قضايا المجتمع وهموم الحياة تهيمن على مهرجان الخليج السينمائي

يشهد مشاركة نسائية قوية لـ15 مخرجة خليجية

الممثلة الإماراتية هدى الخطيب (أ.ف.ب)
TT

يستعرض مهرجان الخليج السينمائي في دورته الثالثة 194 فيلما، بينها 81 فيلما في عرضها العالمي الأول، و11 فيلما في عرضها الدولي الأول، و33 فيلما في عرضها الأول بمنطقة الشرق الأوسط، و17 فيلما في عرضها الأول بمنطقة الخليج، وتسعة أفلام في عرضها الأول بدولة الإمارات العربية المتحدة. ومن خلال المشاركات المتنوعة، تبرز مجموعة من الأعمال السينمائية التي أبدعتها سينمائيات خليجيات بشكل قوي.

وعلى الرغم من صغر عمر غالبية هؤلاء المخرجات، ومعظمهن في المرحلة الجامعية، فإن حضورهن كان قويا، ولافتا بالقضايا الشائكة والجريئة التي طرحنها في أفلامهن، ولعل أبرزها أسرار الحياة الخاصة للفتاة الخليجية، وغلاء المهور حسب ما ذكرت وكالة «د.ب.أ» أمس.

وتشارك 15 مخرجة شابة بـ29 فيلما يجري عرضها بالمهرجان، ويتنافسن للفوز بجوائز الأفلام الوثائقية والقصيرة.

ويتصدر الأفلام التي تحمل التوقيع النسائي، الفيلم القصير «نقاب»، للمخرجة مزنة المسافر، التي تدرس الاتصال الجماهيري والعلوم السياسية في جامعة الكويت.

ويتناول الفيلم صراعات وأفكار امرأة منتقبة، تستعد للتزين أمام المرآة، ويركز الفيلم، وهو عماني، الضوء على لحظات خاصة تعيشها المرأة المنتقبة أمام المرآة وخلالها، ترقص، تحلم، تفكر، تعبر، تتأمل.

ويسلط فيلم «مهر المهيرة» للمخرجة ميثاء حمدان، الضوء على قضية غلاء المهور، ويستعرض آراء العزاب والمتزوجين في المجتمع الإماراتي، بأسلوب خفيف يهدف إلى إيصال وجهة نظر المجتمع لمن يهمه الأمر.

أما حفصة المطوع وشمسة أبو نواس، وهما طالبتان تدرسان الإنتاج الإعلامي وتقنيات الإعلام في كلية دبي للطالبات، فتتناولان في فيلمهما «إششش» قصة أربع صديقات، تجمعهن الدراسة وحياة المغامرة، وتعيش كل واحدة منهن في عالمها الخاص، وما يخفيه من أسرار ومشكلات وعقبات وتحديات، ويسلط الفيلم الضوء على التعقيدات ومشاعر الغيرة والحقد التي تحيط علاقة الصداقة.

ولا تقتصر المشاركة الإخراجية النسائية على تلك القضايا، بل تعدتها للسخرية من الواقع الخليجي، ففي فيلم «الزوجة الثانية»، للمخرجة موزة الشريف، وهي طالبة في قسم الإعلام والاتصال الجماهيري بكلية دبي للطالبات. تدور الأحداث حول حب الإماراتي لسيارته، وعلاقته بها، وذلك بأسلوب طريف، يسلط الضوء على كيفية اختيار السيارة، ومستوى حب الرجال سياراتهم الذي يفوق حبهم زوجاتهم.

وتتضمن قائمة الأفلام التي تنافس على جوائز الأفلام الوثائقية، فيلم «أشعل الطرب 2»، للمخرجة الإماراتية شيخة عوض العيالي، وهي طالبة في كلية دبي للطالبات.

وتدور أحداثه حول شقيقين قاما بتأسيس أول فرقة للهيب هوب في الإمارات، ويستعرض الفيلم رحلتهما الموسيقية، والدوافع وراء هذا الشغف.

وينتقد فيلم «إعادة تشكيل»، للمخرجة عايشة السويدي، وهي طالبة في كلية دبي للطالبات، عمليات التجميل في الإمارات، التي تجذب الرجال والنساء.

ويتحدث فيلم «أنا عربي»، للمخرجتين جمانة الغانم وأحلام البناي، وهما طالبتان في كلية دبي للطالبات، حول وضع اللغة العربية دول الخليج، ويستطلع آراء جيل الشباب، في محاولة لإيجاد حلول تمنع اندثارها بطريقة شيقة وممتعة.

ويدور فيلم «صيادو الجن» للمخرجتين لطيفة الكراني وشمسة أحمد، حول فتاتين لا تعرفان شيئا عن عالم الجن، تنطلقان في رحلة تطرحان من خلالها أسئلة تفتح أبوابا كثيرة.

وتطرح المخرجات على شاشة المهرجان قضايا اجتماعية تزايدت الشكوى منها في المجتمعات الخليجية خلال الفترة الأخيرة، ومنها فيلم «في العزلة» للمخرجة السعودية ملاك قوتة، التي تواصل حاليا دراساتها العليا في مجال التحريك في جامعة جنوب كاليفورنيا، حول امرأة طاعنة في السن تعيش في معاناة ويأس وعزلة.

والى جانبه، يعرض فيلم «عقدة حبل»، للمخرجة مريم محمد الغيلاني، وهي طالبة بجامعة السلطان قابوس، الذي يتناول معاناة امرأة لا تنجب، ويضم نخبة من الممثلين المشهورين في عمان.

