جاذبية أماكن التصوير عند المشاهدين.. لجمالها وأحيانا لارتباطها بالفيلم

المتعة الدرامية ليست ما يشد الناس لمشاهدتها فقط

الكاتدرائية التي صور فيها بعض مشاهد فيلم دافينشي كود (أ.ب)
TT

بعد فوز فيلم «خزانة الألم» (هيرت لوكر)، الذي يتكلم عن وحدة إبطال مفعول الألغام العاملة في العراق ومنحه عددا من جوائز الأوسكار هذا الشهر، احتفل بعض الأردنيين بهذا الفوز، والسبب هو أنهم عملوا في هذا الفيلم خلال تصوير بعض مشاهده في الأردن.

بعد الانتهاء من مشاهدة فيلم ما يلاحظ الشخص قائمة طويلة من أسماء الأشخاص الذين عملوا على إنتاجه. وفي نهاية القائمة تسرد أسماء الأماكن التي صور فيها الفيلم أيضا، ليس الاستوديوهات التي عملت خصيصا لهذا الغرض، خصوصا لأفلام الحركة، وإنما أيضا الأماكن الطبيعية التي صور فيها.

هذه الأماكن تعمل أحيانا على جذب السياحة للمنطقة، وهذا ما حصل في فيلم «قلب شجاع» الذي قام ببطولته ميل غيبسون ويحكي تاريخ الاتحاد بين إنجلترا واسكوتلندا. الفيلم يحتوي على مشاهد خلابة لشمال بريطانيا (اسكوتلندا) وهذا ما شجع على السياحة إلى المنطقة، إلا أن الغريب في ذلك أن هذه المشاهد صورت في أيرلندا وليس في اسكوتلندا، والواضح جدا أن جمهور المشاهدين لم يقرأ أسماء الأماكن الحقيقية التي صور فيها الفيلم.

وفي بريطانيا هناك استوديوهات إيلينغ الشهيرة واستوديوهات تويكنهام التي صورت فيها عشرات الأفلام البريطانية القديمة والجديدة. لكن هناك أيضا كثيرا من الأماكن الطبيعية الخلابة التي يمكن استخدامها في التصوير، وهذا ينطبق على كثير من الدول. وأصبح هناك مناطق مختلفة مشهورة في عدد من الدول التي تنجذب إليها استوديوهات هوليوود. المغرب والأردن من دول الشرق الأوسط التي استخدمت مناطقها في تصوير كثير من أفلام هوليوود.

وفي إنجلترا تتمتع منطقة شرق وسط إنجلترا (إيست ميدلاند) بقدر كبير من المشاهد الجذابة وكذلك الأماكن التاريخية المناسبة جدا لتصوير الأفلام.

في أحد الأفلام تشاهد أشعة الشمس المتألقة وهي تنساب على ملعب الكريكيت في الريف الإنجليزي، بينما يتمتع المشاهدون بتناول الفاكهة والأشربة المنعشة الأخرى. لكن تكمن تحت هذا السطح الشاعري المبهر شبكة محكمة من المؤامرات الخطيرة والخيانة والعلاقات الغرامية الأخرى.

اختصارا، فإن زيارة «إيست ميدلاندز» بمثابة السير في مشهد من فيلم «الدوقة» للممثلة الحسناء «كيرا نايتلي». وصور هذا الفيلم وأفلام درامية أخرى أنتجت في هوليوود في هذه المنطقة التي تبعد 200 كيلومتر شمال لندن وتتميز بمنازلها وضيعاتها الفخمة.

ستائر فخمة وأعمال رخام مصممة بطريقة معقدة وأعمال فنية مزخرفة ومكتبات شاهقة وغرف تناول طعام فخمة وقاعة أثرية وحديقة، كل هذه الأشياء هي الخواص المميزة لمنزل تشاتسورث بالقرب من نوتنغهام، وهو موقع التصوير الرئيسي في فيلم «الدوقة».

ويتكلف دخول المنزل 25 دولارا ويسمح لك بالدخول إلى عالم الطبقة الأرستقراطية البريطانية. كما ينظم معرض زراعي في شهر سبتمبر (أيلول) إلى جانب معرض للزهور، وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) يفتح سوق أعياد الميلاد التي تعود إلى الفترة الفيكتورية للجمهور كما ينظم أيضا في المنزل معرض يوثق لعملية تصوير الفيلم.

وليست كيرا نايتلي هي الممثلة الشهيرة الوحيدة التي وقفت أمام الكاميرا في «إيست ميدلاندز»، حيث صورت ناتالي بورتمان وسكارليت جوهانسون أفلاما هنا. وصور في «إيست ميدلاندز» فيلم «فتاة بولين الأخرى» والتي جسدت فيه بورتمان وجوهانسون دور شقيقتين وقع في غرامهما ملك إنجلترا.

