في احتفالية لندنية.. دار بلومزبري تطل على العالم برداء قطري

الشيخة موزة المسند تقدم إصدارات الدار الأولى للملكة إليزابيث الثانية في حفل شاي بقلعة ويندسور

الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا تستمع إلى شرح الشيخة موزة بنت ناصر المسند حول مطبوعات دار بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر في قلعة ويندسور (مؤسسة قطر)
TT

من خلال رحلة إلى العاصمة البريطانية استمرت ثلاثة أيام قامت الشيخة موزة بنت ناصر المسند رئيس «مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع» بإطلاق «دار بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر» (وهي مؤسسة شقيقة لدار بلومزبري البريطانية العريقة). وقدمت الشيخة موزة أول إصدارات الدار إلى الملكة إليزابيث في حفل شاي أقيم بقلعة ويندسور حضره عدد من الشخصيات الرفيعة ومسؤولي مؤسسة قطر.

وخلال الحفل قامت الملكة بدورها بالتعريف بجانب من مقتنيات المكتبة الملكية من المطبوعات العربية والإسلامية النادرة التي تلقاها ملوك وملكات بريطانيا كهدايا رسمية على مر العصور، ثم قامت بالاطلاع على الكتب العربية والإنجليزية التي أطلقتها دار نشر بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر. وأبدت الملكة والأمير فيليب اهتماما خاصا بالمطبوعات العربية، خصوصا كتابا للأطفال حول صيد اللؤلؤ.

وفي احتفالية أدبية أقيمت بمتحف «تيت مودرن» للفن الحديث أطلقت الدار قائمة إصداراتها الأولى للمهتمين في عالم النشر وأجريت جلسة قراءات مختارة من روايتي «الحفيدة الأميركية» لأنعام كجه جي و«رحلة مع مراد لثمان عشرة ساعة» للكاتبة الفلسطينية سعاد العامري. وقامت الروائيتان بالحديث عن تجربتيهما الإبداعية والظروف التي صاحبت نشر روايتيهما وخلال الحديث تطرقت العامري إلى لمسة الفكاهة التي تغلف أعمالها الروائية بدءا من نشر أولى رواياتها «شارون وحماتي» والتي قوبلت باستقبال حافل في الأوساط الأدبية وأشارت إلى أن الظروف التي يعيشها المواطن الفلسطيني لا يمكن مجابهتها في بعض الأحيان إلا بالسخرية والفكاهة.

وتسرد العامري من خلال روايتها رحلتها التي امتدت ثمان عشرة ساعة لاختراق الحدود الإسرائيلية بحثا عن عمل ضمن حافلة مليئة بالرجال الساعين وراء الهدف نفسه.

أما كجه جي فأشارت إلى أن كتابها «الحفيدة الأميركية» الذي تم ترشيحه للحصول على جائزة «بوكر» العربية يرسم للأجيال الشابة صورة للعراق في الماضي، وهي صورة عاشتها الكاتبة في شبابها وحرم منها ابنها وجيله. تسرد الرواية حكاية مؤثرة مليئة بالأحاسيس لفتاة عراقية شابة تركت موطنها وتوجهت إلى الولايات المتحدة في رحلة طويلة بصفتها مترجمة للقوات الأميركية في العراق، وتمتد أحداث الرواية لتسرد رحلة الشابة العراقية الحافلة بالأحداث المثيرة حتى عودتها إلى موطن أجدادها مرة أخرى.

وعقب جلسة القراءة أجرت الشيخة موزة لقاءات مقتضبة مع كبار المؤلفين والكتّاب ونخبة من الأدباء والمفكرين، كما شاركت أيضا في الجلسة النقاشية الخاصة بموضوع كتب الأطفال. وقد حضر الجلسة نخبة من مجتمع النشر والتأليف والأدب العالمي، إضافة إلى المدعوين من الأدباء والمؤلفين والمفكرين من منطقة الشرق الأوسط.

تجدر الإشارة إلى أن «دار بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر»، بصفتها أول دار نشر عالمية لدولة قطر، تقوم بانتقاء نخبة النوابغ والموهوبين من أجيال المؤلفين والكتّاب العرب المقبلة لتوفر لهم فرصة نشر وتوزيع مؤلفاتهم وكتاباتهم في أنحاء منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره، وبهذا توفر مؤسسة قطر قاعدة متينة لرعاية الكتاب والمؤلفين العرب الصاعدين في المنطقة ونشر وتوزيع أعمالهم من خلال شبكة التوزيع التابعة لـ«بلومزبري» لتصل بذلك أصوات الكتّاب العرب وأفكارهم إلى قراء العالم ككل.

وخلال حديث مع «الشرق الأوسط» قال المدير المسؤول المكلف لـ«دار بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر»، سيف سلماوي إن الدار أنشأت بناء على مبادرة من الشيخة موزة دار نشر قطرية عربية تهدف إلى نشر كتب على مستوى عال من الجودة. ويشير سلماوي إلى أن الدار تنشر الروايات وكتب الأطفال والمراجع باللغة العربية والإنجليزية.

هدف الدار كما يضيف سلماوي «تشجيع الكتاب الشباب في العالم العربي على الإبداع والكتابة، وأيضا توصيل أفضل ما ينتجه العالم العربي في الأدب وترجمته إلى اللغة الإنجليزية لتقديمه إلى المجتمع العالمي».

