مشروع إلكتروني ذكي يعد المسلمين بحج وعمرة لم يعودا كالسابق

يعلن عنه في لبنان ويطلق خلال معرض «أرابيان للسفر والتسويق» في دبي

الصفحة الأولى لموقع «hajjmabrur.net» تعد المسلمين بحج مختلف وعداد الساعات والثواني يحسب الوقت المتبقي لإطلاق البرنامج
TT

هل سمعت عن «التكنولوجيا التقية» (من التقوى) التي تسترشد بآراء رجال دين متنورين، لتضمن غطاءها الإسلامي الشرعي؟ وهل خطر لك أن ثمة من يعمل ليربط مساجد العالم كلها على شبكة الإنترنت، ويجعلها تتواصل وتنسق مع بعضها بسرعة البرق؟ وهل تعرف أن برنامجا قد أبصر النور، بالفعل، وسيطلق بعد أيام فقط، هدفه أن يجعل وكالات الحج والعمرة حول العالم موجودة على موقع واحد، يقصده مسلمو الكوكب ليختاروا الوكالة الأفضل، والخدمة الأجود، ويقوموا بكل إجراءاتهم، لأداء فريضة الحج، وهم أمام أجهزتهم الإلكترونية البيتية؟ وليس ذلك فحسب بل إن سامر رمضان، هذا اللبناني الذي عاش في الولايات المتحدة الأميركية منذ كان عمره خمسة عشر عاما، ودرس الرياضيات والفيزياء والكومبيوتر، يعمل مع فريق من 40 باحثا وتكنولوجيا، لتصبح الخدمات الإسلامية ممكننة وذكية، وبجودة عالية، خالية من الأخطاء، قدر الممكن. هذه المشاريع يتكلم عنها سامر رمضان العائد من أميركا منذ عام 2004، محملا بالمشاريع الطموحة وبراءات الاختراع في المجال التكنولوجي، متمركزا في مدينته طرابلس، جاعلا منها منطلقه إلى مختلف الدول التي يوجد فيها مسلمون حول العالم.

نجلس مع سامر رمضان في مكتبه، حول طاولة مستديرة، أمامه جهازا كومبيوتر يتنقل بينهما، ويعرض لنا على الحائط مشروعه الأثير الذي سيعلن عنه منتصف الشهر الحالي في مدينة طرابلس، قبل أن يذهب إلى دبي ويطلقه رسميا هناك في الرابع من مايو (أيار) المقبل خلال انعقاد «أرابيان ترافيل ماركت» أحد أكبر معارض السياحة والسفر. وعلى موقع «hajjmabrur.net» الذي لم يبدأ العمل به بعد، عداد يحسب بالساعات والثواني الوقت المتبقي لإطلاق المشروع، وهناك على الصفحة نفسها وعد للمسلمين بحج وعمرة لم يعودا كالسابق.

يقول رمضان شارحا «قبل البدء في مشروعنا الإلكتروني، قمنا بدراسات تفصيلية عن الحج والعمرة. عملنا علمي بامتياز ومبني على أرقام وإحصاءات. وجدنا أن عدد الحجاج السنوي إلى تصاعد، والمملكة تسعى جهدها لاستيعاب المزيد من الحجيج، لأن واحدا فقط من بين كل ألف مسلم يستطيع أن يحج سنويا، في الوقت الحالي، بسبب الكوتة المفروضة، والتنظيم والتخطيط سيسمحان برفع العدد. إذ يصل عدد الحجيج حاليا من داخل المملكة وخارجها إلى مليونين ونصف المليون حاج. كل هؤلاء بحاجة إلى تنظيم تحركهم قبل وصولهم. وتبين أن هناك إقبالا من طرف الموسرين المسلمين لتأدية حج مريح، وأن الفنادق ذات الخمس نجوم عليها طلب متزايد، والسعودية تسعى لإقامة نحو 300 ألف وحدة فخمة لتلبية الاحتياجات خلال العقد المقبل. أما مجموع ما يصرف على حملات الحج والعمرة فهو ما يزيد على 10 مليارات دولار سنويا، وهو مبلغ لا يتضمن الهدايا والمشتريات والمصاريف اليومية. لو افترضنا أن الحاج الواحد يتكلف 3 آلاف دولار لسداد تكاليف الحملة فإن 50 إلى 90 دولارا منها تذهب كتكلفة إدارية. هناك أيضا تكاليف الأخطاء الكثيرة التي ترتكبها الوكالات، وهي تتعلق بالحجز والأسماء المغلوطة، والمعلومات الخاطئة التي توقع الحجيج في مآزق. وتبين لنا أن 50 في المائة من الأخطاء ناجمة عن ضعف المكننة في خدمات الوكالات».

الحل الذي يقدمه سامر رمضان من خلال شركته «بيوس تكنولوجيز» وبرنامجها الذكي «حج مبرور» هو تشبيك كل وكالات الحج، حول العالم، وجعلها على موقع واحد. ويقول رمضان المدير التنفيذي للشركة «هكذا لا تحتاج كل وكالة لبرنامجها الخاص، وإنما يكفيها أن تشترك معنا لتستفيد من برنامجنا الذي يتسع للجميع، ويجعل الحاج قادرا على اختيار الخدمات التي يريد بزيارة موقع واحد. لكن على كل مؤسسة تشترك معنا أن تثبت أنها مرخصة وقانونية، وستكون التكلفة من 3 إلى 12 دولارا للحاج الواحد، تبعا لحجم الشركة وإمكانياتها. وهكذا تنخفض التكلفة الإدارية بشكل كبير، وتتحسن الخدمة، حيث إن البرنامج الذكي، سيدقق في المعلومات، ويلفظ الأخطاء ويطلب من المشترك التصحيح حين يرتكب أي هفوة في ما يتعلق بالحجز أو بكتابة الاسم أو حتى الحجز في الفندق».