يشار إلى أن المهرجان يقدم جوائز مالية يزيد مجموعها على 500 ألف درهم، ويعرض في دورته الثالثة 194 فيلما من 41 دولة، ومن المقرر أن تختتم فعالياته يوم الأربعاء المقبل. و من جانب آخر، استضاف المهرجان ثالث أمسيات «ليالي الخليج»، التي ركزت على مناقشة آفاق السينما العراقية، وشدد المشاركون في الجلسة على أهمية استفادة المخرجين الخليجيين من وجودهم في المنطقة لتنفيذ أفلام تعبر عن رؤاهم الخاصة حول هذه المواضيع وتقديم قصص قوية تحكي عن واقع الحياة في هذه الأرض المضطربة.

وتولى إدارة الجلسة الثالثة من أمسيات «ليالي الخليج» المخرج العراقي المقيم بإيطاليا عرفان رشيد، ومشاركة كل من المخرج العراقي محمد الدراجي؛ والخبيرة السينمائية اللبنانية المقيمة بفرنسا هدى إبراهيم؛ مع نادر عدلي من مصر.

وناقش الحضور الوضع في العراق الذي لا يمتلك في المرحلة الراهنة صناعة سينمائية قوية، بل مجرد جهود فردية من مخرجين معدودين. ويفتقر القطاع السينمائي في العراق للدعم المالي، مما حدا بالمشاركين في الجلسة إلى الدعوة لتأسيس صندوق خاص لدعم السينما العراقية والمساهمة في إعادة بناء البنية التحتية السينمائية في البلاد. وعلى الرغم من الحضور اللافت الذي حققته السينما العراقية خلال مهرجان الخليج السينمائي، عبر عرض 24 فيلما، فإن هذه الأعمال ما زالت تعاني نقصا في الدعم وخدمات التوزيع. وتمحورت النقاشات حول تيارين سينمائيين منفصلين، يمثل أولهما الأفلام التي يقدمها المخرجون العراقيون المقيمون بالعراق، في حين يمثل الثاني أفلاما نفذها مخرجون عالميون تم تصويرها خارج العراق، وتتناول الأوضاع السياسية المتقلبة التي تشهدها البلاد. كما ناقش المشاركون في الجلسة المقاربة التي تتبعها الأفلام الغربية في معالجة الوضع في العراق باعتباره مادة سينمائية ثرية. وقال عرفان رشيد: «لقد أثرت الأفلام التي تدور حبكتها حول العراق في ضمائر المشاهدين في مختلف أنحاء العالم. لكن، هناك فرق جذري بين مقاربة المخرجين العراقيين للموضوع وبين نظرة السينمائيين الأجانب الذين غالبا ما يميلون إلى تقديم صورة نمطية في أفلامهم». وكان للنقاشات التي جرت في الجلسة أهمية كبيرة لا سيما بعد فوز فيلم «ذا هيرت لوكر»، الذي يروي قصة فرقة مكافحة متفجرات في العراق، بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم. كما تناول الكثير من الأفلام، التي أنتِجت في هوليوود مؤخرا، واقع الحياة المعاصرة في العراق. ومن السعودية، يشهد المهرجان عرض 24 فيلما، تناقش عددا من المواضيع المهمة والمرتبطة بالحياة اليومية، فيقدم المخرج حمزة طرزان فيلم «ديون» الذي يسلط الضوء على عدد من القضايا والهموم التي يواجهها المجتمع السعودي؛ أما فيلم «القندرجي» لعهد كامل، فيروي قصة صابر الإسكافي العراقي، الذي يعود إلى عائلته بعد أن أسرته قوات الاحتلال ظلما لعامين كاملين.

وتناقش المخرجة ريم البيات في فيلمها «دمية» موضوع زواج القاصرات؛ في حين يروي فيلم «نهاية شاب على حافة الهاوية: الجزء الأخير» للمخرج عبد المحسن المطيري قصة عادية لشاب ستنهار حياته في القريب العاجل؛ ويناقش فيلم «الوقائع غير المكتملة لحكاية شعبية» قصة سلسلة جرائم ارتكبت في الماضي، ولا تزال انعكاساتها ماثلة حتى يومنا هذا، وهو من إخراج عبد المحسن الضبعان. وفي فيلمه القصير «عايش»، يروي المخرج عبد الله آل عياف قصة رجل وحيد، يتغيّر روتين حياته وينقلب في عشر دقائق رأسا على عقب؛ أما «المغزى أو كيف نظرت إلى نفسي في المرآة» للمخرج عبد الله الأحمد فهو فيلم تجريبي حول نظرة الشخص لنفسه ونظرة الناس له؛ ومن جهة أخرى، يتناول فيلم «انتظار» للمخرج سمير عارف موضوع الخيارات التي يواجهها رجل يستيقظ من غيبوبة دامت ستة أشهر. وفي فيلمه «عودة»، يقدم المخرج حسين الحلوة قصة رجل يعود لمنزله ليجد زوجته قد أخذت الأولاد وغادرت؛ أما فيلم «خروج» للمخرج توفيق الزايدي فيناقش موضوع عائلتين مختلفتين، تلتقيان بحدث واحد، ويدور الفيلم حول توتر العلاقات الزوجية، وتأثيرها المباشر على الأطفال؛ ويحكي فيلم «داكن» للمخرج بدر الحمود قصة شاب يقع أسيرا لماضيه الذي يصارعه من أجل حبه والغد الذي ينتظره؛ أما «تجربة في الطابق السابع» للمخرج فهد الأسطا، فيصف الصعوبات التي تواجه المخرجين عند التصوير في أماكن مغلقة؛ إضافة إلى فيلم «أر رياض» للمخرج طلال عايل الذي يروي حكاية شاب وعلاقته بمدينته.