الفنان التشكيلي اللبناني هرير يحتفل بـ«ألوان الزمن» في مسقط

قال لـ «الشرق الأوسط»: متردد في عرض أعمال جديدة بمضمونها خوفا من عدم تقبل الجمهور

من أعمال الفنان هرير («الشرق الأوسط»)
TT

الإبداع عند الفنان التشكيلي اللبناني العالمي هرير، حالة إحساس متواصل يترجمها كل مرة بأشكال وألوان مختلفة. وفي أول لقاء له مع الجمهور العماني قدم هرير في مسقط معرضه «ألوان الزمن»، فجمع قديمه في المضمون وجديده في الشكل ليثبت في كل مرة أن سحر ريشته يزداد ألقا وإبداعا.

وكما اعتاد متتبعو أعمال هرير، كان الحصان الحاضر الأكبر في معرضه بلوحات تضج بالحركة والألوان المفعمة بالحياة. وفي موازة الحصان ظهرت المرأة تارة حالمة وساكنة في إطار من الألوان النارية، وتارة أخرى في قالب غلب عليه اللون الأزرق الهادئ.

وتحدث هرير لـ«الشرق الأوسط» عن جديده في هذا المعرض الذي يقدم فيه للمرة الأولى لوحات مرسومة على الورق بطريقة جديدة؛ حيث وضعت اللوحة في إطار مغلف بالزجاج، وجاءت موضوعاتها واحدة تقريبا ممثلة الرمز الأقرب إلى قلبه وهو الحصان، لكن اللون الأبيض كانت له مساحة كبيرة فيها. وقال: «أنا أرتاح للحصان؛ فمنذ ثلاثين عاما وأنا أرسمه وأجدده وأضعه في لوحاتي في قالب وأسلوب جديد».

وكشف هرير عن وجود كثير من اللوحات التي قام برسمها ولم يعرضها بعد، ويقول: «لا أريد أن أغير في موضوعاتي من أجل التغير فقط، بل أفضل أن يأتي هذا التغيير في إطار من التطور. فلقد رسمت بعض اللوحات التي تشكل تغييرا على خطي وعلى ما اعتاد الناس أن يشاهدوه في لوحاتي، لكنني لم أعرضها بعد، ربما لأنني لم أصل إلى قناعة تامة بها». وأضاف: «هذه اللوحات جميعها باللون الأسود والأبيض والرمادي، وهي عبارة عن جذوع أشجار وعصافير، ولكن بطريقة أقرب إلى التجريد. لا أدري حقا متى سأقوم بعرضها، وقد أكون مترددا لخوفي من احتمال عدم تقبل الناس لها». وتستقطب أعمال هرير الفنية اهتماما كبيرا من جميع عشاق الفن بمن فيهم الملوك والمشاهير حتى بات يعرف بفنان الملوك، ومن أبرز من اقتنى أعماله العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والملكة إليزابيث الثانية وأمير موناكو رينييه وجاكلين كينيدي وأوناسيس وأنطوني كوين وليزا مينيللي وكيرك دوغلاس. ولا يسمح هرير لنفسه بالشعور بالغرور، ويواصل التأكيد على أن ما يهمه فعلا هو أن تلامس أعماله الفنية أرقى المشاعر الإنسانية، وأن يشعر بها أي إنسان، ويقول: «لم تغيّرني الشهرة بشيء، بل إنني أعمل بفرح دائم لأنني أعشق الرسم في الأساس». وتضج لوحات هرير بالحياة، وهي تتميز بقدرتها على أن تنقل إليك أحاسيس مختلفة، فقد تشعرك بالفرح، أو بالسكينة، أو بزخم الحياة، أو حتى بالحيرة، في الوقت الذي تفشل فيه لوحات كثيرة في نقل إحساس واحد للمتلقي، وهنا يرد هرير هذا الأمر إلى وجود ما وصفه بالكيمياء التي تنقل هذه الأحاسيس للناس، ويقول: «السر ربما هو في اجتماع الألوان والأسلوب والموضوع معا. لا أدري. لكنني أسعد حين يقول لي البعض إن لوحاتي تعيش معهم».

واللون عند هذا الفنان جزء من هوية لوحاته، ولهذا يقول: «أنا لا أرسم إلا في النهار عندما يكون الضوء ساطعا وطبيعيا»، وأضاف: «أعتقد أن جزءا أساسيا من نجاحي يرتبط بكوني ركزت على خط معين في الرسم ينطلق من البيئة والحضارة التي أنتمي إليها، ولذا لم أسمح لنفسي بالتأثر بأساليب أو مدارس أو حضارات غربية بعيدة عني؛ إن كانت أوروبية أو أميركية أو غيرها. فالزخرفة والخط العربي والفن البيزنطي حاضر، ورموز مثل الحصان والبادية بألوانها المختلفة واضحة في لوحاتي أيضا، وكل العالم تقبلها وأحبها على هذا الأساس». ويشدد هرير في لقائه مع «الشرق الأوسط» في «غاليري بيت مزنة» في مسقط، على أن الفن التشكيلي العربي يحتاج اليوم إلى إبداع أكثر وإلى تميز أكبر، «وهذه طريق الفنان إلى العالمية من أينما جاء».