أكلات مميزة في تظاهرة «التراث الغذائي» في تونس

الشمال الغربي التونسي اختلطت أكلاته مع الساحل

إقبال على الكسكسي بالقرنيط («الشرق الأوسط»)
TT

تمكنت تظاهرة التراث الغذائي التي نظمتها الغرفة الفتية الاقتصادية بتونس من جلب جماهير غفيرة من مختلف أحياء العاصمة التونسية. جاء معظمهم للاطلاع على الأكلات المميزة لكثير من مناطق البلاد، والوقوف على الاختلافات بين منطقة وأخرى، ومقارنة ما تنتجه المطابخ التونسية مع مطابخ من بلدان أخرى على غرار إندونيسيا وروسيا والمغرب وكوريا وكندا والهند ولبنان. هذه البلدان التي شاركت في هذه التظاهرة أضفت عليها طابعا تنافسيا مميزا، إلا أنها قدمت على التظاهرة بأطباق مختلفة جعلت المقاربة في معظم الحالات غير جائزة.

كسكسي بالشبتية، كسكسي البرزقان، بركوكش بالقرنيط، أكلة «المكبوبة»، وطبق «الخبيزة» وغيرها من الأكلات التراثية كانت حاضرة بقوة ضمن فعاليات هذه التظاهرة التراثية. أكلات الشمال الغربي التونسي اختلطت مع أكلات الساحل التونسي وأكلات مناطق الجنوب. عادات وتقاليد عريقة ترافق هذه الأكلات على غرار اللبلابي التركي والكسكسي البربري والحلويات الأندلسية كالتي أصبحت بمرور السنين من المكونات الأساسية للمطبخ التونسي الذي أصبح يجمع بين النكهة المتوسطية والجذور البربرية والتحويرات العربية.

التظاهرة التي انتصبت في حديقة «البلفدير» الواقعة وسط العاصمة التونسية كانت فرصة للوقوف على المخزون التراثي الغذائي التونسي ومميزاته التي تغافلت عنها الأجيال الجديدة وانساق معظمها نحو الأكلات السريعة والخفيفة التي كما عبر عن ذلك إخصائيو التغذية الحاضرون لا تسمن ولا تغني من جوع. ولعل التساؤلات التي شملت مصادر الأكلات ومكوناتها واختلافاتها من منطقة إلى أخرى تشير لاهتمام التونسيين بالرجوع إلى كثير من العادات الغذائية التي أثبتت الأيام مدى تلاؤمها مع الصحة ومحافظتها على القوة والعافية لقربها من الطبيعة الإنسانية.

تظاهرة التراث الغذائي تأتي في إطار احتفالات تونس بشهر التراث الذي تستعرض فيه كل سنة ما يميز البلاد من خصوصيات سواء على مستوى المأكل أو المشرب أو كذلك الملبس.

حول هذه التظاهرة الغذائية التي تحصل لأول مرة في تونس العاصمة وفي حديقة البلفدير بالذات، قال الطاهر الغربي المختص في التغذية إن التراث الغذائي يعبر عن جزء مهم من هوية الشعوب وذلك لما يعكسه من أبعاد ثقافية واجتماعية وصحية، والواجب أن يتم توثيق كل المعلومات الخاصة بالأكلات التونسية التراثية حتى لا يتم إتلافها بمرور الزمن أو يقع السطو عليها من بقية مطابخ العالم والادعاء بكونها من تراثها الغذائي.

عبد الستار عمامو، مختص في التغذية والتراث الغذائي، قال إن كثيرا من التأثيرات الغذائية العالمية نجدها في الأطباق التونسية، وهذه التأثيرات تتراوح بين البربرية والعربية والفارسية والأندلسية والأوروبية، مما أفرز بعض الغموض على مستوى خصوصيات وتسميات الأكلات التقليدية وظهور بعض الخلط في مكوناتها. وأكد عمامو أن رجوع العائلات التونسية العادات الغذائية المتداولة والأكلات التقليدية ذات الفوائد الغذائية التي لا تحصى ولا تعد، يعتبر صحوة صحية حقيقية بالنسبة للأجيال التونسية، إذ من المعروف أن الأكلات التونسية التقليدية لا تعتمد في معظمها على الزيوت المشبعة والمواد الكيماوية والمنتوجات المحورة جينيا، وهو ما يجعلنا مصدرا ثابتا للصحة والعافية وطول العمر دون مشاكل صحية تذكر.

تظاهرة التراث الغذائي أظهرت خصوصيات المطبخ التونسي باعتبار أن معظم الأكلات التقليدية المكونة له تعتبر بمثابة القيمة الثقافية والغذائية التي تسهم بشكل فعال في الدعاية للسياحة التونسية إذا ما اعتمدت على المكونات الغذائية التونسية، واحترمت المقادير المتوارثة عن الجدات، وراعت عند إحضارها الطرق التقليدية المتداولة عبر الأجيال، وابتعدت عن مظاهر الخلط التي أصبحت ترافق الأكلات الغذائية وأصبحت تجمع الأضداد في طبق واحد.