انطلاق «مهرجان بيروت 39» بجمهور قليل وغياب لافت للفائزين

أدباء عرب يحيون 50 نشاطا خلال 4 أيام في العاصمة اللبنانية

TT

بعد لغط وجدل طويلين وحادين، تعرضت لهما جائزة «بيروت 39»، افتتح يوم أول أمس المهرجان المنتظر الذي احتفي خلاله بالفائزين في إحدى صالات «كازينو لبنان». ورغم أن اللجنة المنظمة كانت ترغب بحفل ضخم كما أعلنت عن ذلك تكرارا، فإن الحضور بقي متواضعا، كما هي حال الاحتفالات الأدبية عموما، التي نادرا ما تجتذب جماهير غفيرة. ولم يشفع الاسم والدعاية اللذان أحيط بهما هذا المشروع، ولا حتى الخلافات الكثيرة التي شابت مساره، في اجتذاب عدد كبير من الحضور، وتم توزيع الجوائز على الأدباء العرب الفائزين، الذين غاب منهم أكثر مما كان متوقعا، لأسباب مختلفة.

و«بيروت 39» هو مشروع أدبي، تتولاه مؤسسة إنجليزية تدعى «هاي فستيفل»، تنظمه بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية، وبرعاية من «المجلس الثقافي البريطاني»، بمناسبة الاحتفال بـ«بيروت عاصمة عالمية للكتاب». ويهدف المشروع، الذي أسال الكثير من الحبر، إلى تشجيع الأدباء الشباب باختيار 39 منهم تقل أعمارهم عن 39 عاما، يتم التعريف بهم والترويج لأعمالهم بتنظيم الأنشطة لهم وإشراكهم في مهرجانات دولية. وقد أخذت «بيروت 39» منحى عربيا باختيارها الأدباء من مختلف الدول العربية، وهو ما جمع يوم أول أمس الجزائري إلى جانب المصري والسعودي والأردني والسوري. ويشارك هؤلاء الأدباء الشبان في نحو 50 نشاطا، أثناء وجودهم في بيروت، على مدى أربعة أيام، وتعقد لهم حلقات ندوات، في مقاه ومدارس وجامعات للتعريف بأعمالهم.

وبتأخير تجاوز الساعة، انطلق الحفل الافتتاحي لهذا المهرجان، أول من أمس، وألقت في البدء الدكتورة ليلي بركات، ممثلة وزير الثقافة سليم وردة، والمنسقة العامة لأنشطة بيروت عاصمة عالمية للكتاب، كلمة تحدثت فيها عما تم إنجازه خلال عام من الاحتفاليات حيث تراوح عدد العاملين تطوعا في الأنشطة الثقافية ما بين ألف وخمسة آلاف شخص. وقالت بركات إن هذه الاحتفالية تنتهي رسميا في 22 أبريل (نيسان) الحالي، لكن الأنشطة ستستمر لعشرين يوما إضافيا كفترة سماح، وأشادت بمشاركة المجتمع المدني وبفاعلية كبيرة.

وأشارت بركات إلى أن البعض تحفظ على اختيار «كازينو لبنان» لإقامة احتفال أدبي، وهو أمر ليس بالمألوف، لكنه من جهة أخرى يكسر النمطية المعتادة.

لكن ما اتضح خلال الاحتفال، أن المشكلة لم تكن في اختيار الكازينو كمكان، وإنما في اتساع حجم الصالة التي تم اختيارها، والتي غالبا ما تخصص للعروض الكبرى التي تجتلب آلاف المتفرجين، في ما لا يستطيع الأدب حشد حضور يتجاوز بضع مئات، في أحسن الأحوال، وهؤلاء بالإمكان استيعابهم في مسرح صغير وحميم.

وتحدث بيتر فلورنس، مدير عام مؤسسة «هاي فستيفل» مشيرا إلى تغير مفهوم الأدب بسبب ثورة الإنترنت وحركة النصوص التفاعلية، مشيرا إلى الإفادة التي سيجنيها الفائزون بالجائزة، من خلال الترجمة، ومشاركتهم في عدد من المهرجانات خلال السنوات المقبلة.

وعرض فيلم يعرف بالجائزة، فيه تركيز على ما سمي بالأدب الجديد والمختلف، الذي يثور ويكسر الحواجز متمردا على نصوص سابقة.

وسلمت الجوائز للفائزين على دفعات، من قبل فنانين وشخصيات برعت في مجال عملها مع ممثلين لمؤسسة «هاي فستيفل» الإنجليزية الذين بقوا في غربة وشبه انقطاع عما يجري في الحفل، بسبب اختلاف اللغة. وتخلل توزيع الجوائز وقفات فنية وموسيقية. فقد غنى أطفال المدرسة المركزية لجونية، كما غنت جومانا مدور لجبران خليل جبران، وعزفت أكثر من فرقة موسيقية، بينها فرقة من الكونسرفاتوار الوطني اللبناني التي أدت على الغيتارات معزوفات من «كارمن» لجورج بيزيه. وبمناسبة مشاركة الراقصة اللبنانية المعروفة جورجيت جبارة بتقديم الجوائز للفائزين، عرض شريط قديم مصور لها، ترقص فيه على أنغام البزق يعزفها الموهوب الراحل مطر محمد. كما شارك في هذا الحفل الشاعر زاهي وهبي بإلقاء إحدى قصائده.

وكانت مفاجأة نهاية الحفل، عند توزيع الدفعة الأخيرة من الجوائز، هي غياب عدد غير متوقع من الفائزين، فلم يحضر وجدي الأهدل من اليمن، وقيل إنه تعذر دخوله إلى لبنان لأسباب سياسية، كما تغيب نجوان درويش من فلسطين لسبب لم يعرف، ولم يحضر منصور الصويم من السودان، ومثله أحمد سعداوي من العراق، وفايزه غوين من الجزائر. وبطبيعة الحال وكما كان معلوما سلفا فإن علاء حليحل وعدنية شلبي، لم يحضرا لأنهما من فلسطيني 48. ورغم أن السلطات الإسرائيلية سمحت لحليحل بحضور الاحتفالية، فإن الوقت على ما يبدو كان أضيق من أن يتمكن من الحصول على سمة دخول من السلطات اللبنانية التي لا تمنح تأشيرات لحاملي الجنسيات الإسرائيلية من الفلسطينيين إلا في حالات خاصة.