جامعات لبنان تستقبل الطلاب العرب في الفروع النظرية.. وكلية الحقوق قبلة الكويتيين

السعوديون والسوريون أكثر المسجلين في الجامعة اللبنانية ـ الأميركية.. وجدل أكاديمي لبناني ـ كويتي حول «المعايير» و«السياحة»

الطلاب السوريون والسعوديون يحتلون أعلى نسبة من الطلاب العرب المسجلين في الجامعة اللبنانية الأميركية (أ.ف.ب)
TT

فتح البيان الذي أصدرته وزيرة التعليم العالي الكويتية الدكتورة موضي الحمود، وحظرت من خلاله تسجيل الطلاب الكويتيين، ولا سيما الذين يحصلون على منح دراسية في الاختصاصات الأدبية وكلية الحقوق اللبنانية الرسمية، الباب على جدل أكاديمي لبناني - كويتي من جهة، وعلى حضور الطلاب العرب في الجامعات اللبنانية بشكل عام من جهة أخرى. ففي حين ردت رئاسة الجامعة الرسمية على هذا القرار ببيان قاسي اللهجة يتهم الطلاب الكويتيين بأنهم يأتون إلى لبنان من دون توجيه مسبق ويصبحون «مجرد سياح يثقلون كاهل الخزينة الكويتية بلا فائدة ويقعون ضحية مكاتب توهمهم بإمكانية تسهيل نجاحهم في الجامعة، والدليل على ذلك أن معظمهم مسجلون في كلية الحقوق والعلوم السياسية ونسبة نجاحهم تكاد تكون معدومة»، يبدو أن المشكلة تنحصر بشكل خاص في كلية الحقوق التي وصل عدد الكويتيين فيها إلى 600 طالب بعدما وجدوا سهولة في الانتساب إليها من دون الخضوع إلى مباراة دخول لينسحب الأمر في ما بعد على عدم حضورهم صفوف الجامعة وبالتالي الرسوب المحتم.

وفي حين أشار البيان اللبناني إلى تأكيد الجانب الكويتي على احترام الجامعة اللبنانية وشهاداتها في مختلف الاختصاصات، اعتبر أن القرار لا علاقة له بالثقة في الجامعة وكفاءة خريجيها إذ أنه لم يشمل الكليات التطبيقية التي تعتمد مباراة الدخول لمتابعة الدراسة فيها. ولفت إلى أن القرار المتخذ مؤقت ريثما تنظم دولة الكويت شؤونها باعتماد ترتيبات جديدة خاصة بإرسال الطلاب ورعايتهم من المكتب الثقافي الكويتي بالتنسيق مع الجامعات اللبنانية المعنية، حرصا منها على التعاون مع الكويتيين والحد من تدفق المئات من الطلاب الفاشلين الذين يحملون الخزينة الكويتية أعباء مادية بلا فائدة.

مع العلم أن المشكلة التي تواجه الطلاب الكويتيين في الجامعة اللبنانية، وفي كلية الحقوق بشكل خاص، لا تجد لها مكانا في صفوف الطلاب الكويتيين والعرب بشكل عام الذين يتابعون دراستهم في كليات الجامعة اللبنانية الأخرى والجامعات الخاصة التي تتطلب النجاح في مباراة دخول تخولهم الانتساب إلى الجامعة.

وفي هذا الإطار، يقول الملحق الثقافي في السفارة السعودية الدكتور أيمن مغربي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «300 طالب سعودي يدرسون في الجامعات اللبنانية هذا العام موزعين على 4 جامعات حددت بناء على تاريخها الأكاديمي العريق، وهي الجامعة الأميركية واللبنانية الأميركية والجامعة العربية والجامعة اللبنانية. ونحو 65 في المائة من هؤلاء الطلاب هم من الذين استحقوا منحة من بلدهم ومتفوقين في دراستهم». وعما إذا كانت السعودية تواجه أي مشكلات مماثلة لتلك التي تواجهها وزارة التربية الكويتية مع طلابها في لبنان، يؤكد المغربي عدم وجود أي مشكلات للتسرب الجامعي في صفوف الطلاب السعوديين في لبنان الذين يتوزعون في معظمهم على اختصاصات كليات الطب والصيدلة والتجارة. ويلفت المغربي إلى أن هناك طلابا سعوديين درسوا على مقاعد الجامعة اللبنانية وحصلوا على شهادات عالية منها من دون أن يواجهوا أي مشكلات أكاديمية.

وفي حين تعذر الاتصال بمديرة المكتب الثقافي الكويتي في بيروت منى الغيص للوقوف على رأيها في الموضوع، عزا رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر سبب المشكلة التي يواجهها الطلاب الكويتيون في الجامعة اللبنانية وبشكل خاص في كلية الحقوق التي وصل عددهم فيها هذا العام إلى 600 طالب، مسجلين فقط في السنة الأولى، إلى عدم تنظيم الموضوع من قبل المكتب الثقافي الكويتي في لبنان ووزارة التعليم العالي في الكويت، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن هؤلاء يقعون في فخ المكاتب التي تعمل في الكويت على إيهامهم بأنها ستساعدهم على النجاح في كلية الحقوق وهذا ما لن يحصل، والدليل على ذلك أنه في السنة الماضية كان مسجلا في الكلية نفسها نحو 400 طالب كويتي وبالكاد نجح منهم طالب أو اثنان». ويضيف: «لغاية الآن، لا نزال بانتظار الإجراءات التي سيقوم بها المكتب الثقافي الكويتي من خلال اعتماد ترتيبات جديدة خاصة بإرسال الطلاب ورعايتهم بالتنسيق مع الجامعات اللبنانية». ويشير شكر إلى أن المشكلات التي واجهها المكتب الثقافي الكويتي مع طلابه الذين يحصلون على منح ولا يقومون بواجبهم الأكاديمي لا يواجهه طلاب عرب آخرون.

