الفيلة تغزو شوارع لندن

استعراض شارك فيه عدد كبير من الفنانين ومصممي الأزياء في بريطانيا

استعراض الفيلة في شوارع لندن (تصوير: حاتم عويضة)
TT

قد يلاحظ المارة في شوارع لندن الرئيسية بدءا من هذا الأسبوع وجود مجسمات لأفيال صغيرة ملونة على الطرقات، وهو أمر لا يعد مستغربا وخاصة أن العاصمة البريطانية تزخر بالأعمال الفنية الموضوعة في الساحات العامة كما تحتضن عددا لا يستهان به من المعارض في الهواء الطلق. ولكن ابتداء من هذا الشهر سيضاف إلى تلك المعارض آخر يستمر لمدة ثلاثة أشهر ولا يقتصر وجوده على مكان واحد بعينه بل تنتشر معروضاته في عدد كبير من الشوارع والساحات العامة في العاصمة وبهذا يصبح أكبر حدث في الهواء الطلق تشهده لندن.

الأفيال الملونة مصنوعة من الفايبر غلاس وتوجد أمام المتاحف الكبرى مثل «فيكتوريا أند ألبرت» و«متحف التاريخ الطبيعي»، أو أمام المتاجر الكبرى مثل «هارودز» الذي وضع أكثر من مجسم أمام بواباته الأساسية. كما يلحظ المرء وجود الكثير من تلك المجسمات الرائعة في ميدان ترافالغر أو في شوارع كوفنت غاردن الصغيرة والمليئة بالمتبضعين.

وعلى الرغم من أن المار بأي شارع من شوارع العاصمة البريطانية يكاد يكون متوقعا لأي شي، فما أكثر العروض والأشخاص الذين يتخذون من الشوارع والميادين مسارح خاصة لهم، يعرضون فيها إنتاجهم ومواهبهم، فإن وجود تلك الأفيال، خاصة وأنها صنعت بشكل بديع وقام فريق من الفنانين بزخرفتها والرسم عليها، مما أعطى كل منها شكلا مميزا متفردا، جعل من الصعب على أي مار أن يتجاهل هؤلاء الزوار الصامتين على الطرقات.

الظاهرة، والتي أطلق عليها اسم «استعراض الفيلة» هي تقليد سبقه من قبل «استعراض البقر» في شوارع لندن وغيرها من المدن الأوروبية، التي شهدت أسرابا من البقر الملون في طرقاتها وساحاتها. الاستعراض تنظمه جماعة «إليفانت فاميلي» مع بلدية لندن الكبرى، ويهدف إلى تسليط الضوء على قضية تعرض الأفيال الآسيوية للانقراض عبر وضع 250 فيلا ملونا في شوارع العاصمة البريطانية هذا الصيف. وتأسست منظمة «إليفانت فاميلي» وهي أكبر منظمة خيرية للعناية بالأفيال في العالم عام 2002 عندما زار مؤسسها مارك شاند، وهو أخو كاميلا باركر بولز زوجة الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، الهند ولمس الوضع المتردي الذي تعيش فيه الأفيال هناك. وتعمل «إليفانت فاميلي» مع «وورلد لاند ترست» وجهاز الحماية الفطرية في الهند من أجل منح الأفيال أماكن خاصة للعيش بسلام.

ويقول مسؤولو المنظمة إن هناك نقصا حادا في الاهتمام بالحياة الفطرية ولهذا فإن مبادرة مثل استعراض الفيلة تعد فرصة كبيرة لإلقاء الضوء على المشكلة ورفع الوعي بقضية الأفيال وأيضا جمع التبرعات من أجل الحفاظ عليها من الانقراض.

وقامت المنظمة بدعوة الفنانين للمشاركة في الحملة بتزيين كل فيل والرسم عليه لتحويله إلى قطعة فنية جميلة تضيف اللمسات الجميلة لأركان الشوارع والحدائق وتحول الحدث إلى أضخم معرض فني في الهواء الطلق تشهده لندن. وتتغير شخصية كل فيل حسب الرسومات التي تزينه وحسب المكان الذي يقف فيه، فالفيل الموضوع خارج السفارة الهندية يحمل رسوما هندية خالصة مستوحاة من التراث والفن الهندي، وأما الفيل الموضوع خارج متحف التاريخ الطبيعي فيحمل رسومات لطيور وأشجار، فيما يتحول الفيل الموضوع أمام «هارودز» إلى قطعة من الألوان المتماوجة كثنيات قطع القماش وتلمع من خلاله أنياب الفيل المطلية باللون الذهبي وهو ما يتماشى مع أفخر متاجر الأزياء العالمية.

وبالإضافة إلى الفنانين شارك عدد من مصممي الأزياء في الرسم على الأفيال منهم المصمم تومي هيلفيغر وأليس تمبرلي وماثيو ويليامسون ولولو غينيس وديان فون فيرستنبيرغ وجون روشا، وذلك دعما لرسالة الجمعية وهدفها لإنقاذ الأفيال الآسيوية.

الطريف في الاستعراض الذي أضاف الكثير من الحياة إلى شوارع لندن المزدحمة هو أن تلك الأفيال ستطرح للبيع في المزاد العلني وبالتالي سيصبح في مقدور أي شخص الحصول على قطعة فنية بديعة وإن كانت ضخمة بعض الشيء لوضعها في منزله فالفيل يصل طوله إلى متر ونصف. تتوقع المنظمة أن تجمع مبلغ مليوني دولار لتبدأ به حملتها لإنقاذ الأفيال في الهند والتي من المتوقع أن تتكلف 10 ملايين جنيه إسترليني. ولهذا تطمح المنظمة لبيع كل فيل بما لا يقل عن 500 جنيه إسترليني.

المزاد يقام على جلستين في «تشيلسي رويال هوسبيتال» في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) القادمين وبهذا تستمتع شوارع لندن بأفيالها على مدى ثلاثة شهور.