دار أزياء «بريوني» تنجو من الأزمة الاقتصادية.. والفضل لأثرياء العالم

صنعت أغلى بدلة رجالية في زمن الأزمة الاقتصادية بـ 43 ألف دولار

نجا «بريوني» من الأزمة الاقتصادية العالمية بل زادت أرباحه قليلا (أ.ف.ب)
TT

حقل المعركة بدا واضحا هذه الأيام: هل تتغلب الأزياء الراقية الباهظة التي تعطي الرجل الحديث صورة رسمية وكأنه مدير مسؤول مسرف في شركة تجارية عادت إلى النهوض بعد أزمة مالية قاسية، أم تتراجع أمام الأزياء الرياضية المريحة غير الرسمية التي توحي بروح الشباب المقتصد والانفتاح الثقافي والوداعة؟

إذا مررت في شارع الأزياء العالمي ومقصد السياح ومركز الغواية للتبضع وإرضاء رغبات التأنق في روديو درايف بلوس أنجليس أمام دكان بيت الأزياء الإيطالية «بريوني» ستجد أن المعركة قد حسمت لصالح البدلات الرجالية الرسمية والقمصان البيضاء أو الزرقاء الفاتحة وربطات العنق الحريرية والأحزمة الجلدية الفاخرة والأحذية الإيطالية المريحة. نجا «بريوني» من الأزمة الاقتصادية العالمية بل زادت أرباحه قليلا منذ عام وبقي مع دار «هيرميز» الفرنسية للمنتجات المكلفة بما فيها المنديل الحريري بسعر 5 آلاف دولار ودار «فان كليف» للمجوهرات على رأس الثلاثي الغالي الثمن الذي لا تهزه ريح انهيار البنوك أو أزمات الدولار واليورو أو إفلاس الشركات وانكماش الأسواق. أنتج «بريوني» في العام الماضي أغلى بدلة رجالية في التاريخ بسعر قياسي بلغ 43 ألف دولار، والفضل في بقائه وحمايته من العواصف يعود إلى أثرياء العالم – وخاصة في أميركا – حيث قلصوا من مصاريفهم مؤخرا لكنهم لم يخفضوا من مستوى معيشتهم في زمن الركود، ناهيك عن أناقتهم وصورتهم ومفهومهم الخاص عن اللباس اللائق في أماكن العمل أو الترفيه.

تتحدث الأوساط المالية في الولايات المتحدة منذ فترة عن مساعي بنك «بي إن بي باريبا» الفرنسي الإيطالي وفرعه النشط في الولايات المتحدة للبحث عن ممول يشارك في ربع رأسمال «بريوني» للتوسع في افتتاح فروعه الجديدة في استانبول وسان بطرسبورغ في روسيا ولوغانو بسويسرا، علما بأن لديه 88 متجرا في كافة مدن الولايات المتحدة التي تبيع أزياءه ومنتجاته عن طريق مخازن «ساكس فيفث أفينيو» أو «نيمان ماركوس» بالإضافة إلى الحوانيت الحصرية باسم «بريوني» في نيويورك ولوس أنجليس.

افتتح «بريوني» فرعا جديدا في العام الماضي في زغرب بكرواتيا بالإضافة إلى دبي ونيودلهي وماكاو وكان بجنوب فرنسا وله ثلاثون فرعا باسمه خارج إيطاليا وعدد مماثل في داخلها ومقره العام في روما.

بدأ «بريوني» نشاطه لأول مرة في العاصمة الإيطالية عام 1945 حيث أنشأ الخياط نازارينو فونتيكولي دكانه مع شريكه الممول غيتانو سافيني، واستلهم اسمه من جزر بريوني الجميلة في كرواتيا (إحدى جمهوريات يوغوسلافيا السابقة) التي جعلها المارشال تيتو مركز إقامته البحرية وضيافته للرؤساء أمثال عبد الناصر.