من جهته، يلفت مسؤول قسم الطلاب في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت الدكتور طارق نعواس إلى أن الطلاب السوريين والسعوديين يحتلون أعلى نسبة من الطلاب العرب المسجلين في الجامعة وأن أبرز الاختصاصات التي يختارونها هي العلوم السياسية والتجارة وهندسة الكومبيوتر، إضافة إلى الهندسة والصيدلة وجميعهم يتقيدون بنظام الجامعة.

كذلك لا يختلف وضع الطلاب العرب في جامعة بيروت العربية عن زملائهم في الجامعات الخاصة الأخرى، وإن اختلفت توجهاتهم قليلا بين الاختصاصات التي يختار منها العراقيون الحقوق والكليات الإنسانية بالدرجة الأولى فيما يرتكز اختيار السعوديين على كلية الطب. ويلفت مسؤول قسم الطلاب في الجامعة محمد حمود إلى أنه وبعد تحول نظام الدراسة في الجامعة إلى التشديد على الحضور وإلغاء نظام الانتساب الذي كان متبعا سابقا صار الطلاب يلتزمون أكثر في التقيد في حضور الصفوف، مشيرا إلى أن الملحقين الثقافيين في سفارتي السعودية والعراق من أبرز المهتمين بشؤون طلابهم ويتابعون أوضاعهم باستمرار. ويلفت شكر إلى أن عدد الطلاب العرب في كليات الجامعة اللبنانية التطبيقية لا يتعدى في كل الاختصاصات 200 طالب، وذلك نظرا إلى أنها تتطلب امتحان دخول يرتكز على برنامج الصفوف الثانوية التي تختلف بدورها عن البرامج المعتمدة في معظم مدارس الدول العربية، لذا فيكثر عدد هؤلاء في الكليات التي تفتقد إلى هذا الشرط.

ومن الكويت، بينت مصادر أن قرار وزارة التعليم العالي الخاص بإيقاف ابتعاث الطلبة الكويتيين إلى بعض الجامعات يأتي بهدف ضبط عملية الابتعاث الأكاديمي من قبل الحكومة الكويتية وعبر وزارة التعليم العالي، وأن هذا القرار داخلي ولا يعني بأي شكل التقليل من شأن أي مؤسسة أكاديمية لبنانية أو غيرها.

وأضافت المصادر التي شرحت لـ«الشرق الأوسط» الإجراءات المتبعة لعملية الاعتراف ومتابعة المستوى الأكاديمي أن الكويت سبق لها أن قررت خلال العامين الماضي والجاري إيقاف الابتعاث بشكل مؤقت إلى مدارس ومعاهد وجامعات في البحرين والأردن ومصر والهند والفيليبين وعلى مستويات دراسية وتخصصات مختلفة، بهدف إعادة النظر في مستوى التعليم الذي يتلقاه الطلبة الكويتيون مما يعود بالسلب على مستواهم الأكاديمي والتعليمي وينعكس لاحقا على مستواهم المهني، خصوصا مع وجود ملاحظات على مستوى بعض المعاهد والجامعات وبشكل غالب التابع منها للقطاع الخاص في بعض الدول.

وزادت أن قرار وزارة التعليم الكويتية إيقاف الاعتراف بأي جامعة أمر فني ويخضع لمعيارين وهما جودة البرامج الدراسية للجامعة، والتي إن كانت ضعيفة قد يصل الأمر إلى حد منع القبول فيها بشكل دائم حتى يتحسن مستواها الأكاديمي، والثاني تكدس الطلبة الكويتيين في الجامعة، وزيادتهم على 50 طالبا وبمختلف المستويات والتخصصات الدراسية، مما يؤدي إلى إيقاف القبول فيها بشكل مؤقت إلى أن يقل العدد، بالإضافة إلى تغيير نوع الدراسة فيها من الانتظام إلى الانتساب وهو النظام غير المعترف به رسميا في الكويت.

وعن الجامعة اللبنانية، نقلت المصادر أن عدد الكويتيين ارتفع خلال عامين من 50 إلى 400 طالب، وهو ما أدى إلى توجه وفد من وزارة التعليم العالي إلى بيروت لحث القائمين على الجامعة إيقاف قبول الكويتيين ممن يسجلون دون الرجوع إلى الوزارة والملحق الثقافي، إلا أن المطالبات الكويتية لم تجد لها أذنا صاغية، فلجأت الكويت إلى إيقاف الاعتراف بالجامعة لحين تقليل عدد الدارسين، كما أن هذا القرار جاء بعد الجلوس وبحث القضية مع إدارة الجامعة، وأيضا تم توضيح ذلك لوزير التربية اللبناني بعد لقائه الملحق الثقافي الكويتي لدى بيروت وأن المسألة تنظيمية وإدارية ومثل هذا القرار يجب التعامل معه على أنه قرار سيادي لدولة الكويت، ولا يجب النظر إليه على أنه موقف رسمي للدولة من لبنان.

وسبق لوزيرة التعليم العالي الدكتورة موضي الحمود أن صرحت للصحف الشهر الجاري أن قرار إيقاف ابتعاث الطلبة الكويتيين إلى بعض الجامعات يأتي لحماية الطلبة ومصالحهم في أي بلد، رافضة تصريحات لبنانية تتعلق بمستوى وأداء الطلبة الكويتيين، ومنها ما اعتبرهم سياحا أكثر منهم طلبة، والذي اعتبرته وصفا غير لائق ومساسا بالطلبة الكويتيين.