30 مصورا فوتوغرافيا يقفون في وجه «المقاتلات الحربية السعودية»

كسروا بذلك حاجز الرهبة من المواقع الأمنية

مصور سعودي يلتقط صورا من خلفية طائرات الـ«إف 15» و«تورنيدو» من الخلف («الشرق الأوسط»)
TT

عادة ما يبتعد المصورون الفوتوغرافيون عن المنشآت النفطية والمناطق الأمنية أثناء التقاطهم للصور، وفقا لتحذيرات «تكتنزها» جدران تلك المنشآت، التي تعتمد على عبارة كفيلة بردع أي مصور، تتمثل في «ممنوع التصوير قطعيا».

ما حدث هنا ومع نحو 30 مصورا ومصورة تابعين للجمعية السعودية للتصوير الضوئي، كانوا قد انتهوا للتو من رحلة إلى منطقة عسير مختلفة تماما عن التجربة التي عاشوها، حيث استطاعوا الوقوف أمام المقاتلات الحربية الموجودة في منطقة الجنوب، لتوثيق ما رأوه بالصورة، وسط ترحيب كبير من قبل الجهات المعنية هناك عن ذلك المعرض.

هؤلاء المصورون الذين قدموا من عدة مناطق سعودية، استطاعوا تنفيذ نحو 60 عملا فوتوغرافيا، بمزيج من التفاعل بين الحرفية في العمل وبراعة اقتناص المشاهد واللقطات، الأمر الذي خولهم لإقامة المعرض الضوئي الأول للقوات الجوية الملكية السعودية، الذي افتتحه الفريق الركن الأمير عبد الرحمن بن فهد آل فيصل قائد القوات الجوية الملكية السعودية الشهر الماضي.

المعرض الذي أقيم في جناح القوات الجوية الملكية السعودية بالجنادرية لهذا العام في المهرجان الوطني الخامس والعشرين للتراث والثقافة يُعد الأول من نوعه، ويأتي ضمن إطار التعاون بين القوات الجوية السعودية والجمعية السعودية للتصوير الضوئي.

واعتبر الفريق الركن عبد الرحمن بن فهد آل فيصل قائد القوات الجوية الملكية السعودية، أن الصورة لغة غير لفظية، في ظل إمكانية المصور من تشكيل رؤية كما يرغب، لافتا في ذات الوقت إلى أن الصورة الفوتوغرافية تعد توثيقا لتفاصيل الأحداث التي تمر بسرعة البرق، مما يعجز على الذاكرة استعادة تفاصيلها.

وأكد عطا الله العمراني عضو الجمعية السعودية للتصوير الضوئي لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك هو التعاون الأول بين الجمعية والقوات الجوية، وأثمر عن تنظيم أول معرض من نوعه يشارك فيه فوتوغرافيون سعوديون من الجنسين على مستوى السعودية. وأوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن القوات الجوية قامت بوضع برنامج لتسهيل مهمة التصوير على المشاركين بشكل آمن، من خلال لقاء جمعهم قبل انطلاق البرنامج بيوم، لتسليط الضوء على المواقع الجيدة والمناسبة للمصورين، لافتا إلى تحديد أوقات إقلاع وهبوط الطائرات الحربية، لالتقاط صور مناسبة.

وأضاف «فتحت تلك التجربة أبواب المبادرة من قبل الجهات الحكومية الأخرى للتعاون مع الجمعية السعودية للتصوير الضوئي، وبدأت بعض الترتيبات مع جهات حكومية أخرى، ستشهد مشاركة لا تقل عن مستوى تجربة القوات الجوية الملكية السعودية».

عزيزة القرني إحدى المصورات المشاركات في تصوير المقاتلات الحربية، قدمت حاملة أمتعتها من المنطقة الشرقية، أكدت لـ«الشرق الأوسط» إضافة هذه التجربة الكثير من الخبرة، فيما لم تخفِ في ذات الوقت المتعة التي خلفتها لها تلك الزيارة.

وقالت القرني «كنا نرتدي سدادات للآذان كي لا نتعرض إلى الأصوات المرتفعة جدا الناجمة عن أصوات محركات الطائرات النفاثة، إلى جانب أن الطائرة الحربية أثناء إقلاعها، تدفع بكمية كبيرة من الهواء، فيما تسحب الكمية ذاتها أثناء الهبوط، مما أدى إلى اندفاعنا للخلف حينما كنا نلتقط صور الإقلاع، وابتعدنا تماما عن المدرج وقت الهبوط، تفاديا لسحب هواء الطائرات لنا».

عادل السقاف أحد المصورين المشاركين من مدينة جدة، اضطر لجلب كافة مستلزماته الخاصة بالتصوير، وذلك من منطلق عدم تكرار تلك التجربة مرة أخرى.

السقاف قال هو الآخر «كنت أتعمد نزع سدادات الأذن رغبة مني في الوجود وسط الحدث بكامل حواسي لأعيش الأجواء والإثارة، ووجود مجموعة من المصورين في مكان واحد كان بمثابة مهرجان ضوئي لافت».

وأضاف «أتمنى الوجود بين صفوف الجيش ومسيراتهم والتقاط الصور من هناك، إلى جانب القوات البحرية أيضا، فنحن نعيش أجواء المتعة أثناء تلك التجربة، التي لم يستطع رسم تصور لها قبل البدء فيها».

ويرى العقيد الطيار الركن صالح بن عبد الله بن طالب أحد منسوبي القوات الجوية الملكية السعودية أن الصورة الفوتوغرافية اليوم، أصبحت ذات لغة خاصة، ببلاغة وأسلوب فني، يكتنز مقومات جمالية خاصة. وأضاف العقيد الطيار ابن طالب «من ذلك المنطلق، تقرر جعل جناح القوات الجوية في المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وسيلة للتواصل مع المبدعين لخدمتهم، وتحقيق الأهداف الإعلامية للقوات الجوية».

ووصف بيئة العمل في خط الطيران بـ«الأرض الخصبة» لإبداع المصور الفوتوغرافي، إلى جانب أن اجتماع المصورين في موقع واحد، يضيف لخبراتهم الشيء الكثير.

ومن جانبه، أكد محمد بالبيد رئيس الجمعية السعودية للتصوير الضوئي استعداد الجمعية للتعاون مع أي جهة حكومية أخرى، مشيرا إلى أن ذلك نابع من منطلق الدور والرسالة، التي تقوم بهما الجمعية وتعاونها مع المجتمع.

يشار إلى أن الجمعية السعودية للتصوير الضوئي، نظمت مؤخرا رحلة لنحو 30 مصورا ومصورة إلى منطقة عسير واستمرت مدة ثلاثة أيام متتالية، انطلقت عام 2009، وساهم في تأسيسها 200 عضو لتمثل المظلة الرسمية لهواة التصوير الضوئي في السعودية.