صحيفتان عربيتان تتوقفان عن الصدور.. والأمم المتحدة تدين قتل الصحافيين

في اليوم العالمي لحرية الصحافة

عقدت منظمة اليونيسكو مؤتمرا لمهنيي وسائل الإعلام تحت عنوان «حرية الإعلام حقنا أن نعرف» في بريسبن (أستراليا) (أ.ف.ب)
TT

ترافق الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة مع إعلان صحيفتين خليجيتين الانسحاب من الساحة الإعلامية، في حين ترددت معلومات عن لجوء الكثير من مؤسسات الإعلام المكتوب والمرئي إلى إجراءات تقشف للتمكن من الاستمرار.

فقد اختارت صحيفة «أوان» الكويتية التي لم يتجاوز عمرها العامين ونصف العام، الاثنين الماضي لتعلن التوقف عن الصدور لأسباب اقتصادية قاهرة، كما أوضح رئيس تحريرها محمد الرميحي في مقال وداعي. ليشير إلى أن الصحيفة حاولت في الفترة السابقة «أن تقدّم عملا إعلاميا مهنيا ومتوازنا لخدمة شعبنا ومصالحه».

أما صحيفة «الوقت» البحرينية فقد أصدرت بيانا رسميا لتعلن أن جهود الجمعية العمومية لم تفلح في استمرار إصدار الصحيفة لذا كان قرار تصفية الشركة حسب القوانين والأنظمة.

وكان الإعلام اللبناني قد شهد العام الماضي عمليات صرف بالجملة، وذلك عندما أعلنت صحيفة «النهار» عن صرف 80 شخصا بين إعلاميين وفنيين ومصورين وإداريين، بغية الحد من الهدر وتحديث فريق العمل، الذي يضم عددا كبيرا من كبار السن، كذلك تم الاستغناء عن 140 موظفا في «المؤسسة اللبنانية للإرسال». واختلط في حينه «الصرف السياسي» بـ«الصرف المهني» مع التغييرات التي غيرت المعادلات والتحالفات التي تتأثر بها حكما المؤسسات الإعلامية.

وفي حين يشبه البعض الصحافة الورقية في الغرب بـ«الأفيال تمضي إلى مقابرها»، يبقى أن صحف في العالم العربي لن تعاني التأثير ذاته، وذلك لأسباب تتعلق بنسب الأمية وأوضاع الإعلان ونسبة النفاذ إلى الإنترنت والمستوى الاقتصادي وبعض القيم الثقافية المتعلقة بالنظر إلى المطبوع على أنه منتج ذو قيمة على عكس الإلكتروني.

لكن هل يمكن القول إن الصحافة المكتوبة تعيش مرحلة العد العكسي مع وجود ما ينافسها، سواء في سرعة إيصال الخبر أو في تقديم الخبر مجانا؟

يقول أستاذ الإعلام في الجامعة اللبنانية الدكتور علي رمال لـ«الشرق الأوسط»: «لا نستطيع أن نعلن العد العكسي لحياة الصحافة المكتوبة بالمطلق. لكن المؤسسات التي لم تنتقل إلى استراتيجيات على مستوى التحديات الاقتصادية لن تملك القدرة على الاستمرار». ويضيف: «الاتجاهات الإعلامية العامة أصبحت مجانية من خلال الإعلام الإلكتروني، لذا يجب على الصحف أن تجد لنفسها موارد تدفع الناس إلى شرائها. عليها مثلا أن تباشر الاستثمار في بناء قواعد معلومات وفي تقديم خدمات إعلامية وتفاعلية وتوظيفية واقتصادية وصحية وما إلى ذلك من قيمة مضافة. وإذا لم تدخل إلى هذا المجال لا تستطيع أن تستمر. والأمر لا يقتصر على الإعلام العربي، إنما ينطبق على الإعلام المكتوب أينما كان».

ويشير إلى أن «الوظيفة الإعلامية التقليدية تحتاج إلى وعي ضرورات المرحلة مع دخول عالم المصالح على خطها، وإن وجب عليها الحفاظ على هامش الحياد والمهنية والموضوعية والحرية. فالقارئ لن يشتري صحيفة ما لم تقدم له أكثر مما يمكنه الحصول عليه مجانا من الإنترنت». ويعتبر أن «الفردية هي الخطر الأكبر على المؤسسة الإعلامية. فالمؤسسات يجب أن تعتمد التجمعات لحماية نفسها وتبني جدوى اقتصادية جديدة لتنوع أسواق استهلاكها وخدماتها».

وعن الإعلام الرسمي المملوك من السلطة، يقول رمال: «هذا الإعلام له وظيفة سياسية ترتبط بالسلطة القائمة. بالتالي هو إنفاق حكومي خارج عن إطار الأزمة الاقتصادية. لكن إلى أي مدى يقطف ثماره؟ الواضح أن مثل هذا الإنفاق غير مجد نتيجة وجود الإعلام الآخر غير الرسمي والمنفتح والمجاني. ربما يجدر بالمسؤولين عن هذا الإعلام إعادة تقويمه».

وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قدم رسالة لمناسبة اليوم العالمي للصحافة جاء فيها: «تشكل حرية التعبير أحد حقوق الإنسان الأساسية وتكرسها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. غير أنه وفي العالم أجمع، حكومات وجهات في السلطة، تجد الكثير من الوسائل للتضييق عليها. فهي تفرض ضرائب مرتفعة على الصحافة المكتوبة، مما يجعل أسعار الصحف باهظة لدرجة تجعل الناس عاجزين عن شرائها، والإذاعات والمحطات التلفزيونية المستقلة ترغم بالقوة على التوقف عن العمل إذا ما انتقدت سياسات الحكومة. وسيف الرقابة لا يستثني الفضاء الافتراضي الحاسوبي، فيمنع استخدام الإنترنت ووسائط الإعلام الجديدة». وعلى صعيد الاحتفالات باليوم العالمي لحرية الصحافة، عقدت منظمة اليونيسكو مؤتمرا لمهنيي وسائل الإعلام تحت عنوان «حرية الإعلام: حقنا أن نعرف» في بريسبن (أستراليا).

وشرحت المديرة العامة لليونيسكو ايرينا بوكوفا أن اختيار الموضوع العام لهذه السنة، ينطلق من مبدأ يقتضي من المنظمات والحكومات أن تعمم ما لديها من معلومات وتسهل الاطلاع عليها لأي شخص يريدها، وذلك استنادا إلى حق الجمهور العام في أن يكون على دراية بالأمور.

وتسلم بوكوفا جائزة اليونيسكو «غيلرمو كانو» العالمية لحرية الصحافة لعام 2010 إلى الصحافية في مجال التحقيقات مونيكا غونزاليس موخيكا، التي واجهت الديكتاتورية في تشيلي. وأدان بان كي مون «عمليات القتل». وقال إنه يصر «على محاكمة مرتكبيها. وعلى الحكومات كافة واجب حماية العاملين في وسائط الإعلام. ولا بد لهذه الحماية من أن تشمل التحقيق في الجرائم التي تستهدف الصحافيين ومحاكمة مرتكبيها فالإفلات من العقاب يعطي المجرمين والقتلة الضوء الأخضر ويقوي ساعد من لديه ما يخفيه. وهو، على المدى الطويل، يقوض المجتمع ككل شيئا فشيئا ويزرع الفساد فيه».