وكانت الجزر منتجعا للنبلاء والأثرياء في العشرينات والثلاثينات مثلما كانت الحال أيام حكم الإمبراطورية النمساوية الهنغارية. صار «بريوني» المكان المفضل لتفصيل البدلات الرجالية لرؤساء الجمهورية والوزارة في إيطاليا وكذلك للسفراء المعتمدين فيها وللطبقة الارستقراطية الإيطالية، واكتشف نجوم هوليوود العمالقة في الخمسينات أمثال كلارك غيبل وجون وين وغاري كوبر دكان «بريوني» في شارع برباريني بوسط روما وعرفوا معنى التفصيل المتقن والانتباه إلى كافة التفاصيل في فن الخياطة الرفيعة، فتبعهم أغنياء أميركا منذ ذلك الحين وما زالوا حتى الآن وآخرهم ثري العقارات في نيويورك دونالد ترمب الذي يعتبر «بريوني» ماركته المفضلة، ويشاع أن أحد أثرياء الخليج اشترى مائة بدلة جاهزة من فرع «بريوني» في روديو درايف تكلف كل منها 5 آلاف دولار حين أقام في ضاحية بيفرلي هيلز الراقية، كما أننا رأينا بدلات بريوني في أفلام جيمس بوند منذ عام 1995 حين ارتداها الممثل بيرس بروسنان، ويقال إن زعيم عصابة المافيا الأميركية جون غوتي قد سبقه إلى ذلك. رافقت نجاح «بريوني» في الأعوام الأخيرة مديرة الإبداع في الدار كريستينا أوريتز لكنها انتقلت مؤخرا إلى دار «فيراغامو» ويبدو منذ أيام أن مصمم الأزياء الشاب من نابولي أليساندرو ديل أكوا سيخلفها في هذا المنصب وسيصمم بدلة رجالية يسميها «بدلة السلطة والقوة» وربما سيبدل في عام 2011 العديد من منتجات الموضة النسائية التي أضافها بريوني إلى إمبراطوريته منذ عقدين.

ستحتفل دار «بريوني» هذا العام بذكرى 65 سنة على إنشائها، ويقول مديرها أندريا بيروني «السر هو أن منتجاتنا تتحدى الزمن، والمهم هو العزم والعناد على تجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية.. الخياطون المهرة لدينا ليسوا مسنين في العمر يستعملون نظارات التكبير كما قد يتبادر للبعض، فهم شباب يتخاطبون بالهواتف النقالة الذكية ويتابعون تطورات الموضة واتجاهاتها الموسمية والأقمشة الحديثة المرغوبة». ويردف قائلا «نبعثهم إلى أميركا وغيرها من البلاد ليدربوا المختصين هناك ويعطوا الصورة الحديثة الصحيحة عن مؤسستنا، وأفضل دعاية لنا هي كلام الناس بين بعضهم عن جودة بضائعنا» إنما هناك من يقول «من الأفضل شراء 52 بدلة بسعر 800 دولار لكل منها على شراء بدلة واحدة بمبلغ خيالي يصل إلى 43 ألف دولار لأنني أريد أن ألبس بدلة جديدة كل أسبوع لمدة عام كامل»!

* «بريوني».. أرقام وحقائق

* تبلغ تكلفة البدلة المفصلة حسب الطلب نحو 7900 دولار، بينما يتكلف إعداد طاقم رجالي كامل نحو 30 ألف دولار.

* كبير خياطي دار «بريوني» في بيسكارا بإيطاليا قام بخياطة بدل 10 رؤساء حكومة على مدى الـ20 عاما الماضية.

* دار «بريوني» لديها 65 محلا حول العالم.

* تركيب «كتافة» (القطعة المبطنة على الكتف) يستغرق في ورشة الخياطة 15 دقيقة.

* 1100 عامل وخياط يعملون في أتيليه «بيروني» في بيني دي بيسكارا بإيطاليا.