يستعد المكوك الأميركي ديسكفري للانطلاق فجر اليوم الاثنين إلى محطة الفضاء الدولية، مع طاقم مؤلف من سبعة رواد فضاء، يضم للمرة الأولى ثلاث نساء من بينهن يابانية. وما إن ينزل الرواد إلى المحطة الأربعاء كما هو متوقع ستكون أربع نساء في المدار، في سابقة عالمية.
وتصل الأميركية ترايسي كالدويل دايسون الأحد القادم إلى محطة الفضاء الدولية مع رائدي فضاء روسيين على متن المركبة الروسية سويوز التي أطلقت الجمعة من قاعدة بايكونور في كازاخستان.
ودرس مسؤولو المهمة بعض المشكلات التقنية الطفيفة التي طرأت مساء الجمعة، واعتبروا أنها لن تؤثر على عملية الإطلاق. وقال مايك موزيس، المسؤول عن التحضير لعملية الإطلاق، خلال مؤتمر صحافي أول من أمس السبت «أجمعنا على أن كل شيء جاهز لعملية الإطلاق الاثنين»، وقد بدأ العد العكسي رسميا الجمعة عند الساعة السابعة بتوقيت غرينتش.
ولا تزال توقعات الأحوال الجوية ممتازة مع 80% من الفرص المواتية عند الإقلاع، على ما أوضحت خبيرة الأحوال الجوية كاثي وينترز، مشيرة في الوقت ذاته إلى احتمال حصول بعض الضباب.
ومن المقرر إطلاق ديسكفري الاثنين عند الساعة 10.21 بتوقيت غرينتش (06.21 بالتوقيت المحلي) من مركز كينيدي الفضائي قرب كاب كانافيرال في فلوريدا (جنوب شرقي الولايات المتحدة).
وبعد هذه الرحلة، وهي الثانية لمكوك أميركي هذه السنة، لن يبقى سوى ثلاث رحلات مبرمجة قبل سحب المكوكات الأميركية الثلاثة من الخدمة بعدما استخدمت على مدى ثلاثة عقود. وأطلق أول مكوك في أبريل (نيسان) 1981.
وخلال المهمة التي تستمر 13 يوما سينقل المكوك وطاقمه المؤن والمعدات، من بينها أسرة إضافية لنزلاء محطة الفضاء الدولية، فضلا عن سبع خزائن مخصصة للتجارب العلمية في مجالات الطب والبيولوجيا والكيمياء والفيزياء والبيئة.
ومن الأجهزة الأخرى التي سينقلها ديسكفري ثلاجة إضافية لحفظ عينات الدم والبول واللعاب والنبات والجراثيم التي ستخضع لتجارب في انعدام الجاذبية، ومن ثم ستنقل إلى الأرض لتحليلها. وسيسلم المكوك كذلك جهاز تمرين يسمح بقياس قوة العضلات.
وتؤدي الإقامة لفترة طويلة في الفضاء إلى ضمور العضلات، مما يرغم رواد الفضاء على ممارسة التمارين بانتظام.
وتنقل كل هذه المعدات في القمرة المضغوطة «ليوناردو» التي بنتها إيطاليا والملتحمة بالمكوك. وبعد التحام ديسكفري بالمحطة ستفصل القمرة ليوناردو بواسطة ذراع المحطة الآلية لتلتحم بها على أن يتم إنزال التجهيزات المحملة فيها.
والآن وبعد الانتهاء من بناء المحطة، باتت وكالة الفضاء الأميركية تنقل قطع الغيار والتجهيزات الضرورية لصيانة المحطة، فضلا عن المعدات المخصصة للتجارب العلمية في انعدام الجاذبية وفي الفضاء الخارجي.
وأعلن الرئيس الأميركي في فبراير (شباط) في مشروع الميزانية لعام 2011 التمديد لمحطة الفضاء الدولية حتى عام 2020.
وتتضمن مهمة ديسكفري ثلاث عمليات سير في الفضاء من ست ساعات ونصف الساعة، يجريها فريق من رائدين من ديسكفري في اليوم الخامس والسابع والتاسع من الرحلة.
