المسيحيون الأرثوذكس والكاثوليك في الشرق والغرب يحتفلون بعيد الفصح

بطريرك اللاتين فؤاد طوال وبابا الفاتيكان يدعوان في روما والقدس إلى السلام والتعايش بين الشعوب

الرئيس الأميركي باراك أوباما يعود إلى البيت الأبيض في واشنطن بعد أن مارس لعبة الغولف في فورت بلفوير (أ.ب)
TT

احتفل آلاف المسيحيين من أتباع الكنيستين الشرقية والغربية، أمس، الأحد، بعيد الفصح المجيد في كنيسة القيامة، في القدس المحتلة، حيث تمنى بطريرك طائفة اللاتين، فؤاد طوال، في عظة الفصح «سلاما ينفي الحروب، ومصالحة تقرب الشعوب».

وفي روما، بدأ بابا الفاتيكان، بينديكت السادس عشر، احتفالات قداس عيد الفصح في ساحة القديس بطرس قبل إلقائه عظة «يوربي إيتوربي» الشهيرة ويبارك المدينة والعالم. واحتشد عشرات الألوف من الأشخاص في الميدان الشهير، وسط تساقط الرذاذ وهواء ربيعي منعش، لمتابعة المراسم التي مثلت ذروة 4 أيام من الاحتفالات المكثفة المتعلقة بعيد الفصح، والتي أقامها بابا الفاتيكان، 82 عاما.

وترأس بينديكت السادس عشر موكب درب الصليب، مساء الجمعة، في إطار احتفالات روما التقليدية بيوم الجمعة العظيمة، مذكرا المؤمنين بمعاناة المسيح، وأن الموت يؤدي في نهاية المطاف إلى السعادة في الحياة الأبدية.

وخلال المسيرة، سار آلاف الأشخاص، يحمل الكثير منهم شموعا، حول مدرج الكولوسيوم في روما، لإحياء 14 مرحلة تمثل الساعات الأخيرة التي سبقت صلب المسيح، وفقا للمسيحية.

وقال البطريرك فؤاد طوال في عظته، التي ألقاها باللغة الفرنسية أمام القبر المقدس في كنيسة القيامة، والتي وزعت منها نسخة بالعربية: «بقوتك أيها المصلوب، حملنا صليبك كل يوم جمعة، وسرنا معك في درب الآلام في هذه المدينة المتألمة، وسائر بلادنا المعذبة وشرقنا الحائر».

وأضاف: «هانحن اليوم نرجو نصرا على انقساماتنا، وسلاما ينفي الحروب ووئاما يجمع بين القلوب ومصالحة تقرب الشعوب». وفي نهاية عظته قال البطريرك: «إن فرحنا هذا السنة مضاعف، لأننا نحتفل على مختلف كنائسنا بعيد فصح موحد».

وما إن انتهت العظة، حتى علت التراتيل وسط الأضواء التي ملأت الكنيسة وعبق البخور، الذي انتشر في المكان، فيما كانت أجراس الفرح تقرع بين وقت وآخر من كنيسة القيامة.

وحضر القداس عدد من القناصل الأوروبيين، إضافة إلى الكثير من الحجاج القادمين من مختلف أنحاء العالم.

وقد جرى تنظيم الاحتفالات بدقة، حتى لا تحدث احتكاكات بين مختلف الكنائس التي تشرف على كنيسة القيامة، الروم الأرثوذكس، واللاتين، والقبطية والمرقسية، والأرمنية، والحبشية، والسريانية.

وعند مدخل كنيسة القيامة، وأمام المغتسل الذي انتشرت من حوله رائحة العطور، قامت بعض النسوة بصب الزيت والماء المقدس على بلاطة المغتسل وهن يمسحن بها رؤوسهن ومناديلهن ويباركن شموعهن بهذا المكان المقدس.

وتجرى الاحتفالات بعيد الفصح، التي لم تتخللها حتى الآن أي حوادث تذكر، في أجواء سياسية متوترة بسبب إصرار إسرائيل على مواصلة الاستيطان في القدس الشرقية المحتلة.

وندد ممثلون عن الكنائس المسيحية في الأراضي المقدسة بهذه الإجراءات الإسرائيلية التي تمنع أبناء الشعب الفلسطيني، بمسلميه ومسيحييه، من ممارسة حريتهم الدينية.

وقال مطران الأرمن، أريس شيرفاري، في مؤتمر صحافي السبت في فندق الإمبسادور في القدس: «إن الإسرائيليين يتذرعون بالأمن، ليمنعوا وصول أبناء الكنائس والحجاج إلى كنيسة القيامة خلال فترة الأعياد (الفصح)». وتمنع السلطات الإسرائيلية فلسطينيي الضفة الغربية، المسيحيين والمسلمين، من الوصول إلى القدس لأداء الشعائر الدينية إلا بتصريح مسبق. كما تفرض حصارا على قطاع غزة، الذي يقطنه مليون ونصف مليون شخص.

وقالت رماز كسابره، 34 عاما، وهي فلسطينية من الروم الأرثوذكس: «حصلت عائلتي على تصريح لدخول القدس، لكنها قررت عدم المجيء، لأنه سيترتب عليه الانتظار في الصف ساعات أمام معبر قلندية - بين الضفة الغربية والقدس - وهذا سينغص عليها فرحة العيد».

وعائلة رماز كسابره تتحدر من قرية مسيحية قريبة من جنين في الضفة الغربية. وهي متزوجة، وتسكن في بيت حنينة في القدس الشرقية، لكنها لا تملك بطاقة الإقامة التي تسمح لها بالتنقل بحريّة. وهي تعرف حق المعرفة المضايقات والصعوبات التي يواجهها الفلسطينيون عند المعابر وصفوف الانتظار الطويلة وعمليات التفتيش، وصولا إلى الاعتقالات.

وعدد الفلسطينيين المسيحيين في تراجع متواصل منذ إعلان قيام إسرائيل عام 1948، ولو أنه من الصعب التثبت من صحة الأرقام في غياب تعداد سكاني دقيق. وتقول رماز كسابره: «إنهم يهاجرون، إذ إن الكثير منهم يعيشون في ظروف مزرية، ويجردون من كرامتهم ويفتقرون إلى الموارد».

وجاءت الاحتفالات مشابهة في معظم الدول العربية التي تتمتع بوجود مسيحي. وفي مصر ترأس قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، في وقت متأخر من مساء السبت، قداس عيد القيامة، الذي حضره إلى جانب عدد كبير من المسؤولين المصريين، منهم الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورئيس الجمعية الوطنية للتغيير.

وفي تصريحاته للصحافيين الذين تدافعوا حوله، قال البرادعي: «جئت لتهنئة الأقباط بالعيد باعتباري مواطنا مصريا، والمسلمون والمسيحيون إخوة». وتابع: «هذه مناسبة دينية مقدسة، وجئت للتهنئة فقط». وسبق البرادعي في التهنئة عدد من الوزراء والمسؤولين الرسميين، ومن بينهم الدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية.