«سفينة النور» السعودية ترسو على ضفاف نهر هوانج بو الصيني.. وتفتح خيمتها للزوار

شاشة عرض تنقل زوار «إكسبو» شنغهاي إلى مناطق المملكة المختلفة

«سفينة النور» بعد اكتمال بنائها الذي جاء بشكل انسيابي رشيق مستوحى من إبريق الكنز في التراث الصيني
TT

فتح الجناح السعودي، المشارك في معرض «إكسبو» العالمي 2010 في شنغهاي، أبوابه تجريبيا أمام الزوار، الذين تنقلوا في رحلة كاملة تعرفوا من خلالها على مناطق السعودية وثقافاتها من خلال شاشة عرض شبه دائرية مقعرة تبلغ مساحتها 1600 متر مربع، محاطة بسير متحرك يقف عليه الزوار. 30 نخلة زرعت من حوله، وأكثر من 35 نخلة صناعية أخرى تعتلي سطحه الذي تتوسطه خيمة.

ومع الافتتاح التجريبي لجناح السعودية، بدأ الزوار في التوافد على الجناح الذي يعد ثاني أكبر مبنى بعد الجناح الصيني، بعد أن تم تصميمه على شكل سفينة أطلق عليها اسم «سفينة النور» موجهة إلى مكة المكرمة تأكيدا لوضوح الرؤية والاتجاه، بشكل انسيابي رشيق مستوحى من إبريق الكنز في التراث الصيني الذي يمثّل الازدهار والفأل الحسن.

ويشهد العالم غدا السبت مع بداية شهر مايو «أيار» المقبل، انطلاق فعاليات معرض «إكسبو» العالمي 2010، المقام على ضفاف نهر هوانج بو في شنغهاي، ثاني أكبر المدن الصينية بعد بكين، ويعتبر الأضخم في تاريخ المعارض الدولية حيث تشارك فيه أكثر من 200 دولة وعدد كبير من المنظمات الرسمية المختلفة والشركات العالمية، وتستمر فعالياته لمدة ستة أشهر حتى نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول)، تحت شعار «مدينة أفضل، حياة أفضل».

وتقوم شاشة العرض في الجناح برحلة مدهشة تأخذ الزوار لآلاف الكيلومترات، يجوبون خلالها مناطق السعودية المختلفة ويستعرضون أهم معالمها ويتابعون تطورها على مختلف الأصعدة العمرانية والصناعية والاقتصادية، من خلال السير المتحرك الذي يمر فوق شاشة عملاقة على مساحة 1600 متر مربع، وتعتبر من أكبر الشاشات من نوعها على مستوى العالم، والأكثر تقنيةً وتطورا.

وأوضح القائمون على الجناح السعودي لـ«الشرق الأوسط» أنه تم تجهيز شاشة العرض بنظام صوتي متطور يجعل الزائر يتعايش مع اللقطات والمشاهد المعروضة، مبينين أن العمل على إعداد هذا الفيلم القصير استمر شهورا، ليتم اختيار أفضل اللقطات والمشاهد التي تعكس حقيقة التنوع والتطور والتنمية التي تعيشها السعودية.

ولقد تم تصميم الجناح هندسيا ليستهلك قدرا أقل من الطاقة، ليقدم بذلك مثالا على أهمية ترشيد استهلاك الطاقة، لمستقبلٍ أفضل وعالمٍ مزدهر. ويعد الجناح ثاني أكبر جناح في موقع متميز مطل على نهر هوانج بو، حيث رست «سفينة النور» على حديقة الصداقة السعودية - الصينية التي مزجت في تصميمها بين عدة عناصر تقليدية في كلٍ من المملكة العربية السعودية والصين.

