض آرت دبي في دورته الرابعة والضجيج الإعلامي المصاحب له، لا بد من ملاحظة ما يجري في صالات الفنون المحيطة بالمعرض، وخاصة أنها تستفيد من الأضواء المسلطة على دبي هذه الأيام. وفي هذا السياق، تبدو الجولة في تلك الصالات المتناثرة في أرجاء المدينة جزءا مكملا للتجربة، إذ تتضح عبرها صورة لجزء آخر من المشهد الفني الحالي.

وفي منطقة القوز الصناعية حيث تحتل مجموعة ضخمة من العنابر المساحات، يصعب تخيل وجود فنانين وصالات عرض واستديوهات، ولكن المشهد الخارجي، الذي قد يبدو منفرا أو على الأقل غير باعث على الحماس لا ينبئ بالداخل الذي يموج بتيارات فنية مختلفة وأصوات قادمة من مختلف أنحاء العالم. فعلى سبيل المثال، يقيم أحد تلك الغاليرهات معرضا يوحي لأول مرة بأنه حملة دعائية لأنواع الأطعمة والمعلبات ومساحيق التنظيف ولكن عند النظرة الثانية يتضح أن الأعمال الموجودة تطرح فكرة الاستهلاك وغلبة الدعائية على الحياة اليومية. وفي غاليري بوتوفوليو يقام معرض بعنوان «الماء هو الحياة» يعالج قضية المياه وندرتها والصراعات التي قد تنشأ من أجلها.

فعبر سلسلة من الصور الفوتوغرافية الملتقطة في الأردن وإندونيسيا والهند، تعبر المصورة الفرنسية ماتيلدا غاتوني عن التأثيرات المختلفة للماء على الحياة، فمن صور الأطفال وهم يمرحون في الهند إلى صورة امرأة تخوض الأمواج في إندونيسيا إلى صور للمجاعة في إثيوبيا والأطفال العطشى. وتعليقا على المعرض، تقول المصورة: «الماء قد يكون غير ذي شأن في الدول الغنية في هذه اللحظة، ولكن احتمالات نقص المياه التي تواجه كوكب الأرض تعتبر من الكوارث البيئية حسب تقدير الأمم المتحدة. وفي الوقت الذي يحتاج فيه الشخص العادي نحو 50 لترا من الماء في اليوم إلا أن الحقيقة تبقى أن هناك ملايين الأشخاص الذين تعتبر المياه بالنسبة إليهم رفاهية».

أما غاليري «كاربون 12»، فيعرض مجموعة من الأعمال الفنية لفنانين من مصر وإيران وأوروبا، فمن أعمال الفنانة سارة راهبار من إيران والمقيمة بنيويورك يضع الغاليري عملا بعنوان «فقدنا كل ما يمكننا فقده»، وهو تنويعة على التيمة المعروفة للفنانة باستخدام قصاصات الأقمشة وقطع المعدن لتشكيل العلم الأميركي وتزيينه بشريط مصنوع من الرصاصات المعدنية، في تعبير فني عن تأثير السياسة الأميركية وعن فكرة الهوية.

المشهد السياسي الإيراني هو موضوع معرض الفنان الإيراني رامين هاريزاده الذي يفضل استخدام توليفة من الرسومات وقصاصات الصور واضعا صورته الشخصية وهو مرتدٍ زي رجل دين إيراني في مواجهة رموز الحكم في العصر السابق. فها هو يجلس بجوار فرح بهلوي، زوجة الشاه السابق، وهو يحمل بين يديه تاجها الماسي بينما ترتدي هي قرطا على هيئة علم الجمهورية الإيرانية الحالية. وفي صورة أخرى، نجده وضع صورته وهو يمتطي «مكنسة» ويطير في سماء إيران، فيتحول بهذا إلى الساحرة الشريرة في قصص الأطفال. المعرض الذي وصفه أحد الزوار بأنه «مسيس ومؤدلج» يبدوا مباشرا بشكل فج وإن كان يعبر عن رؤية للفنان تمس الواقع الإيراني وطريقة تعامله معه.

في «البيت الطائر» أو «فلاينغ هاوس» يمر الزائر من خلال الحديقة بخزانات عرض زجاجية تحمل قطعا فنية للفنانين المقيمين بالمنزل، الذي حوله الفنان عبد الرحيم شريف إلى مساحة تحتضن أعمال مجموعة من الفنانين الإماراتيين، الأعمال الفنية تشكل الخلفية والأرضية لأرجاء المنزل، فهي متناثرة بشكل جميل وموح على درجات السلم المؤدي إلى داخل البيت في خزانات زجاجية تطؤها أقدام الزوار، كما تزين جذوع الشجر المحيط به، وفي الداخل لا يخلو البيت منها فهي على الحوائط وداخل الأبواب الزجاجية وعلى الأرفف. أحد الفنانين الذين يعرضون أعمالهم في المنزل هو الفنان حسن شريف، الذي شارك بأحد مشروعاته في بينالي فينيسيا الأخير ضمن ركيزة أبوظبي الفنية. يقول حسن إنه يرفض تسمية العناصر المكونة لتشكيلاته من القطع المعدنية والبلاستيكية وقطع الحبال، التي ملأت رفوف غرفة كاملة، بأسمائها، بل يفضل أن يصفها بأنها «أشياء» و«آثار أشياء» وأعمال فنية ثلاثية الأبعاد.