يشرح لنا سامر رمضان، وهو يجول بنا على صفحات البرنامج، الخطوات التي سيقوم بها الحاج أو الوكالة لتنظيم الرحلة. وبعملية افتراضية يقوم أمامنا بحجز كل الخدمات، وهو يتزود بمعلومات وافية حول موقع الفندق مثلا وقربه أو بعده عن الحرم المكي، وكيف ستقسم مجموعات الحجيج ضمن الحملة الواحدة داخل غرف الفندق، كما يطلع على أسماء المشاركين في الحملة، واسم قائد الحملة وما إلى ذلك من تفاصيل. يكمل التجوال لنكتشف أن الموقع مزود أيضا بنماذج لإعلانات جاهزة، بمقدور وكالات الحج شراؤها وإدخال التعديلات التي تريدها عليها، كما أن الموقع سيزود بلعبة، يستطيع الحاج الدخول إليها ليقوم بحج افتراضي يمر من خلاله بكل الشعائر، قبل ذهابه الفعلي إلى الأماكن المقدسة.

فكرت «بيوس تكنولوجيز»، في كثير مما لا يخطر على بال أحد. ويقول مدير الشركة إن البرنامج تم تجريبه العام الماضي، مع وكالة أميركية للحج، حيث تم إرسال 1600 حاج من الولايات المتحدة، كانوا راضين تماما عن تنظيم رحلتهم والخدمات التي حصلوا عليها. ليس ذلك فحسب بل إن مستخدمي البرنامج من الحجيج، سيزودون قبل خروجهم من بلدانهم بملف كامل وواف حول كامل تفاصيل رحلتهم، مما سيوفر عليهم الكثير من المشقة والاستفسار بعد وصولهم. ويشرح رمضان «إن بيوس تكنولوجيز هي الشركة الأولى والوحيدة - حتى تاريخه - التي حصلت على تمويل من صندوق كفالات لمدة سبع سنين من بنك إسلامي في لبنان. وفي يناير (كانون الثاني) 2010 حصلت الشركة على تمويل، بحيث تعدى رأس مالها المليون دولار أميركي، بعد أن تم تجريب البرنامج الذي يعمل على مبدأ الحوسبة السحابية (Cloud Computing) مع شركات حج وعمرة تعمل داخل الولايات المتحدة الأميركية. وهذا الاختراع الجديد مخول للحصول على براءات اختراع في 147 دولة من دول العالم، وهو يعتبر ثورة تكنولوجية في كيفية إدارة شؤون الحج من قبل شركات الحج والعمرة المرخصة من قبل وزارة الحج السعودية».

يتساءل سامر رمضان «لماذا تبقى الخدمات الإسلامية بعيدة عن الإتقان؟ لاحظنا خلال دراستنا أن خمسة مواقع لوكالات الحج من أصل 600 فقط لها مستوى متطور. نحن من خلال 30 سنة خبرة في مجال التصميم والتسويق والإعلام نستطيع أن نخدم في هذا المجال. ومع الوقت نأمل أن تكون لنا مكاتب في عدة عواصم عربية وإسلامية منها اسطنبول وجاكرتا وإسلام آباد». أما كيف ولدت هذه الفكرة لدى رمضان فيقول «كنت أعيش في الولايات المتحدة، وأختي تدير ثاني أكبر شركة لإدارة الحج والعمرة في الولايات المتحدة، وطلبت مني العمل على برنامج إلكتروني تستطيع من خلاله أن تنظم رحلات المسافرين، لأن المملكة السعودية بدأت تطلب من الوكالات أن تنظم أمورها بشكل أفضل، وثمة تشديد على هذا الأمر. فكانت فكرتي أن ما يلزم شركة أختي يلزم كل الشركات التي تعمل في هذا المجال. وبدل أن نخصص ميزانية 10 آلاف دولار لمشروع ضيق ومحدود بمقدورنا رفع الميزانية إلى مليون دولار، والتفكير في برنامج يستفيد منه كل المسلمين».

وبانتظار إطلاق المشروع فإن سامر رمضان لا يهدأ، وبدأ بإصدار مجلة متخصصة عن الحج، كما أنه لا يعتبر برنامجه الذكي «حج مبرور» هو أفضل ما يمكن التوصل إليه. فكل جيد ثمة ما هو أجود منه، والحج ليس الخدمة الإسلامية الوحيدة التي تحتاج إلى مكننة معولمة، بل بالإمكان جعل العالم الإسلامي كله يتواصل على الشبكة، لتحسين مستوى خدماته، وما أنجز بالنسبة للحج يمكن أن يفكر بمواز له في ما يتعلق بالمساجد والزكاة، وخدمات إسلامية كثيرة، تستحق أن يرتقى بها.