صالون المأكولات «الحلال» يفتح أبوابه في باريس

لحوم وشوربات وخل وأحمر شفاه وشمبانيا من دون كحول تلبي طلب الجالية المسلمة

مأكولات حلال للأطفال تعرض ضمن منتجات سوق المنتجات الحلال الذي أقيم في باريس الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

على أرض المعارض في باريس، وفي الصالة التي تحمل الرقم 3، يتجول المئات من تجار الجملة والمفرد وأصحاب محلات البقالة والمطاعم والمأكولات السريعة للاطلاع على أول صالون من نوعه للبضائع «الحلال» في فرنسا، أي تلك التي يتم تحضيرها وفق تعاليم الشريعة الإسلامية.

وسابقا، عندما كان الحديث عن الأطعمة الحلال يذكر في فرنسا، فإن المقصود الذي يتبادر إلى الذهن، على الفور، هو تلك الكميات من لحوم المواشي والدجاج المذبوحة وفق الشريعة، وليس بواسطة صعقات كهربائية، والتي تباع في دكاكين الجزارين المتركزة في أحياء المهاجرين. أما اليوم فقد توسعت هذه التجارة بشكل يفوق الوصف لتشمل قائمة طويلة من البضائع التي تتجاوز اللحوم لتصل إلى الأطباق الصينية الجاهزة المطبوخة، والمشروبات الغازية، وقناني الخل، ومكونات الشطائر السريعة، وأحمر الشفاه الخالي من الشحوم الحيوانية، ومشروبات كالبيرة والشمبانيا الخالية من الكحول، وإلى عشرات من المنتجات والمأكولات والمواد الغذائية التي تلقى إقبالا، لا من المسلمين المقيمين في هذا البلد فحسب، بل من فرنسيين باتوا يفضلون اللحوم الطازجة التي لا تتعرض للتخزين لفترات طويلة.

تتوزع متاجر المأكولات الحلال في عموم المناطق التي يقطنها مهاجرون عرب وأفارقة وأتراك وإيرانيون وباكستانيون وأكراد. وبات المرء يصادف مطاعم «بيتزا» ومخابز تقدم الوجبات الحلال، إلى جانب محلات الكباب وأكلة «الكسكسي» المغاربية المعروفة. وحسب معلومات أدلى بها إلى الصحف عباس بندالي، مدير مركز للأبحاث متخصص في اتجاهات الاستهلاك لدى المهاجرين، فإن سوق البضائع المقبولة إسلاميا أو ما يطلق عليها «الحلال» تتوسع بما معدله 15 في المائة سنويا. ومن المتوقع أن تحقق هذه السوق أرقام مبيعات تصل إلى 5.5 مليار يورو هذا العام. تتوجه تجارة البضائع الحلال لتلبي طلبات طائفة تقدر رسميا بخمسة ملايين مسلم في فرنسا، ثلاثة أرباعهم تقريبا من أصول مغاربية. لكن هناك من يؤكد أن الرقم الحقيقي يصل إلى سبعة ملايين. ونظرا إلى أن معظم هؤلاء هم من دون الأربعين من العمر، فإنهم يندرجون في خانة الشرائح النشطة في المجتمع وممن يترددون على المطاعم والمقاهي وأماكن التسوق. وبسبب قدراتها الشرائية فقد اجتذبت هذه الشريحة اهتمام شركات فرنسية كبرى متخصصة في إنتاج المواد الغذائية واللحوم المعلبة وأكياس الحساء المجففة والوجبات الجاهزة. ويمكن للمتسوقين في سلسلة متاجر «كازينو» الكبرى، مثلا، أو «كارفور» التوجه إلى أرفف مخصصة للحوم المذبوحة وفق الشريعة الإسلامية، وهو أمر كان حتى وقت قريب متبع في البضائع اليهودية الحلال فقط. وهناك اليوم شركات يديرها عرب تخصصت في الأطباق الجاهزة أو المجمدة الحلال، منها ما يحمل اسم «وسيلة» أو «المدينة» أو «دنيا».

وإذا أخذنا مطاعم الوجبات الجاهزة فقط، كالشاورما والكباب واللحم بعجين والهامبرغر الحلال، فإن المتخصصين يقدرون مبيعاتها السنوية بأكثر من مليار يورو. وفي إمكان المستهلكين الدخول على شبكة «الإنترنت» والتأكد من أن تلك البضائع تستوفي شروط الطعام «الحلال». وهناك، عدا المواد الغذائية، بضائع صحية ومواد تجميل تباع تحت لافتة «حلال» لكن التجار الذين يتعاملون بها يتصرفون وفق تصوراتهم لأن هذا النوع من البضائع لم تتم تسميته من المجلس الفرنسي الأعلى للعقيدة الإسلامية.

وكانت سلسلة مطاعم «كويك» الفرنسية للوجبات السريعة قد أثارت الكثير من الجدل في وسائل الإعلام أواخر العام الماضي، لأنها بدأت بتقديم شطائر «الهامبرغر» الحلال في عدد من فروعها الواقعة في مناطق ذات غالبية مسلمة، كما استبعدت لحم الخنزير من وجباتها. واعتبرت بعض الجمعيات المدافعة عن حقوق المستهلكين أن هذا التخصيص يحرم زبائن آخرين من حقهم في اختيار ما يرغبون في تناوله. لكن اتساع الطلب على هذا النوع من الأطعمة من شأنه أن يثير شهية الشركات والسلاسل الكبرى لتلبيته وحصد العائدات التي تعد بها تجارة الحلال.