«سحبة».. وجبة مطالعة سريعة ومجانية

مشروع ثقافي لبناني يهدف إلى التحفيز على القراءة

في إطار نشاطات بيروت عاصمة عالمية للكتاب، تدخل «السحبة» على خط نشر ثقافة القراءة، التي انحدرت في لبنان إلى ما دون 15 في المائة، بمعدل كتاب واحد فقط في العام لكل شخص («الشرق الأوسط»)
TT

هي تلك الهدية أو اللعبة الصغيرة نفسها، التي كانت تسمى «السحبة» بما تحمله من مفاجآت سارة لأطفال الزمن الماضي حين كانوا يتسابقون للفوز بها واكتشاف ما في داخلها، تعود اليوم حاملة الاسم عينه مع تغيير في المحتوى. لكن هذا المحتوى تحوّل من ترفيهي موجه للصغار إلى ثقافي يهدف بالدرجة الأولى إلى جعل القراءة عادة يومية لدى الكبار، من خلال تقديمها على شكل «وجبات مطالعة سريعة» في أماكن ليست مخصصة عادة لبيع الكتب كالسوبر ماركت والمحلات التجارية الكبرى. وفي إطار نشاطات بيروت عاصمة عالمية للكتاب تدخل «السحبة» على خط نشر ثقافة القراءة، التي انحدرت في لبنان إلى ما دون 15 في المائة بما لا تزيد على كتاب واحد سنويا لكل مواطن، لتكون «فاعل خير» وحلقة وصل بين كبار كتّاب العالم وبين المواطن اللبناني بتكلفة شبه مجانية لا تتجاوز سعر العلكة التي تعطى بدل الـ250 ليرة لبنانية أو أقلّ.

تعرّف مديرة المشروع منى مرعي «سحبة» بـ«الفكرة التي تستلهم عادة طفولية قديمة درجنا عليها في صغرنا واعتدنا شراءه، وهو مجسم من الورق وفي داخله الهدية المفاجأة (قد تكون خاتما من البلاستيك أو طيارة من الكرتون...)، إلا أن (السحبة الحديثة) تحولّت إلى كتيّب صغير بحجم الجيب موجّه إلى الناشئة والراشدين بما يحتوي عليه من نصوص مقتطفة من رواية أو ديوان شعر أو مقالة أو قصة». وتلفت إلى أنه لا تقتصر هوية النصوص المختارة على تلك العربية، بل هي أيضا عالمية لكنها تقدم من خلال «سحبة» باللغة العربية مع إشارة في نهاية كل نص إلى سيرة المؤلف الأدبية والثقافية.

وتوزع هذه الكتيبات مجانا في المحلات التجارية والسوبر ماركت أو من قِبل محاسب الصندوق بدلا عن فئات النقد المعدنية اللبنانية، التي لا تصلح لشراء أي شيء وتبقى في جيب اللبناني، بل وتصبح لعبة في أيدي الأطفال. ويعتبر العاملون في هذا المشروع أن اعتماد هذا الأسلوب في توزيع هذه الكتيبات من خلال «سحبة» يجعل الكتيب يصل إلى كل فئات المجتمع ولا سيما تلك غير المعتادة ارتياد المكتبات لشراء الكتب أو الصحيفة اليومية، وبهذه الطريقة يستطيع كل مواطن أن يتمتع بـ«وجبة أدبية أو فكرية» سريعة وممتعة، علها تلعب دور المحفز لدى قارئها للبحث عن النص الأصلي وقراءته كاملا.

ويأتي مشروع «سحبة» على مرحلتين، إذ سوف يتم توزيع في المرحلة الأولى، التي بدأت في 22 فبراير (شباط) الماضي وتستمر لغاية 24 أبريل (نيسان) المقبل، 36000 «سحبة كتيب» على مدى شهرين في أكثر من ثلاثين موقعا تجاريا و16 مدرسة رسمية وخاصة، حيث سيتعرف اللبنانيون بشكل عام والتلاميذ بشكل خاص، على 15 نصا لأهم الكتّاب من اختيار اللجنة المنظمة للمشروع.

وتلفت مرعي إلى أن فكرة المشروع لا تتناقض أو تمس بالحقوق الملكية والفكرية للكتاب، إذ يجيز القانون استعمال جزء محدود من أي عمل أدبي أو فني من دون موافقة صاحبه أو التعويض عليه، وذلك لأغراض النقد أو من أجل دعم وجهة نظر معينة أو لغاية تعليمية، مع وجوب ذكر اسم صاحب العمل. مع التأكيد على أن هدف «سحبة» تنموي اجتماعي لا يهدف إلى الربح المادي.

أما المرحلة الثانية من مشروع «سحبة»، فهي في طريقها لترى النور قريبا، وهي عبارة عن جلسات نقاش تفاعلية حول أهمية المطالعة في عدد من المدارس الثانوية، حيث سيتم الإعلان عن مسابقة «سحبة»، التي تحمل عنوان «مين قال إنه المطالعة ما فيها ربح»، إذ يطلب من الطلاب إرسال نصوص قاموا بقراءتها ونالت إعجابهم. وبعد ذلك، يتم انتقاء أفضل اثني عشر نصا من النصوص المرسلة إلى أن يتم طباعتها وتوزيعها في ما بعد على المدارس في لبنان. كذلك، سيتم اختيار النصوص الثلاثة الفائزة في المراتب الأولى من لجنة مؤلفة من مثقفين وتربويين ليحصل مقدموها على جوائز عديدة وقيمة.