ومن المهمات الرئيسية في عمليات السير في الفضاء هذه وأكثرها تعقيدا، استبدال خزان أمونياك جديد مليء بالخزان الفارغ المربوط بالمحطة من الخارج. ويستخدم الأمونياك في نظام تبريد المحطة المدارية.
ومحطة الفضاء الدولية مشروع تبلغ كلفته مائة مليار دولار، بدأ عام 1998، وتشارك فيه 16 دولة وتموله الولايات المتحدة خصوصا.
وبعد سحب المكوكات الأميركية من الخدمة ستعتمد الولايات المتحدة على مركبات سويوز الروسية لنقل روادها إلى محطة الفضاء الدولية، بانتظار أن تحل مكانها مركبات أميركية جديدة في حدود عام 2015.
ويقول بعض المحللين إن ميزانية الرئيس أوباما لعام 2011 ستقضي على برنامج «الكوكبة» التابع لوكالة «ناسا»، وهي عبارة عن محاولة طموحة للعودة إلى القمر بدأت إبان الرئيس جورج دبليو بوش.
وأضفى قرار إنهاء برنامج «الكوكبة» كآبة غير مألوفة على هذا الجزء من العالم. ويشعر الناس بالحيرة والحزن. ووصلت الرسالة إلى أوباما، وسوف يطير إلى مركز كينيدي للفضاء في 15 أبريل (نيسان) لعقد مؤتمر حول الفضاء وحضور اجتماع داخل مجلس المدينة. ومن المؤكد أنه سوف يشير إلى أن ميزانيته تزيد التمويل الذي تحصل عليه وكالة «ناسا».
وتحول الاستراتيجية الجديدة المتعلقة بوكالة «ناسا» مهمة إرسال رواد الفضاء إلى مدار أرضي منخفض من عقود حكومية تقليدية إلى عقود تجارية. وإذا كان القطاع الخاص يستطيع إنشاء تاكسي يذهب للفضاء، فإنه يمكن لوكالة «ناسا» التركيز على تقنيات جديدة ورحلات أطول داخل المنظومة الشمسية.
وقال تشارلس بولدن، المدير بوكالة «ناسا» ورائد الفضاء السابق، في رده على أسئلة طرحت عليه عبر البريد الإلكتروني كما جاء في تقرير لصحيفة «واشنطن بوست»: «نرى أن ذلك مثير، إذ إنه سوف يساعدنا على القيام بأشياء نحلم به في الوقت الحالي. وسوف يعزز من صناعات جديدة، ويستحث الإبداع، ويخلق وظائف، ويؤدي إلى المزيد من البعثات، والمزيد من المقاصد في وقت أقرب وبطريقة أكثر أمنا وأسرع».
وقال ديل كيتشام، الأستاذ في جامعة «سنترال فلوريدا» ومدير مؤسسة بحثية تحمل اسم «معهد الميناء الفضائي للأبحاث والتقنية»: «سوف نذهب إلى القمر، ولكن ماذا سنفعل؟ سوف يشعر دافعو الضرائب بالغضب: فبعد ستين عاما سنعود ونضع العلم ونرجع إلى أرض الوطن».
ويتحدث الناس هنا عن المسبارات، «ديسكفري» و«أتلانتس» و«إنوفر»، كما لو كانوا أفرادا محبوبين من العائلة. وتوجد أربع رحلات بالمكوك متبقية، ومن المقرر أن تكون الأخيرة في سبتمبر (أيلول)، ويمكن ترحيل الجدول لأشهر قليلة. ويقول عمال إن الشيء المؤلم يتمثل في ضياع المعرفة التي تراكمت على مدى عقود هناك داخل كيب. ويضيف كريس لوينز، وهو متعهد لدى «تحالف الفضاء المتحد» عمل في مجال إطلاق الصواريخ منذ بلوغه: «سنفقد هذه المعرفة، ومن الصعب جدا استعادة ذلك مرة أخرى».