وصور هذا الفيلم في « هادون هول»، وهي ضيعة ورد ذكرها للمرة الأولى في وثائق رسمية في عام 1180. وتوفر في الوقت الراهن فرصة رائعة لإلقاء نظرة على طريقة حياة الطبقة الأرستقراطية منذ مئات الأعوام. ويوجد بالضيعة جسر مصنوع من حجارة خشنة يؤدي إلى مدخل قلعة صغيرة يوجد أمامها حديقة غناء.

وصورت الحبكة الرئيسية في فيلم «ذي دافنشي كود» (شفرة دافنشي) والذي لعب الممثل «توم هانكس» الدور الرئيسي به. وصور أجزاء منه في مدينة لينكولن وتقع على مسافة 100 كيلومتر من نوتنغهام. وتتميز الضيعة بصورة رئيسية بالكاتدرائية الكبيرة التي تعود للقرن الثاني عشر وتطل على المدينة من موقعها في أعلى تل.

ويوجد على مسافة قصيرة من الكاتدرائية قلعة تسمى قلعة لينكولن التي بناها ويليام ذي كونكورور «وليام الفاتح» في عام 1068. وتحتوي القلعة على إحدى آخر أربع نسخ من «الماغنا كارتا» (الميثاق العظيم للحريات). وعلى مدار سنوات طويلة كانت القلعة سجنا، ويمكن للزائرين مشاهدة مقاعد خشبية صغيرة كان النزلاء يستخدمونها في كنيسة صغيرة لمتابعة مراسم الصلوات.

ومن بين الأماكن التي تستحق الزيارة «تيسينغتون هول» وتقع على مسافة 50 كيلومترا من نوتنغهام وتقع على هضبة مرتفعة خلابة في «إيست ميدلاندز». وعاشت عائلة فيتزهربرت في الضيعة وفي منزلها المكون من 61 غرفة على مدار القرون الخمسة الماضية. ويعد المنزل من أشهر المنازل لإقامة حفلات الزفاف.

ويقول السير ريتشارد فيتزهربرت: « إدارة الضيعة تتكلف أموالا طائلة كل عام». ويضيف: للأسف فإن جميع فرق الأفلام لا تأتي إلى «تيسينغتون هول» وتتوجه مباشرة إلى «تشاتسورث» أو «هادون هول» إلا أن «إقامة حفلات الزفاف هو أمر مربح جدا».

المناظر الخلابة ليست بالضرورة هي السبب وراء زيارة أماكن صورت فيها بعض الأفلام. الفيلم بحد ذاته يلعب دورا أحيانا في اجتذاب المعجبين به لأماكن تصويره.

مسلسل «عصبة الرجال» السويدي الذي صور في قرية هادفيلد في مقاطعة «داربيشاير» جعل منها مزارا للمعجبين، على الرغم من أنها ليست بالقرية الجميلة التي يتمتع بها الريف البريطاني، وأنها لم تتغير منذ عشرات السنين، إلا أن هذا لم يمنعها من أن تصبح الخيار الأول للزيارة من قبل المعجبين بالمسلسل، كما أن هناك اعتقادا بأن النسخة الجديدة من المسلسل التي ستبث في سبتمبر (أيلول) المقبل ستزيد من تدفق الناس عليها. كما أن قرية رتلاند هي الأخرى قد تنافس هادفيلد بعد إعادة إنتاج فيلم من إنتاج استوديوهات هوليوود فيها. الفيلم الحركة «أربع ريشات»، الذي يتناول الشجاعة والجبن في بداية القرن الماضي. يشترك في الفيلم نجوم مثل كيت هادسون وهيش ليدجار وكان قد تم تصويره في يناير (كانون الثاني) خلال فترة البرد القارس في منطقة مقاطعة ليستر. كما أن قلعة بلفوار في نفس منطقة وسط إنجلترا شهدت أيضا تصوير فيلم «ذي هونتينغ» الذي يلعب فيه دور البطولة كاثرين زيتا جونز وليام نيسون، وكذلك فيلم «غولدن بول» الذي تشترك بالتمثيل فيه أوما ثيرمان ونيك نولتي.

ومن شاهد فيلم «إنيغما» الذي قامت فيه بالدور الرئيسي كيت وينسليت الحائزة على الأوسكار لأفضل ممثلة عام 2009، قد يلاحظ محطة قطارات لفبورة الشهيرة بطرازها المعماري المميز.

زيارة الأماكن بعد مشاهدتها في أفلام له متعة خاصة عند بعض المعجبين بفنون السينما. عند الذهاب إلى جزيرة صقلية يشعر الشخص بشغف من نوع خاص لزيارة قرية كرليوني، التي تحمل اسم عائلة مارلون براندو في فيلم العراب (غاد فاذر) الشهير الذي أنتجه فرانسيس كوبولا في بداية السبعينات من القرن الماضي.

كما ينتابك شعور غريب عند وقوفك في الميدان في إحدى قرى الجزيرة الإيطالية التي صور فيها فيلم «سينما براديسو» الشهير الحائز على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي. وتشعر وكأنك إحدى شخصيات الفيلم من أبناء هذه القرية، حيث إن الفيلم كان يعرض على جدران البيوت في الساحة الرئيسية للقرية.