ويبدو واضحا من قائمة الإصدارات الأولى للدار التي تضمنت 5 كتب للأطفال الاهتمام الخاص الذي يحصل عليه النشء في سياسة الدار وهو الأمر الذي يؤكده سلماوي، مضيفا أنه من أهداف الدار تشجيع الأطفال على حب القراءة، ولهذا تقيم بالتعاون مع المدارس في الدوحة كثيرا من ورش العمل والقراءة يقوم بها متخصصون.

وحول آلية اختيار المؤلفين يقول سلماوي إن الدار تستشير لجنة من المتخصصين يقومون بقراءة وتقييم الأعمال المحالة إليهم لاختيار أفضلها وما يتواءم مع سياسة الدار للنشر والترجمة.

وبالمرور على عناوين قائمة الإصدارات الأولى يشير سلماوي إلى أن الدار نشرت 5 كتب للأطفال من بينها كتاب «الانتصار على بو دريا» للكاتب والرسام القطري محمد علي وذلك بالتعاون مع متحف الفن الإسلامي في الدوحة، وتضم القائمة أيضا كتابا للأطفال ما بين 12 - 18 عاما وهي رواية لكاتبة أسترالية من أصل فلسطيني مصري، إضافة إلى رواية «الحفيدة الأميركية» للكاتبة العراقية إنعام كجه جي ورواية «مع مراد» لسعاد العامري.

بالنسبة للخطوة المقبلة للدار يشير سلماوي إلى أن الدار في طريقها لنشر 40 كتابا في المرحلة المقبلة تتوزع ما بين كتب الأطفال والنشء والروايات، منها رواية للكاتب العراقي علي بدر، والمصري أحمد مراد بعنوان «فيرتيغو».

ومن جانبها صرحت مديرة تطوير القراءة والكتاب في «دار بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر»، الدكتورة موهان لاكشمي راجاكومار، بقولها: «تقدم قائمة الكتّاب والمؤلفين التي أعلنت عنها الدار أدلة دامغة على المنافع الجمة التي سيستفيد بها المؤلفون العرب وقراؤهم بعدما وفرت الدار قاعدة متينة لنشر أعمالهم. ومن خلال توزيع الكتب ذات الجودة والمضمون الرفيع في السوق، نطمح إلى تعميق ثقافة القراءة في المجتمع باللغتين العربية والإنجليزية».

وخلال زيارتها للعاصمة البريطانية قامت الشيخة موزة أيضا برعاية الفعالية التي أقامتها كل من «واحة العلوم والتكنولوجيا» في قطر و«مؤسسة حمد الطبية» و«كلية طب وايل كورنيل» في قطر لإطلاق مركز الجراحة الروبوتية في قطر وذلك بالتعاون مع «إمبريال كوليج» بلندن بهدف تعزيز وتطوير البحوث الطبية العملية في هذا المجال في كل من دولة قطر والمملكة المتحدة، ولتصبح دولة قطر محورا عالميا في مجال الجراحة الآلية الذي يعتبر من المجالات المتطورة بشكل سريع في هذا العصر.

واستكمالا للاحتفالية الثقافية التي صاحبت إطلاق دار بلومزبري صدحت أوركسترا قطر الفلهارمونية بأعذب الألحان العربية والغربية في جنبات قاعة ألبرت هول الملكية الشهيرة لأول مرة وبحضور الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث.

وشمل عرض أوركسترا قطر عددا من المعزوفات العربية والمقطوعات الغربية الكلاسيكية التي تم انتقاؤها بعناية لتعزز مفهوم حوار الثقافات ولتؤكد الإنجازات الفنية للأوركسترا ونجاحها في دمج الألحان الشرقية والغربية.

استهل برنامج الحفل بقيادة الموسيقار الشهير المايسترو لورين مازل، بمقطوعة افتتاحية لموسيقى الأوبرا الكوميدية «داي مايسترسينغر فون نورنبيرغ - Die Meistersinger von Nürnberg» للموسيقار الشهير ريتشارد واغنر، وتتألف المقطوعة الافتتاحية من ثلاث فقرات دراما موسيقية رئيسية.

تلا ذلك مقطوعتان للمستشار الموسيقي والملحن الشهير بالفرقة الموسيقار مارسيل خليفة، وهما «كونشرتو عربية» وهي مقطوعة أعدتها مؤسسة قطر خصيصا عند تدشين الفرقة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2008، حيث تركز على عراقة تاريخ الموسيقى العربية وتبرز عذوبة الآلات الموسيقية العربية والشرقية في حوار متبادل مع نظيرتها الغربية.

المقطوعة الثانية كانت بعنوان «تحية» وهي عبارة عن مزيج من إيقاعات الطبول بوصفها آلة إيقاع يدوية شرقية مع إيقاعات الأوركسترا السيمفونية، في إشارة إلى الجمهور لتجاوز الفروق الثقافية والارتقاء فوق الاختلافات الموسيقية.

وفي ختام الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام قامت الشيخة موزة والأمير تشارلز ولي العهد البريطاني بزراعة شجرة السدرة في الحدائق النباتية الملكية - كيو، إيذانا بافتتاح معرض حديقة القرآن الكريم في الحدائق النباتية الملكية، واحتفالا بالسنة العالمية للتنوع الحيوي (2010).

معرض حديقة القرآن الكريم في «الحدائق النباتية الملكية - كيو» سيقدم للعالم نموذجا عن هذه الحديقة المتميزة والمقرر إقامتها في الدوحة، حيث ستضم حديقة القرآن الكريم جميع الأنواع والسلالات النباتية التي ورد ذكرها في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وكتب السنة بما فيها شجرة السدرة.