وتزينت جدران الجناح بالزخارف الإسلامية الأصيلة إشارة إلى مكانة الدين في حياة السعوديين وأنه الباعث الحقيقي للتطور والازدهار والتنمية، وجاءت محتوياته منسجمة مع حكمة الصحراء وحياة المياه ورخاء الواحات، لتعكس بذلك التنوع الثقافي والجغرافي والتقدم التنموي الذي تعيشه السعودية.

وقال القائمون على الجناح السعودي المشارك إن جناح المملكة في «إكسبو» 2010، بُني ليدوم ويكون جسرا للتواصل مع الشعب الصيني بشكل خاص، ومع شعوب العالم بشكل عام، يتعرفون من خلاله على ثقافة البلاد وتاريخها وموروثها الشعبي، حيث سيقدم الصورة الصحيحة والواضحة للشعب السعودي وثقافته.

وتوقع القائمون على الجناح السعودي أن يتجاوز عدد الزوار 7 ملايين زائر على أقل تقدير، مضيفين أن فناء المعرض يحوي ساحة للعروض الفولكلورية والثقافية، زودت بكل التجهيزات الفنية واللوجستية المطلوبة لإقامة العروض الفولكلورية، التي تعكس التنوع الثقافي والتباين في الموروث الشعبي بين سكان المناطق المختلفة في السعودية، مع المحافظة على الوحدة في القيم والمعتقدات والمنطلقات الوطنية.

وذكروا أن الواحة العربية على سطح «سفينة النور»، تعد نهاية المطاف، بعد ذلك يصعد زوار الجناح السعودي إلى السطح، حيث تفاجئهم خيمة بدوية تتربع بين نخيل باسق، تمثل طرفا من بساطة حياة البدو، بعيدا عن تعقيدات الحياة المعاصرة والحداثة في فضاء مفتوح لا سقف له.

وعلى الجهة المقابلة من نهر هوانج بو، أقامت اللجنة المنظمة لمعرض «إكسبو» 2010، ميدانا لأفضل التجارب الحضرية، إذ شاركت السعودية بتجربتها الرائدة في توفير مئات الآلاف من الخيام المخصصة الآمنة في منطقة منى، لاستيعاب أكثر من مليوني حاج كل عام، خلال أيام قلائل يؤدون فيها مناسك الحج. وقد تم تزويدها بخدمات غذائية متكاملة، ومرافق لتوفير المياه وأنظمة الصرف الصحي، ومراكز الإسعافات الأولية والخدمات الطبيّة، ووسائل النقل المختلفة. وتم اختيار مشروع خيام منى بخدماتها وتجهيزاتها من ضمن أفضل 55 نموذجا للتجارب الحضرية من بين 226 على مستوى العالم للمشاركة في معرض «إكسبو» 2010.

يشار إلى أن الدورة الأولى لمعرض إكسبو أقيمت عام 1851 في لندن، تحت اسم «معرض الصناعات الدولي»، حيث عرض البريطانيون أكثر من 100 ألف قطعة من المنتجات الصناعية التي طوروها خلال الثورة الصناعية. ومنذ ذلك الوقت تمت إقامة عشرات المعارض على فترات منتظمة، وفي كل دورة عُرضت وسُجّلت إنجازات وتطورات العصر والحداثة التي حققتها الدول المشاركة ولا سيما إنجازاتها في مجالات العلوم والتكنولوجيا والثقافة والفنون والإنشاء المعماري وحياة الناس وغيرها من المجالات المختلفة.

ولقد كان معرض «إكسبو» خلال دوراته المختلفة منطلقا لكثيرٍ من الأفكار والإنجازات البشرية المتميزة، ففي «إكسبو» نيويورك عام 1964 نشأت فكرة حديقة ديزني، كما أن برج إيفل الشهير الذي يعتبر رمزا من رموز باريس، قد بني بمناسبة «إكسبو» باريس لعام 1889.

ومن المتوقع أن يشهد معرض «إكسبو» لهذا العام في دورته الـ41 كثيرا من المفاجآت والإنجازات البشرية غير المسبوقة.