تونس: 10 سنوات من «ليالي العزف المنفرد»

العازف التركي نديم نلبنت أوغلو مع كمانه أضحك المستمعين وأبكاهم

مشهد من سهرة الافتتاح («الشرق الأوسط»)
TT

افتتح نديم نلبنت أوغلو، عازف تركي على آلة الكمان (الكمنجة)، الدورة العاشرة لـ«ليالي العزف المنفرد»، المقامة حاليا في مدينة سوسة التونسية، التي تبعد 140 كلم عن العاصمة. أوغلو جمع بين المعزوفات الكلاسيكية والتراث التركي الغني بمقاماته الثرية، التي لا تبتعد كثيرا عن النغمات الشرقية. ومن خلالها تمكن من الرقص بآلة الكمان، محلقا مثل طير لا يغفو له جفن. أوغلو تنقل فوق ،المسرح فأضحك بآلته المئات من المستمعين المشاهدين، وأبكى أعدادا أخرى بنغمات وحركات وأصوات قلما تسمعها من تلك الآلة الصغيرة في حجمها، الكبيرة في أدائها بكبر عازفها.

كان مسبوقا خلال السهرة نفسها بالتونسي أشرف الشرقي على آلة العود. فقام بجولة بين مجموعة من الموسيقات المختلفة البعض منها لمحيي الدين حيدر وحملت عنوان «ليت لي جناح»، وقدم كذلك معزوفة عالمية معروفة على آلة البيانو، وطوعها إلى آلة العود، وبذل في ذلك الكثير من الجهد والبحث الموسيقي. وتمكن أشرف بمعية عازف الساكسفون سيف الدين معيوف من تقديم معزوفتين، الأولى تحمل عنوان «لقاء» من ألحان معيوف نفسه، والثانية تحمل عنوان «نسمات» وهي من ألحان الشرقي في مزج جاد وتناغم بين آلة العود وآلة الساكسفون. الثنائي جذب انتباه القادمين للاستمتاع بالعزف المنفرد على آلات، أصبح الكثير منها غريبا عن المسارح التونسية وربما العربية كذلك.

«ليالي العزف المنفرد» تحتضنها حاليا مدينة سوسة الساحلية التونسية في 5 سهرات للإمتاع والمؤانسة، بمشاركات تونسية وأخرى قادمة من مصر وتركيا وفرنسا والبرتغال. المتعة آتية من آلات تعزف أرق الألحان، وعازفين عشقوا تلك الآلات فأهدتهم أفضل ما لديها: الكمان، والكلارينات، والناي، والكولة، والربابة، والقانون، والقيثارة والكلاسيكية، والهارْب، كلها آلات شدت ولا تزال تشدو بأفضل ما لديها في فضاء مدينة سوسة.

البداية كانت كما ذكرنا بتمازج بين آلة العود وعازفها التونسي أشرف الشرقي، وهو الذي عمل كعازف عود مع فرق موسيقية تونسية محترفة مع المطرب التونسي لطفي بوشناق وزياد غرسة والمطربة سنية مبارك، وآلة الكمان وعازفها التركي نديم نلبنت أوغلو، الذي كان في البداية عازفا على آلة العود، لكنه انجذب بعد ذلك إلى آلة الكمان، وقد تعاون موسيقيا مع عازفين أوروبيين عدة من رومانيا وبلغاريا وإيران. وكانت سهرة يوم 6 أبريل (نيسان) الحالي مع التونسي مصطفى مامي على آلة الكلارينات، وقد قدم عروضا على هذه الآلة مع الأوركسترا السيمفوني التونسي، كما قدم عرضا بصحبة الفنان الفرنسي جان جاك مليتو على آلة الهارمونيكا. وخلال السهرة نفسه قدم المصري إبراهيم فتحي إبراهيم عرضا على آلتي الناي والكولة، وهو عازف ناي شهير عمل مع ملحنين مثل محمد عبد الوهاب وحلمي بكر وبليغ حمدي وعمار الشريعي، وتعامل مع كثير من الموزعين الموسيقيين، وسجل مع أشهر الفنانين العرب، وشارك كعازف ناي في تسجيل الموسيقى التصويرية لكثير من المسلسلات المصرية الناجحة.

وفي متحف القبة، عزف التونسي وليد الغربي، مساء أول من أمس على آلة الربابة، وقيس صقر على آلة القانون وعبد الرحمان الدلي على آلة الكمان ونصر الدين الشبلي على الإيقاع، أما سهرة أول من الأمس الأوروبية فجمعت بين فرنسا والبرتغال، وذلك بتمازج بين آلة القيثارة وآلة الهارْب، والتركي قوكسيل بكتاجير الذي عزف في اليوم التالي على آلة القانون، وهو الذي يعمل على آلة القانون ضمن الفرقة الوطنية التركية في إسطنبول، وقد لحن 140 قطعة موسيقية بين القطع الصامتة والأغاني.

هذه الطاقات الفنية كلها اجتمعت في مدينة سوسة لتشع على «ليالي العزف المنفرد» في دورتها العاشرة. ولم يغفل الساهرون على هذه الليالي أن يغنموا فرصة وجود أمهر العازفين على الآلات الموسيقية لتنظيم ورشة في العزف على آلة الكمان سيؤطرها التركي نديم نلبنت أوغلو، ويجمع المعهد الجهوي للموسيقى بسوسة عازفين شبانا على آلة القيثارة مع العازف البرتغالي ألان بابلو.