المتحف القبطي في القاهرة يدخل مئويته الثانية بحلة جديدة

خضع لعملية ترميم شاملة لعامين ويضم مقتنيات نادرة

رسم لعازف مع آلته على طبق من فخار ولوحة جدارية وإبريق عليه كتابة باللغة العربية
TT

بعد عملية ترميم شاملة له استغرقت نحو عامين، واستحدثت أنظمة جديدة لبانوراما العرض به، احتفل المجلس الأعلى للآثار في مصر بالمئوية الأولى للمتحف القبطي، في موقعه التاريخي الفريد بمنطقة مجمع الأديان بمصر القديمة، وهو أحد أهم المتاحف الرئيسية بالقاهرة، بل يصنف المتحف كأحد أهم المتاحف على مستوى العالم، لما يتميز به من مقتنيات تاريخية عريقة توضح حقبة هامة تميزت بدقة وجمال الفنون المسيحية على مستوى العالم.

شهد الاحتفالية الدكتور زاهي حواس، الأمين العام للمجلس، والذي قام بتكريم عدد كبير من الأثريين وأمناء المتحف القبطي لجهودهم في هذا المجال ودورهم في الاهتمام وتوثيق مقتنيات المتحف، كما شهدها عدد من سفراء الدول الأجنبية ورؤساء البعثات الأثرية العاملة في مصر إضافة إلى عدد كبير من الآثاريين المصريين.

ويعتزم القائمون على المتحف عقد لقاءات فكرية وثقافية وفنية بواقع ثلاث أمسيات شهريا، يلتقي فيها محبو وعاشقو التاريخ والآثار مع كوكبة من نجوم الفكر والمجتمع المصري، وهو ما تعمل عليه إدارة التنمية الثقافية لزيادة الوعي الأثري بمتاحف وحضارة مصر.

ويرتبط المتحف القبطي بمنطقة مصر القديمة، المرتبطة كذلك بالعصر الذي بزغت فيه شمس المسيحية في مصر فهو يقع داخل حصن بابليون، أشهر ما خلفه الحكم الروماني في مصر، ويجاوره 6 كنائس قديمة ذات أهمية خاصة، إذ يرجع تاريخ إنشائها للفترة ما بين القرن الخامس والثامن الميلادي، وهى: الكنيسة المعلقة المقامة على الحصن الروماني، وكنيسة أبو سرجة، ومارى جرجس، ودير العذراء، وكنيسة قصرية الريحان، مما يعطى هذا المتحف طابعا فريدا عن المتاحف الأخرى لوجوده في منطقة أثرية هامة.

والمتحف أنشأه مرقص سميكة باشا في عام 1908 ليجمع فيه المادة الأثرية اللازمة والوثائق التي تساعد في دراسة تاريخ مصر منذ بدايات ظهور المسيحية وحتى الآن، والكشف عن تاريخ هذا العصر في وادي النيل حيث كان متحمسا للآثار القبطية إلى درجة عظيمة مكنته بمجهوده الشخصي من إنجاز هذا العمل الكبير.

وطوال تاريخه عاني المتحف من جملة من التعديات جعلت عملية ترميمه، مهمة أساسية وصعبة أمام فريق الترميم من الخبراء المصريين، لكنهم مع ذلك استطاعوا إنجاز مهمتهم، في وقت قياسي خلال عامين تقريبا، وبتكلفة بلغت 50 مليون جنيه (9 ملايين دولار)، ليستعيد المتحف بهاءه، ومكانته ضمن عدد من الآثار والمتاحف الإسلامية والقبطية التي تم ترميمها في إطار مشروع ترميم القاهرة التاريخية.

ويقول الأثري محمد عبد الفتاح رئيس قطاع المتاحف إن «مشروع صيانة المتحف كان بمثابة إعادة إحياء له، وتضمن إعادة تصميم سيناريو العرض، وربط المبنيين القديم والحديث عن طريق ممر معلق وإصلاح المناسيب المختلفة بالمبنيين وإزالة الطلاء القديم بإظهار الزخارف في السقف الأصلي وإصلاح الحشوات الخشبية وإعداده للزيارة بطريقة تناسب حتى الزائرين من ذوي الاحتياجات الخاصة».

وأضاف أنها المرة الأولى التي يتم فيها عمليات الترميم بواسطة مجموعة من أكفأ المرممين المصريين وعددهم 150 فنانا، بعدما مر المتحف بمراحل ترميم مختلفة على أيدي الأجانب، تمثلت في عام 1947، حيث تم إنشاء الجناح الجديد للمتحف، وفى عام 1966 أغلق الجناح القديم لحدوث شروخ بالمبنى، ثم أعيد افتتاحه بجناحيه في عام 1984، ثم ما لبث أن تم إغلاق المبنى القديم مرة أخرى عام 1992 بسبب الزلزال.

وعلى امتداد تاريخه شغل منصب مدير المتحف 13 شخصا كان آخرهم فيليب حليم المدير الحالي. ومن أهم وأقدم أيقونات المتحف ما رُسم على ألواح الخشب مباشرة، بينما أهم ما يحويه المتحف من الآثار الخشبية من العصور المسيحية المختلفة مجموعة من أقدم الأفاريز عليها مناظر نيلية وأسطورية ولوحات تحوي رسوما لأشخاص بالألوان، ثم مجموعة من أبواب الكنائس والأديرة على اختلاف أنواعها.

وفي المتحف مجموعة فريدة من قطع المنسوجات المتنوعة من العصور القبطية المختلفة تعد من أهم وأثمن المجموعات، كما أنها تساعد على دراسة فن النسيج في العصر المسيحي.

كما يضم المتحف مجموعة نادرة من الأبواب المصفحة بالبرونز وأدوات المائدة وكرسي وقبة مذبح من البرونز وجميعها من القرن العاشر الميلادي عُثر عليها في مقبرة بإحدى الكنائس المهجورة بمدينة الفيوم.

ويضم المتحف القبطي كذلك مجموعات من العاج والعظم المنقوش، منها مجموعة التماثيل أو الدمى الصغيرة، وبعض أدوات الزينة ذات النقوش المختلفة، وأوانٍ صغيرة دقيقة، يرجع تاريخ بعضها إلى القرن السادس الميلادي.

ومن محتوياته أيضا مجموعة رسوم جدارية قبطية تعود إلى الأديرة المسيحية نُقشت فوق الجدران المبنية بالطوب اللبِن بعد طلائها بطبقة من الملاط الأبيض أو الجص، لتبرز مناظر لقصص من العهد القديم.